دموع ويليان وكأن «الكارثة» التي تعرض لها البرازيليون الثلاثاء بخسارتهم التاريخية امام الالمان (1-7) في الدور نصف النهائي من مونديال بلادهم لا تكفي، فهم مضطرون الان الي تجاوز هذه الصدمة المعنوية «المحطمة» من اجل خوض مباراة المركز الثالث. من المؤكد ان المدرب البرازيلي لويز فيليبي سكولاري ولاعبوه كانوا يفضلون «النحيب» علي ما حصل معهم في تلك الليلة المشؤومة في بيلو هوريزونتي في منازلهم وبين عائلاتهم، لكن عوضا عن ذلك هم مضطرون الي ملاقاة جمهورهم الغاضب السبت المقبل في برازيليا من اجل هذه المباراة «الشرفية» التي سترفع من حدة النقمة الجماهيرية عليهم في حال عجزوا عن تحقيق الفوز. وكيف بامكان لاعبي البرازيل التفكير بهذه المباراة وهم محطمون معنويا وكيف سيكون بامكان سكولاري الوقوف في ارضية الملعب بمواجهة جمهور كان يتطلع لتعويض ما فاته عام 1950 حين خسرت بلاده علي ارضها المباراة الحاسمة امام الاوروغواي، لكنهم وجدوا انفسهم بعد المباراة ضد المانيا امام «كارثة» وطنية حقيقية لما تعنيه كرة القدم لهذا الشعب الشغوف. اعترف سكولاري بعد الخسارة ان الاجواء في غرفة الملابس كانت «رهيبة»، فيما اشار المدافع دافيد لويز: «لقد تحدثنا جميعنا مع بعضنا البعض لكي نكون معا في هذه اللحظة (الصعبة). ورأينا التعاضد». توقع الكثيرون ان يقدم سكولاري استقالته من منصبه بعد تعرض بلاده لاقسي خسارة في تاريخها، لكن مهندس التتويج العالمي الاخير لبلاده عام 2002 اكتفي بالقول: «من هو المسؤول عن هذه النتيجة؟ انا، انا. اللوم علي هذه الخسارة يمكن مشاركته بيننا جميعا، لكن الشخص الذي اختار التشكيلة كان انا، لقد كان ذلك خياري. حاولنا ان نقدم ما نعرف، قمنا بكل ما في وسعنا، لكن واجهنا فريقا المانيا رائعا». وتابع «لم نتمكن من القيام برد فعل بعد تأخرنا بالنتيجة. حتي الالمان لن يقدروا علي رواية ما حصل، لكن هذا بسبب براعتهم ويجب ان نحترم ذلك. رسالتي الي الشعب البرازيلي هي التالية: رجاء اعذرونا علي هذا الاداء. انا اسف لعدم تمكننا من بلوغ النهائي، وسنسعي للفوز في مباراة تحديد المركز الثالث. لا يزال امامنا ما نلعب من اجله». لكن عواقب خوض مباراة المركز الثالث بوجود سكولاري قد تكون وخيمة في حال الخسارة، خصوصا في ظل الاجواء المضطربة التي سادت بعد المباراة وفي ظل التخوف من عودة المظاهرات المطلبية التي قد تغذي غضب الجمهور حيال اللاعبين والبطولة بأكملها بعدما انفقت الحكومة 11 مليار دولار علي استضافة هذا الحدث عوضا عن الاهتمام بقطاعي الصحة والتعليم. وقد شتم الجمهور رئيسة البلاد ديلما روسيف بعد مباراة «مينيرازو» كما اصبح يطلق عليها بعد ان طغت علي خيبة «ماراكانزو» وخسارة بلادهم لنهائي 1950 علي ارضهم. وترك البرازيليون مقاعدهم في ملعب «استاديو مينيراو» بعد اقل من نصف ساعة علي صافرة بداية المباراة، وذلك لان شباكهم كانت قد اهتزت خمس مرات بعدما عجز مدافعو «سيليساو» عن التعامل مع فورة الالمان الذين سجلوا اربعة اهداف في غضون ست دقائق بين الدقيقة 23 و29. اما القسم الذي فضل البقاء في المدرجات فقام بشتم اللاعبين ورئيسة البلاد وقامت الشرطة بتعزيز قواتها داخل وخارج الملعب تجنبا لاي اعمال شغب، فيما كانت الشتائم تنهال علي اللاعبين والرئيسة من خلف شاشات التلفزة ايضا وفي الساحات التي خصصت من اجل متابعة المباراة علي شاشات عملاقة. والاهانات التي وجهت الي الرئيسة روسيف تظهر ذيول التظاهرات والاضرابات والاعتصامات التي حصلت قبيل انطلاق النهائيات وحتي خلالها احتجاجا علي الوضع الاجتماعي الصعب. اما علي الصعيد الرياضي، فحتي ان اللاعبين لم يعد يهمهم ما يحصل في مباراة السبت علي غرار الظهير الايسر دانيال الفيش الذي خسر مكانه ودون اي مبرر لمصلحة مايكون، احد «الكوارث» ضد الالمان، اذ قال لاعب برشلونة الاسباني: «بالنسبة لي، الاهم كان المركز الاول. وبعدما فشلنا في احرازه، فكل شيء اخر لا اهمية له...». ماذا سيفعل سكولاري في مباراة المركز الثالث؟، جوابه كان: «احد لم يتوقع هذه النتيجة لكن يجب ان نعمل لكي نستعيد معنوياتنا». سيخلد اللاعبون الي الراحة مع عائلاتهم ليوم واحد، بحسب البرنامج المبدئي قبل كارثة «مينيرازو»، قبل العودة الي مقرهم في تيريسوبوليس من اجل معاودة التمارين. في السابق، اعتاد المدربون علي اشراك الاحتياطيين المتحفزين في مباراة تحديد المركز كشكر لهم علي مساهمتهم في حملة بلادهم في النهائيات، لكن هذا الامر مستبعد جدا مع البرازيل لانها مطالبة بالفوز وبطريقة مقنعة وممتعة لكي تنسي جمهورها خيبة الثلاثاء ولو لتسعين دقيقة ستكون بمثابة الدهر علي اللاعبين الذين سيخوضون هذه المباراة علي ملعب «ماني غارينشا» في برازيليا. ويبقي معرفة اذا كان سكولاري سيشرك برنارد مجددا بعدما زج به ضد المانيا كبديل لنيمار المصاب وسط تعجب الصحافيين المحليين والعالميين والجمهور، خصوصا ان هذا اللاعب مغمور نسبيا كونه يلعب مع شاختار دانييتسك الاوكراني، الفريق الذي تركه ويليان للتألق بالوان تشلسي الانكليزي دون ان ينفعه ذلك لاقناع مدربه في المنتخب باشراكه اساسيا حتي في ظل غياب نيمار. ومن المتوقع ان يجلس برنارد مجددا علي مقاعد الاحتياط كما حال «الكارثة» الاخري دانتي الذي بدا وكأنه هاو في قلب دفاع «سيليساو» بمواجهة رفاق الدرب في بايرن ميونيخ، خصوصا مع عودة القائد تياغو سيلفا الذي غاب عن مباراة الثلاثاء بسبب الايقاف. اما بالنسبة للعناصر الاخري مثل دافيد لويز او لويز غوستافو او «الظاهرة» فريد الذي كان حاضرا غائبا في جميع المباريات دون ان يمنع ذلك سكولاري من اشراكه اساسيا، فلا يوجد هناك اصلا البدلاء الذين بامكانهم تجنيب بلادهم «مهزلة» اخري في برازيليا.