هل يرضخ الحوثيون ويقومون بإلغاء الإعلان الدستورى؟ في خطوة يعوّل عليها في إطفاء شرّر الانقلاب الدستوري الذي نفذه الحوثيون في اليمن، وافقت الأطراف السياسية بمن فيهم منفذو الانقلاب علي استئناف المحادثات والجلوس علي طاولة المفاوضات، وهي خطوة قد تنتشل اليمن من حافة الهاوية أو تدفعه للسقوط في آتون الحرب الأهلية. وافقت الأطراف اليمنية، علي استئناف جلسات الحوار الخاصة بحل الأزمة السياسية القائمة في البلد، بعد أكثر من 3 أيام، من « الحوثيين » إعلان جماعة أنصار الله إعلانها الدستوري، الذي حلت بموجبه البرلمان، وأقرت تشكيل مجلس وطني من 551 عضواً ينتخب مجلسا رئاسيا من 5 أعضاء، يتولي الحكم لفترة انتقالية مدتها عامان. مصادر مقربة من مكتب المبعوث الاممي جمال بن عمر، كشفت عن الاتفاق الذي أبرمه مع زعيم الحوثيين، من أجل حل الأزمة التي ظهرت بعد الإعلان الدستوري، ويتضمن الاتفاق إلغاء سلطة اللجان الثورية العليا ورئيسها القيادي في جماعة الحوثيين، محمد علي عبدالكريم الحوثي (أبو أحمد).. فيما يتم استيعاب القوي غير الممثلة في البرلمان (الحوثيين والحراك... وغيرها) إضافة إلي أعضاء مجلس النواب القائم ويشكل هؤلاء المجلس الوطني. وبحسب المصادر، فإنه تم الاتفاق علي تشكيل مجلس رئاسي توافقي، بين القوي السياسية، متوقعاً « إعلاناً مكملاً » معتبرةً أن صدوره خلال أيام يلغي الاعلان الدستوري السابق. اتفاق مبدئي أفادت مصادر مطلعة بأن القوي السياسية المجتمعة مع المبعوث الأممي إلي اليمن جمال بن عمر اتفقت مبدئياً علي بقاء البرلمان وتوسيع مجلس الشوري ليشمل 300 عضو. وأضافت المصادر أن القوي السياسية وضعت اتفاقاً مبدئياً من أجل تشكيل مجلس رئاسي مكون من 7 أشخاص يمثل جميع الأطراف. وأوضحت أن الاجتماع سيستأنف لاستكمال المناقشات حول تفاصيل هذا الاتفاق المبدئي. إلي ذلك أوردت وسائل اعلام يمنية أن الاتفاق الجديد سيلغي الذي تم فرضه « الإعلان الدستوري » من قبل جماعة الحوثيين ورجحت أن يتم الإعلان عن الاتفاق النهائي خلال أيام، بعد استكمال النقاشات وترتيب كل الجزئيات الخاصة به. نفي حوثي في المقابل، نفت جماعة الحوثي عبر موقعها الرسمي علي الفيسبوك أنباء التوصل إلي اتفاق وقالت إنه لا صحة مطلقاً لما يتردد عن التوصل إلي اتفاق للإبقاء علي البرلمان المنحل كما هو وتوسيع مجلس الشوري، وأن الحوار مستمر حتي هذه اللحظات وتحت سقف الاعلان الدستوري. وكانت آخر المواقف الدولية حول الأزمة اليمنية التي لا تنفك تتعقد في ظل الانقلاب الحوثي المسلح، قد تجلت من خلال موقف الاتحاد الأوروبي الذي طالب باعتماد المبادرة الخليجية مرجعا للحوار، مطالباً الحوثيين بالإفراج عن الشرعية الممثلة في الرئيس عبد ربه منصور هادي. وكان تمسّك الحوثيين بما أطلقوا عليه الإعلان الدستوري قد عصف بالحوار الذي دعت إليه الامم المتحدة في صنعاء بمشاركة القوي