عم محمود يفترش الأرض ويقص صوف أحد الخرفان حياته مرهونة بالمقص.. لو توقف عن العمل.. تعرضت لقمة عيشه وحياة اسرته للانهيار.. 43 عاما هي عمره في هذه المهنه لا يعرف سواها وهي «كار»أجداده.. ورثها عنهم.. المكان هو شارع المحطة بالجيزة.. الزمان حوالي الساعه 8 مساء وسط ضجيج السيارات واصوات أقدام المارة جلس علي أحد الارصفة وامامه عدد لا بأس به من «الخرفان».. خلع نعليه.. وارتدي جلبابا وعمة وتهيأ للعمل.. اهتمامه وتركيزه علي كيفية توفير مساحة ليضع «الخروف» أمامه ويبدأ في عملية قص صوف الخروف.. صاحب هذه المهنة جزار الخرفان هو عم محمود يحيي في عقده الخامس.. بدأ عمله بعد دقائق معدوده من اعتداله في جلسته علي الارض وضع «الخروف» أمامه وبدأ في استخدام المقص الذي كان يعرف جيدا أماكن التحرك علي جسم الخروف الذي التزم السكون الواضح وهو بين يدي عم محمود الذي يعمل بهذه المهنه مع والده منذ العاشره من عمره وأورثها لأبنائه ال8.. رزق عم محمود ولقمة عيش ابنائه مرتبط ارتباطا وثيقا بهذه المهنة وفي نهاية الشهر لا يتعدي دخله ال 1000 جنيه والمفترض منه ان يوفر من خلال هذا المبلغ كل مستلزمات الاسرة حتي ابناءه المتزوجين.. عم محمود تقف وراؤه وتشد من ازره «أم العيال» التي تحلت بالصبر علي كل مشقات الحياه من أجل تربية ابنائهما.. كل ما بوسعها هو أن تدعو الله بأن يوفق زوجها في هذه المهنة.. وعلي بعد خطوات من عم محمود جلس ابنه عمرو الذي شب عوده علي هذه المهنه وما تدره من مال قليل ولكنه تعلم بسرعه فائقة وأصبح المقص لا يفارق يده طيلة عمله.. وباليد الاخري يقبض المبلغ الذي خصص لحلاقة «الخروف» وهو 3 جنيهات شاكرا الله علي الرغم من أنه لا يكفي «العيش الحاف».. اما عن باقي اشقاء عمرو فهم يمارسون المهنة في أماكن اخري لكي يدروا ما يكفي عيشتهم واسرهم التي تزيد اعباؤها يوما بعد يوم بسبب متطلبات الحياه.. عم محمود يضع ثقته بالله ولا يريد سوي ان تنظر له الحكومة بمعاش بسيط يستره من غدر الايام ويكون سندا له ولأبنائه بجانب مهنتهم التي اوشكت علي الاندثار.. أما عمرو فلم يردد سوي كلمات بسيطه وهي «الشغل مش عيب ولو اتكسفنا هنموت من الجوع» وقرر ان يعمل مع والده ليساعده في الكبر ضاربا بتعليقات جيرانه واصدقائه في الشارع الذين يتغامزون ويتلامزون عليه ليل نهار عرض الحائط وعن عشقه لمهنة ابيه واجداده يؤكد انه في بدايه عملة في مهنة حلاق «للخرفان» جرح احدهم دون قصد فمسكه والده وضربه ومسك المقص بيده وضغط علي يده وقال له : متخفش ثبت ايدك وركز في الحلاقة علشان ما تقطعش لقمة عيشنا ومن هذه اللحظه قرر ان يتقن الصنعة ويتعلمها ليساعد والده .