الأهالى يخلون بيوتهم جاء الدور علي سكان المرحلة الثانية من المنطقة العازلة علي حدود مصر برفح مع قطاع غزة ليخلوا منازلهم علي مسافة 500 متر أخري لتصبح المنطقة العازلة بعمق 1000متر، وهم يعلمون أن منظور الأمن القومي يتلخص في دولة حدودها آمنة غير مخترقة، وأنه إذا حذرك الجيش فاحذر وإذا أنذرك فلتتفادي غضبه. بدت الاوضاع الامنية اكثر استقراراً وتجلت سيطرة القوات المسلحة مع استمرارها في قتل ومطاردة العناصر الارهابية في كل البؤر المحتمل اختباؤهم داخلها، ورصدت رحلة «الأخبار» إلي رفح جانبا من حياة الاهالي ومعاناتهم والصعوبات التي تواجههم قبل الرحيل تنفيذا لاخلاء المرحلة الثانية من المنطقة العازلة، لنضعها امام القاريء للتعرف علي ما يحدث بالمنطقة الحدودية. حاولنا التحرك تجاة الجدار الخرساني الا ان رجال القوات المسلحة قامت باطلاق الطلقات التحذيرية تجاهنا ونصحتنا بالابتعاد عن المنطقة. ورصدت عدسة «الأخبار» عددا من المنازل البسيطة بالمرحلة الثانية عبارة عن عشش خشبية صغيرة غير مجهزة للحياة الآدمية الكريمة، تأوي عشرات الاسر، دفعنا الفضول للاقتراب منها للتعرف علي أوضاعهم الحياتية، ومدي استجابتهم لقرار اخلاء المنطقة. سيدة مسنة تعيش داخل احدي العشش، تحمل بين ملامح وجهها مظاهر الوطنية، تعشق رمال سيناء، كانت شاهدة علي حربي 67 و73، روت دماء زوجها أرض الفيزور وبعدها فقدت ابنها الاكبر في حرب رد الكرامة.. صابرت وكافحت حتي عاد اليها شعاع الامل مع استرداد أرض الفيروز.. الحاجة « عواطف حماد « تعيش في رفح الحدودية منذ أكثر من 65 عام، تتذكر أن رفح كانت مدينة الابطال المدافعين عن وطنهم ، الا أن الانفاق هددت امنها واصبحت معبرا يمر فيه كل غريب مقابل المال. وطلت علينا وجوه الارهابيين. وأكدت أن هناك موظفين تابعين للمحافظة جاءوا بالامس للاطلاع علي آراء الاهالي، وأنهت الحاجة عواطف حديثها قائلة «يا ولدي عاوزك لو شوفت ابني السيسي قوله قلبي وربي راضين عليك وربنا يحميك لمصر ويحميها ليك».. وداخل عشة صغيرة تجلس سنية مع أبنائها الاربعة الصغار وهي شاردة الذهن، تفكر في مستقبل أولادها بعد ترك المكان التي نشأت وترعرت فيه، وضعت نصب أعينها أن مصلحة الوطن فوق مصالحها الشخصية، وسبق ان فقد زوجها عمله كمزارع بعد اخلاء المرحلة الاولي، تشرد ابنها دراسياً بعد اغلاق وهدم مدرسة «التربية الحدودية»، قالت سنية إنها ستترك منزلها فوراً تنفيذا لقرار الاخلاء ولكن عقب توفير مكان آخر. تحري الدقة ولفت نظر «بعثة الأخبار» وجود رجل بلغ من العمر أرذله وكسا الشيب رأسه، وسط الأغنام والماعز، يتمتم بصوت عذب بآيات القرآن الكريم جلسنا بجواره نستمع إلي هذا الصوت الجميل، ظن أننا مندوبون من محافظة شمال سيناء، ولكن كالعادة خاب ظنه، بعد أن تجاهل موظفو المحافظة تسجيل بياناته للحصول علي شقة بدلا من عشته الخشبية التي تقع داخل المرحلة الثانية. مصاعب الرحيل وأمام احد المنازل وجدنا سيارات نقل تصطف لنقل امتعة الاسرة الشخصية، ومجموعة من الاهالي يتجمعون حول المنازل، اقتربنا وعلمنا أن بعض الاهالي يحاولون اقناع رب المنزل بعدم مغادرة منزله ، بينما يرد هو بأن علينا الوقوف مع القوات المسلحة رغم صعوبة الرحيل علينا وحدثنا قائلا لن ننتظر وقت الاخلاء، ولابد من مساعدة القوات المسلحة في حماية حدودنا وان كلفنا ذلك الرحيل الكثير من المصاعب والمتاعب واكد أن معظم أهالي المرحلة الاولي يتواجدون في المرحلة الثانية رغم حصولهم علي مقابل لمنازلهم المهدمة .وطالب بسرعة إنشاء المدينة الجديدة وسرعة تدخل المحافظة في تحديد اسعار الاراضي وايجاد حل قانوني يجنبهم استغلال سماسرة الاراضي واصحاب العقارات وناشد الحاج محمد أهالي رفح الاحتكام إلي العقل والمصلحة العليا للوطن. عناء البحث ومن جانبه قال ابو القاسم «مزارع» ان منطقة رفح الحدوية اصبحت خالية تماما من الارهابيين وان رحيل أبناء المنطقة ليس من السهل عليهم لما يكلفهم من عناء في البحث في وظائف جديدة . واشار قائلا: ان معظم الرجال هنا يعملون في مجال الزراعة والصناعة. قرر اللواء السيد عبد الفتاح حرحور محافظ شمال سيناء تخصيص سيارات لنقل أثاث ومتعلقات المواطنين مجانا من منازلهم في المرحلة الثانية بالمنطقة الحدودية برفح إلي مكان اقامتهم بدلا من استغلال سماسرة النقل ورفع قيمة النقل إلي اكثر من ضعف . وأكد المحافظ في تصريحات صحفية أنه تقرر ذلك تيسيرا علي المواطنين لنقل أمتعتهم ومتعلقاتهم ومراعاة لظروفهم.. وخاصة غير القادرين منهم.. مشيرا إلي أنه سيتم دفع عدد من سيارات النقل إلي مجلس مدينة رفح اعتبارا من اليوم وطوال الأسبوع لتكون تحت تصرف المجلس لنقل أمتعة وأثاث ومتعلقات المواطنين إلي أي مكان يريدونه مجانا، ويتواكب مع ذلك صرف مبلغ 1500 جنيه لكل مواطن سيزال منزله ضمن المرحلة الثانية في المنطقة الحدودية.. وذلك دعما لهم ومساهمة في القيمة الايجارية لايجاد مساكن بديلة عقب الاخلاء.. حيث إنه من المتوقع البدء في ازالة المباني والمنشآت المحصورة في هذه المرحلة أوائل الأسبوع التالي. وأكد المحافظ أن مدينة رفح الجديدة ستنشأ علي أحدث طراز وبما يتواءم مع كافة الأنماط والسكان.. حيث تضم مجتمعات عمرانية جديدة تناسب البيئة البدوية والحضرية، وتضم أيضا مناطق زراعية وصناعية وحرفية وخدمية في مختلف المجالات. ومما يذكر أنه سبق اخلاء المرحلة الأولي لمسافة 500 متر، وقد تم صرف مبلغ 234 مليونا و420 ألفا و790 جنيها لعدد 595 مواطنًا كتعويضات عن عدد 837 منزلا، وأنه سيتم الصرف لنحو 1200 منزل تم حصرها في المرحلة الثانية.