شرعنا في المقال السابق في سرد أهم العناصر التي يطالب المجتمع الصناعي بتوفيرها استكمالاً لاستعادة القدرة التنافسية للصناعات المصرية أوردنا فيها نقطتين الأولي عن دور الحكومة والثانية تتعلق بالضرائب والرسوم. واليوم نستكمل باقي العناصر: ثالثاً: يجب علي الحكومة أن تحرص علي توفير الطاقة بصورها المختلفة الكهربائية والسائلة والغازية بأسعار تتمشي مع متوسطات الأسعار المعمول بها عالمياً والخاصة بالصناعة، إذ إنه لم يعد مقبولاً أن تتعامل الدولة مع القطاع الصناعي بزيادة الأسعار تصاعدياً مع زيادة الطلب علي الكهرباء وهو منطق معكوس لما كان يطبق من قبل من منح كبار المستهلكين أسعاراً تفضيلية تشجيعاً لدورهم في إدارة عجلة الإنتاج وتشغيل الأيدي العاملة وتوفير السلع بما يؤدي إلي استقرار الأسواق. كما يجب السماح دون إبطاء باستخدام الفحم لمن يرغب من الصناعات توفيراً للكهرباء لباقي القطاعات الأخري بجانب الاستفادة من انخفاض أسعار الطاقة المتولدة عن الفحم، وهو الأمر الذي يعطي قدراً من المساواة مع الصناعات الخارجية بالدول الأخري التي تستخدم الفحم دون ثمة تحفظ إذ أن في تقييد استخدام الفحم في مصانع الحديد والأسمنت وغيرها تقييد للقدرة التنافسية للصناعات المصرية في مواجهة المنافسة العالمية. رابعاً: يجب التزام الحكومة بمنح الميزة التفضيلية للصناعات المصرية في المشتريات الحكومية طبقاً للقانون، ولقد كفل القانون المصري ميزة تفضيلية للمنتجات المحلية في مواجهة المنتجات المستوردة أمام المشتريات الحكومية حيث حددت هذه النسبة ب 15% لصالح المنتج المحلي. ومن الواضح أن المشرع استهدف بذلك دعم الصناعات المحلية من خلال هذه الميزة التفضيلية مستهدفاً من وراء ذلك تشغيل المصانع والأيدي العاملة استجلاباً للنماء وتوفيراً للعملة الصعبة إلا أن هذا القانون بقي حبيس الأدراج بعيداً عن التطبيق العملي والفعلي في نطاقه المؤثر لفترة طالت. فمن المعروف أن المضاعف القيمي لسلعة محلية مثل المخبوزات من دقيق مصري يصل لثمانية أضعاف القيمة الفعلية للسلعة باعتبار أنها بمكوناتها ومراحل إنتاجها وتخزينها ونقلها وتصنيعها وتغليفها وبيعها تتزايد القيمة المضافة لها بتكرار التداول خلال مراحلها المختلفة، وهي ميزة اقتصادية لا تتوفر في حالة شراء المستورد. خامساً: علي الحكومة توجيه جهات مراقبة الأسواق والتفتيش علي جودة السلع والمنتجات المحلية والمستوردة وهو أمر يتكامل مع المنافسة العادلة ويصب في مصلحة بناء القدرة التنافسية للصناعات المصرية ومنها الهيئة المصرية العامة للمواصفات والجودة بالتوسع في إصدار مواصفات قياسية حديثة والإلزام بتطبيق الملزم منها لما لذلك من دوره الفعال في رفع الجودة للمنتجات الصناعية المحلية،وكذا تشجيع المصانع علي الحصول علي علامة الجودة علي منتجاتها مع توحيد رسوم استعمال علامة الجودة بما لا يتعدي ثلاثين ألف جنيه سنوياً علي سبيل المثال لحزمة المنتجات المتماثلة.إذ إنه لم يعد مقبولاً أن تتراوح الرسوم إلي عشرة أضعاف هذا الرقم مما يحد من الإقبال علي الحصول علي علامة الجودة في حالة عدم الالتزام بشريحة سعرية موحدة، كما يجب أن تؤدي مصلحة الرقابة الصناعية دورها في التفتيش علي السلع بالأسواق وفحصها والتعامل مع عدم المطابقة للمواصفات وحالات الغش التجاري بالحزم الذي يكفله القانون،وقيام الهيئة المصرية العامة للرقابة علي الصادرات والواردات بإلزام السلع المستوردة بالمطابقة للمواصفات القياسية المصرية الملزمة وأن تتعامل بالمرونة الرشيدة مع الخامات ومستلزمات الإنتاج الواردة للصناعات المصرية والمتكرر ورودها نمطياً وذلك بأن تفحصها بنظام العينات العشوائية التي تسحب من رسالة ضمن العديد من الرسائل التي تعامل نمطياً طبقاً لما جري فحصها من قبل. سادساً:قد يكون من حسن إدارة الأصول المجمدة في مصانع القطاع العام المتوقفة عن العمل أو التي جري تصفيتها أن تطرح علي القطاع الصناعي لتشغيلها تحت أحد الأنظمة التالية:الإيجار للأراضي والمصانع بتعاقدات مناسبة مع الإلزام باستغلال تلك الأراضي والمباني في أنشطة صناعية أو دراسة مبدأ طرح المصانع ومرافقها للتشغيل والإدارة بنظام حق الاستغلال أو بنظام المشاركة في العائد نظير الإدارة. سابعاً:التصدي بكل قوة وحزم لما تتعرض له الصناعات المصرية من منافسة شرسة غير مشروعة تتمثل في السلع التي تدخل البلاد خلسة عن غير طريق المنافذ الجمركية وبذا لا تؤدي عنها ضرائب جمركية حيث يقدر حجم السلع المهربة في قطاع واحد وهو قطاع المنسوجات بما قيمته 40% من المنتج المحلي بالكامل.. .. ولحديثنا بقية.