السياسية كافة بما فيهم الحوثيون. وأكد ممثلو الأحزاب أن قبولهم استئناف الحوار جاء بعد منح المبعوث الأممي جمال بن عمر ضمانات بأن الحوار سيستأنف من النقطة التي انتهي إليها يوم الخميس الماضي، أي قبل إصدار الحوثيين الاعلان الدستوري واستكمال انقلابهم علي الشرعية. وهو ما رفضه الحوثيون. وشهدت الجلسة الأولي انسحاب ممثل الناصريين نتيجة تهديدات وجهها له ممثل الحوثي بالقول إن دورهم سيأتي قريباً. وسلط انسحاب حزبين الضوء علي مخاوفهما من استغلالهما كقطع شطرنج وعلي التحدي الذي يواجه مبعوث الأممالمتحدة في محاولة دفع الأطراف نحو التوصل إلي اتفاق. وقد يؤدي الفشل في المفاوضات إلي ارتفاع وتيرة العنف وإلي كارثة إنسانية وتحول اليمن إلي دولة فاشلة يمكن أن تخطفها جماعات متشددة مثل تنظيم القاعدة في جزيرة العرب. الوضع القادم في نفس الوقت لايبدو أنه سيكون للرئيس المستقيل هادي الذي وضعه الحوثيون قيد الاعتقال المنزلي دور في المفاوضات المقبلة. لكن سلفه علي عبد الله صالح الذي شن ست حروب ضد الحوثيين ومتهم الان بالتعاون معهم ضد أعدائه يواجه خيارا صعبا. ويعتقد محللون انه ساعد الحوثيين في تقويض سلطة هادي علي أمل استعادة منصبه. والان سيتعين عليه أن يقرر إن كان سيستفيد من الارتباط بجماعة الحوثيين أم لا. كما أن الخيارات الصعبة تواجه أيضا حزب الإصلاح أحد أكبر الأحزاب السياسية والغريم اللدود للحوثيين. شراكة وطنية وبالنسبة لكل الأطراف فإن الأيام المقبلة قد تكون حاسمة، فرغم سيطرة الحوثيين علي صنعاء الا انهم لايزالون حتي الآن مترددين في تولي زمام السلطة بشكل رسمي بينما سيتعين علي منافسيهم الاختيار بين التعاون معهم أو مواجهتهم. اليمن بحاجة أكثر من أي وقت مضي إلي شراكة وطنية حقيقية بين مختلف القوي والتيارات السياسية، بما يمنع أي تيار من أن يجبر علي تحويل الدولة ومؤسساتها وسياستها لمصلحته ومصلحة تحالفاته الإقليمية والدولية، وبالتالي تجنيب اليمن مخاطر صراع المحاور المحتدم في سوريا والعراق. ضمانات وحقوق الدخول في شراكة وتشكيل مجلس رئاسي لإدارة البلاد، يجب أن يكون له اشتراطات وضمانات تنقذ بقايا الدولة من السقوط في القبضة الحوثية المسلحة، وأول تلك الشروط هي انسحاب الحوثيين من العاصمة وبقية المحافظات التي يحتلونها قبل أسبوع من الإعلان عن تشكيل المجلس الرئاسي، ثم يتزامن إعلان المجلس الرئاسي مع تسليم الدفعة الأولي من أسلحة جماعة الحوثيين للدولة، ويتزامن تشكيل حكومة الإنقاذ الوطني مع تسليم الدفعة الأخري، ويتزامن الإعلان عن تشكيل الهيئة الإدارية لمكتب رئاسة الجمهورية مع تعهد الحوثي برعاية أممية بعدم اختطاف أو اقتحام منازل وممتلكات أي من المخالفين السياسيين والإعلاميين لمشروعه. أما تركهم يشترطون من سيكون رئيس الدولة القادم، وينفردون بتشكيل المجلس الرئاسي والحكومة، دون أي مقاومة هو استسلام وتبديد للحقوق