المرضى فى معهد الكبد ينتظرون العلاج في الوقت الذي ينتظر فيه أكثر من ثمانية ملايين مريض طرح المثيل المصري للسوفالدي في الأسواق.. فإن هناك حالة من التخبط يشهدها سوق الدواء المصري وتهدد بعرقلة طرح الانتاج المصري الكفيل بتغطية السوق بالسعر المناسب والسرعة الكافية. الأزمة سببها صدور قرار من اللجنة الفنية لمراقبة الادوية بوزارة الصحة بالزام الشركات التي ستتولي انتاج المثيل المصري للسوفالدي باجراء تجارب سريرية تضاف إلي تجارب التكافؤ الحيوي التي أجرتها الشركات.. وقررت اللجنة ان تتم التجارب علي 1000 مريض مع متابعتهم بالتحاليل وتسجيل البيانات والاشراف الطبي.. القرار يلزم الشركات المصرية بإجراء تجارب علي 1000 مريض كشرط للإنتاج الشركات : يرفع التكلفة 25 مليون جنيه.. واستمراره يعني انسحابنا الصحة : السوفالدي عقار جديد .. وهدفنا حماية المريض الوزارة تبرر القرار بأن العقار جديد دخل مصر بمجرد انتاجه.. وان الدراسات ضرورة لضمان حماية المرضي.. أما الشركات فتري ان القرار تعجيزي يضع العراقيل ويتسبب في تأخير إنتاج العقار المصري الذي لن يتجاوز سعره 2670 جنيها.. وأن المريض المصري لن يجد أمامه سوي المنتج الأجنبي الذي يصل سعره إلي 14940 جنيهًا.. وهو ما يعني ان القرار سيخلي السوق أمام عقار الشركة الاجنبية.. .. وربما تشاركها الكعكة.. شركة أو شركتان من الشركات المصرية الكبري التي ستقبل تحمل هذه التكاليف الاضافية مقابل إخلاء السوق المصري أمامها من عشرات الشركات المصرية !! وكانت وزارة الصحة والسكان قد أعلنت منذ أكثر من شهرين أن البدائل المصرية تخضع للرقابة الصارمة من قبل وزارة الصحة.. وأنها خضعت لدراسات استثنائية للتكافؤ الحيوي أثبتت كفاءتها ووعدت الوزارة المرضي أنه بحلول مايو المقبل سيكون هناك مخزون كبير للسوفالدي بالأسواق وسيتراوح السعر بالصيدليات بين 2400 جنيه إلي 2700 جنيه للعبوة. لكن الأزمة بدأت -في صمت- منذ أكثر من شهر حينما طالب مركز اليقظة الدوائية التابع لوزارة الصحة برئاسة د. عمرو سعد.. شركات الأدوية ال19 التي تمت الموافقة لها بتسجيل المثيل المصري للسوفالدي.. بضرورة إجراء وتقديم دراسة علي 1000 مريض استخدموا السوفالدي.. ووافقت اللجنة الفنية لمراقبة الأدوية بوزارة الصحة علي اقتراح مركز اليقظة.. وتم ارسال خطاب للشركات موجه من اللجنة الفنية وموقع من مقررة اللجنة د. هبة نبيل ومدير عام التسجيل د. نهلة حافظ يقضي بالزام كل شركة بإجراء الدراسة علي 1000 مريض مع اشتراط تقديم بروتوكول الدراسة والموافقة عليه من خلال مراحل تسجيل المستحضر.. لضمان التنفيذ بمجرد الحصول علي اخطار التسجيل.. - الشركات المصرية فوجئت بالقرار.. ورأت أن هذا الاجراء تعجيزي يضع العراقيل ويتسبب في تأخير الإنتاج المصري ويقضي علي الأمل في قلوب ملايين المرضي المنتظرين للمنتج المصري الرخيص الذي لن يتجاوز سعره 2670 جنيها.. وأكدت أن هذا القرار لن يخدم سوي مصالح الشركة الأجنبية المنتجة للعقار والتي تطرحه في السوق المصري بسعر 14940 جنيها.. وقد يخدم أيضا مصالح شركة او شركتين فقط يمكن ان تكون لديهما القدرة علي كل هذه التكاليف!! وكانت حالة التخبط قد بدأت.. حينما تم السماح لاول شركة منتجة للبديل المصري منذ شهر بطرح أول دفعة من العقار ثم عادت وزارة الصحة وسحبتها بهدف توفير مخزون استراتيجي جيد!! وفي اطار التخبط أيضا..اكتشف المسئولون فجأة أن العقار سوفالدي عقار جديد.. وانه في حاجة لاجراء تجارب سريرية علي الاف المرضي قبل السماح بانتاجه..رغم ان وزارة الصحة سمحت بعلاج أكثر من 40 الف مريض بالعقار الأمريكي – من خلال مراكز الكبد - منذ سبتمبر الماضي دون اجراء مثل هذه الدراسات عليهم. حماية المريض أولا ■ في البداية.. ما هو سر قرار اللجنة الفنية بوزارة الصحة ؟ - يقول دكتور حسام عبد الغفار المتحدث الرسمي لوزارة الصحة ان السوفالدي عقار جديد دخل مصر بمجرد انتاجه عالميا.. لذلك كان لابد من اضافة التجارب الاكينيكية علي 1000 مريض وهدفنا الوحيد في ذلك هو حماية صحة المريض المصري.. وهذه الدراسات تطبق في كل انحاء العالم علي العقاقير الجديدة.. وقرار اللجنة الفنية لم يستثن أي شركة.. والشركة التي طرحت انتاجها بالفعل تعهدت باجراء الدراسة.. أما الادعاء بأن هذا الاجراء سيأتي لصالح الشركة الاجنبية الأم.. فهو ادعاء مرفوض قد ألزمنا الشركة الام ايضا باجراء الدراسة علي 4000 مريض وليس 1000 فقط.. وقلنا اننا سنمنح الشركات عاما كاملا لتنفيذ الدراسة.. والا يتم سحب الترخيص. وعن عدم قدرة الشركات علي تحمل التكاليف الباهظة.. قال : القرار لا يلزم الشركات بتحمل تكلفة العقار.. ولكن تكاليف التحاليل والاشراق الطبي وتحليل المعلومات والبيانات.. وتتم حاليا دراسة الأمر في الجهات التابعة للوزارة.. وبالتأكيد سيكون هناك حوار للوصول إلي أفضل الحلول لصالح المريض المصري. ولكن لماذا ترفض الشركات المصرية قرار اللجنة الفنية ؟ - يقول الدكتور أحمد العزبي رئيس غرفة صناعة الدواء ان هذا القرار ليس له مبرر..وأن دراسات التكافؤ الحيوي التي التزمت بها الشركات والتي نلتزم بها في انتاج جميع العقاقير السابقة كافية تماما لأنها تثبت أن فاعلية الدواء المصري مثل الأجنبي.. وأضاف مؤكدا « وجود البديل المصري لعقار سوفالدي.. هو مطلب شعبي.. لأنه لا يوجد بيت في مصر يخلو من فيروس سي.. وهناك بالفعل ملايين المرضي في انتظار البديل المصري لأن سعره مناسب مقارنة بالأجنبي الذي يفوقه بستة أضعاف ثمنه.. فلماذا نضع العراقيل.. ونعطل الانتاج ؟!.. لقد اجتمعت الشركات التي حصلت علي ترخيص انتاج السوفالدي.. وأعددنا مذكرة لوزير الصحة بهذا الشأن.. وفي انتظار رده « شرعي.. ولكن !! - أما الدكتور جمال الليثي رئيس مجلس ادارة احدي شركات الدواء وعضو غرفة صناعة الدواء فيبدأ حديثه مؤكدا ان الشركات المصرية لا تخترع مادة فعالة بل تستورد المادة الفعالة وتصنعها في عبوات كمنتج محلي.. وأن في مصر 13 ألف دواء تقوم الشركات المصرية بانتاجها بعد الالتزام باجراء تجارب التكافؤ الحيوي فقط..ويضيف مؤكدا : « نحن نعلم أن عقار سوفالدي مختلف.. لأنه دخل مصر بمجرد انتاجه عالميا.. وبالتالي فلا يزال يخضع لمرحلة تجارب ما بعد التسويق.. ورغم ان الشركة الأم المنتجة هي المسئولة أساسا عن اجراء هذه التجارب.. الا اننا نري ان مطلب وزارة الصحة باجراء هذه التجارب هو مطللب شرعي.. ونحن كشركات مصرية مستعدون للمساهمة.. ولكن بما لا يسبب خسائر ويضربنا في مقتل. خسائر بالملايين ■ ومن أين تأتي الخسائر؟ - ببساطة شديدة فان الزام كل شركة باجراء التجارب علي 1000 مريض يعني زيادة تكلفة الانتاج علي كل شركة من 25 مليون جنيه إلي 50 مليون جنيه علي أقل تقدير.. فالشركة ستتحمل اجراء 3 تحاليل بي سي آر للمرضي بتكلفة 1500 جنيه للمريض الواحد.. بالاضافة إلي تحمل تكلفة شركة متخصصة في تحليل المعلومات بتكلفة عشرة ملايين جنيه..وهناك تكاليف الاطباء المشرفين علي الحالات وبعضهم طلب منا عشرة الاف جنيه للمريض الواحد.. واجمالي كل ذلك يفوق العشرين ملايين بالاضافة إلي أننا قد نتحمل تكلفة جرعات العقار التي سيعالج بها 1000 مريض محل الدراسة - وهو ما أكده لنا د. عمرو سعد مدير مركز اليقظة الدوائية حينما اجتمع بالشركات لابلاغها القرار في بداية صدوره. كل هذه التكاليف الباهظة ستضاف إلي التكاليف الاساسية المتمثلة في شراء المادة الخام وتكاليف الانتاج والتشغيل والعمالة وغيرها.. فأين هي الشركة التي تستطيع تحمل كل هذه التكاليف.. والأهم من ذلك ان أرباح الشركات من هذا العقار يستحيل أن تغطي هذه التكاليف الباهظة.. خاصة أننا ملتزمون بسعر مخفض للمريض المصري.. بالإضافة لوجود منافسة بين 19 شركة منتجة بما يعني وفرة المعروض وعدم استئثار شركات بالانتاج.. وبالتالي فالارباح لن تكون كبيرة.. والحقيقة ان هذا القرار كان مفاجأة للشركات خاصة ان وزارة الصحة ولجنة الفيروسات كانت لها مبادرة رائعة في توفيرالسوفالدي في مصر بمجرد انتاجه عالميا.. بل وقدمته ايضا لالاف المرضي علي نفقة الدولة.. والاصرار علي هذا القرار بصورته الحالية سيهدد توافر الانتاج المحلي. مذكرة للوزير ■ والحل ؟ - يقول الدكتور جمال الليثي : اجتمعت الشركات التي حصلت علي الموافقة علي الانتاج وعددهم 18 شركة يوم 23 فبراير الماضي وقمنا باعداد مذكرة لوزير الصحة قلنا فيها اننا مستعدون للمساهمة في هذه التجارب بما لا يزيد عن 70 او 80 مريض فقط.. علي ان تحدد الوزارة مراكز تتبعها للإشراف علي هذه الدراسة من خلال مرضي هذه المراكز وأطبائها.. وان الشركة التي يثبت عدم فاعلية عقارها تكون ملتزمة بإعادة ثمن الدواء للمركز.. وقلنا اننا فوجئنا بقرار اللجنة وانه يفوق امكانياتنا وإذا كان هناك اصرار علي تنفيذه فسنعتذر عن الانتاج !! إحجام الشركات نفس المعني يؤكده الدكتور اسامة رستم عضو الغرفة ونائب رئيس شركة دواء من اكبر الشركات المصرية وهي ايضا من بين الشركات التي تقدمت للتسجيل.. يقول د. أسامة: «للأسف قرار اللجنة يعني باختصار تعجيز للشركات المصرية.. سيؤدي بلاشك لاحجامنا عن الانتاج.. وأقول هذا وأنا أمثل شركة كبري من أكبر شركات الدواء الوطنية.. فماذا سيكون الحال بالنسبة لباقي الشركات».. ويضيف قائلا : «فيروس سي.. من أكثر الأمراض انتشارا في مصر.. وانتاج الدواء محليا ضرورة لا غني عنها اذا كنا جادين في القضاء علي المرض خلال وقت قصير.. وقد كان لوزارة الصحة ولجنة الفيروسات الكبدية دور ايجابي في توفير وطرح عقار سوفالدي بالسوق المحلية في نفس توقيت طرحه بالسوق الامريكية والاوربية.. والوزارة تعاقدت علي 220 الف عبوة تكفي 70 ألف مريض.. لكن وجود الانتاج المحلي هو الضمان الوحيد لتوفير كميات كافية من الدواء بسعر مناسب للمريض المصري.. وخلال وقت قصير.. وأتصور أن هذا هو الهدف الذي تسعي اليه الحكومة لنجاح حملة مصر خالية من فيروس سي خلال من 5 إلي 10 سنوات.