قلت إن كل ما أطلبه تفهم حقيقة ما جري في مصر، ثورة وليست انقلابا، وتفهم خصوصية المصريين.. منذ بدء تعاقدي مع دار لوسوي عام ثمانية من القرن الماضي، احدي اكبر دور النشر الفرنسية وأهمها في اصدار الاعمال الأدبية الطليعية، قدمت للعالم جارثيا ماركيز، جوزيه ساراماجو، مويان، كاميليوثيلا وغيرهم، اعتدت السفر مع صدور ترجمة جديدة لأحد كتبي، احمل للدار ذكريات جميلة حتي ان مقرها التاريخي في شارع جاكوب بالحي اللاتيني صار من اركان الحنين في ذاكرتي، ولشخصيات انتمت اليها ودعمت أعمالي، منهم الاستاذ ميشيل شودكيفتش، وهو من قدم الشيخ الاكبر محيي الدين ابن عربي الي قراء الغرب، وكلود شاركيه المدير العام الذي تلاه والسيدة آني مورفان المحررة الادبية المسئولة عن اعمالي وصاحبة مشروع اصدار سلسلة خاصة للادب العربي وقد بدأت بالفعل ويشرف عليها المترجم القدير ايمانويل فارلييه الذي يزور القاهرة الآن، من أهم اقسام الدار ذلك المعني بالصحافة المرئية والمقروءة والمسموعة، تولي الدار الاعلام اهمية كبري، اذكر من الذين تعاملت معهم الروائية اللبنانية دومينك اده وتقيم الآن ما بين باريس وتركيا، وايزابيل سوجيه التي انتقلت للعمل في دار جاليمار، وآن ماري فريو التي بلغت سن التقاعد، يمر الزمان بطيئا أو مسرعا ونفاجأ بنتائجه، من نعرفهم صاروا متقدمين في العمر، من اعتدنا العمل معهم صاروا الي التقاعد، غير أنني لا أنسي أبدا كل من دعم أعمالي، سواء في مراحل النشر أو بعد ظهورها، قبل ظهور الدفتر الثاني »دنافتدلي« من دفاتر التدوين والمكرس للقطار ابلغتني آني مورفان ان المسئولة الاعلامية عنه ستكون كارولين دوفو، وهي مستشارة اعلامية حرة، تتولي مهام محددة، قبل سفري إلي باريس ابلغتني بالبرنامج الاعلامي كاملا، وتضمن لقاءات في الإذاعة والتليفزيون والصحافة المقروءة. منذ سنوات اكتشفت ان الاذاعة لا تزال تحظي بجمهور كبير من المستمعين، خاصة «فرانس كولتير» اي الاذاعة الثقافية ويبدو ان البرنامج الثاني انشيء علي غرارها وكان مصدرا لثقافتنا في العقدين الخامس والسادس من القرن الماضي ولا اعرف اذا كان مستمرا أم لا؟ منذ سنوات لا اجده في المذياع كذلك »اذاعة فرانس انتير« و»فرانس انفو«، باريس مصدر لاذاعات عربية مثل «مونت كارلو» » فرنسا الدولية«. التقيت صحفيين من مجلة الاكسبريس، و»جون افريك« والصحف البلجيكية الناطقة بالفرنسية، والسويسرية، اضافة الي لوموند العريقة، والاومانيتيه لسان حال الحزب الشيوعي الفرنسي، قبل ثورتي يناير ويونيو كانت الحوارات ادبية تماما، تدور حول العمل المترجم، غير ان الامر تبدل الي حد ما في السنوات الثلاث الأخيرة، وكصحفي محترف اتفهم هذا جيدا، فالشأن المصري ليس محليا أو محدودا، يهم العالم، خاصة في مرحلة عنيفة وقلقة كتلك التي نمر بها الآن، استطلاع رأي المثقفين عملية مهمة تماما، بعض الحوارات كان يركز علي العمل المترجم وبالضرورة لابد من سؤال حول الاوضاع، حوارات اخري سياسية بالاساس والحديث عن الكتاب استثناء، اما نوعية الاسئلة فتختلف من صحفي الي آخر بطبيعة الحال، ولكن يمكن تبين اتجاهاتها من خلال ما سأعورض له معتمدا علي ذاكرتي، النصوص الكاملة لما ادليت به موجودة علي الانترنت، معظمها باللغة الفرنسية، وقليلها بالعربية، صاحبني مترجم تونسي الاصل، علي درجة عالية من الاحتراف والاتقان والامانة، اسمه كمال ساسي، اذن الي الاسئلة والاجابات. الانقلاب والثورة السؤال عما جري في مصر خلال يونيو ثابت، مشترك بين جميع الصحفيين، تختلف صيغه من مضمون يعكس سوء الفهم لما جري، أو الموضوعية الناقصة، ويجري استخدام لفظ الانقلاب في وصف ثورة يونيو. ماذا عن الانقلاب وكيف تري الاوضاع في مصر الآن؟ أقول: بداية أتحفظ علي مصطلح الانقلاب، ولنبدأ بترتيب الأحداث، منذ صعود محمد مرسي الي الرئاسة بدأ المصريون الذين منحوه أصواتهم أن ثمة وجوها ومشاريع كانت متوارية بدأت في الظهور، مرسي ليس إلا واجهة لرؤساء آخرين وليس رئيسا واحدا، تنظيم خارجي تنتهي إليه جميع الخيوط، التنظيم الدولي، هنا بدأ التململ ثم زاد مع اتضاح اسلوب الاخوان في الحكم، من ليس منهم لا اعتبار له، اسناد المناصب الرئيسية إلي إخوان لاخبرة لهم ولا دراية كما جري تعيين احدهم رئيسا لشركة المقاولين العرب، وتعيين مهندس مياه مسئول عن الصحافة، بينما رئيس مجلس الشوري صهر محمد مرسي، لم يمض وقت طويل حتي أقدم الإخوان علي امرين لايمكن للاحوال ان تستقيم معهما، الاعتداء علي ثقافة المصريين العميقة، اضطهاد المخالف دينا وعقيدة خاصة الاقباط الذين تعرضوا لظروف بالغة الصعوبة منها احراق تسعين كنيسة ومقتل عدد منهم ومن معتنقي المذهب الشيعي، الثاني الاعتداء علي المكونات الرئيسية للدولة، مثل المؤسسات السياسية وانشاء كيانات بديلة تمهيدا لتدمير الاساسية، تاريخيا اذا تعرضت الدولة لعدوان داخلي أو خارجي تبدأ الدفاع عن نفسها، الدولة في مصر ليست شيئا محددا انما تتصل بادق شئون البشر والنهر والشجر والحجر، كل عناصر الوجود، لقد عرفت مصر انواعا عديدة من الاحتلال بعضها اضاف الي جهاز الدولة مثل الفرنسي والانجليزي، وبعضها هدم الدولة فسادت الفوضي مثل الفارسي، قبل الميلاد والعثماني في القرن السادس عشر، لقد تزايدت اشكال الاحتجاج، وكانت أول علامة مؤثرة وبارزة من خلال الادباء والفنانين قبل ثورة يونيو بحوالي شهر، عندما تقدم عدد من الرموز الثقافية، يوسف القعيد، بهاء طاهر، صنع الله ابراهيم، ابراهيم عبدالمجيد، خالد يوسف، مجدي احمد علي، محمد هاشم، محمد العدل، فتحية العسال، وغيرهم، قاموابمسيرة احتجاجا علي تعيين شخص مغمور اخواني لاتاريخ ثقافي ولا حضور له وزيرا للثقافة، دخلوا الي مقر الوزارة ولم يخرجوا منه الا يوم الثلاثين من يونيه، في نفس الوقت كانت مجموعات الشباب من حركة تمرد تقوم بجمع التوقيعات لعزل مرسي وانهاء حكم الاخوان وحددت الثلاثين من يونيو للتظاهر، قبل هذا التاريخ باسبوعين عقدت الجمعية العمومية لاتحاد الكتاب برئاسة محمد سلماوي، حضره رموز ادب وارسل الاخوان من حاولوا افساد الاجتماع غير أن قيادة سلماوي الحازمة تصدت لهم وتم صدور أول قرار بعزل محمد مرسي من الرئاسة وسحب الثقة منه، اذن.. الادباء والمثقفون هم الذين قاموا بهذا الانقلاب إذا صح المصطلح «كنت اقول ذلك ساخرا بالطبع» في الثلاثين من يونيو انفجر الشعب المصري في لحظة من لحظاته الخاصة جدا التي يحقق فيها المبدأ المصري القديم الوارد في الكتاب المقدس لمصر الفرعونية »لخروج الي النهار« حيث ورد نص يقول » هناك عندما يصبح الكل في واحد لقد عشت مثل هذه اللحظة ليلة التاسع والعاشر من يونيو بعد تنحي عبدالناصر، ويوم السادس من اكتوبر، وفي الثلاثين من يونيو، لقد كان التحرك شعبيا عميقا، في الثالث من يوليو اعلن الفريق اول «وقتئذ» عبدالفتاح السيسي الانحياز الي الشعب، اذكر انني يوم الثلاثين من يونيو وقفت في مقر الاعتصام بوزارة الثقافة وقلت إن الشعب ادي ما عليه، خرج المصريون في مشهد اسطوري مهيب، لكن التغيير يحتاج الي قوة، اذن فلنتوجه الي الجيش للقيام بهذه المهمة، وقد نشر هذا التصريح في موقع اليوم السابع ومازال موجودا، ترتيب الاحداث يلغي تماما القول بوقوع انقلاب. ديجول والسيسي السؤال عن ترشيح الفريق أول عبدالفتاح السيسي، الا يعني ذلك حكما عسكريا؟، في لقاء آخر بدأ الصحفي قوله: انت تدعم الجيش وقائده العام، ما هي مبررات موقفك؟ أقول رداً علي السؤال الثاني انني لا ادعم الجيش أو المشير قائده العام بل عكس الوضع الذي يتصوره السائل، الجيش يدعمني كمواطن كما يدعم سائر المواطنين، وكما دعم الشعب عندما ثار علي الحكم الاخواني. السؤال عن حماسي للمشير السيسي أقول إن مصر لها ظروف خاصة في ميلاد الزعامة، لابد من توافرها حتي تتحقق، وهذه الظروف مثل الظواهر الطبيعية، مثل الشروق والغروب والرياح والمطر لا يمكن اختلاق أي منها، قبل ثورة 1919 لم يكن أحد يعرف سعد زغلول، عندما ذهب علي رأس وفد من وجوه القوم الي المعتمد البريطاني وقدم عريضة يطالب فيها بالاستقلال بعد انتهاء الحرب العالمية الاولي، اعتقلهم الانجليز، كان الباشا قرب السبعين، هكذا انفجرت زعامته وتحول الي اسطورة خاصة بعد نفيه الي جزيرة سيشيل النائية في المحيط الهندي علي سفينة تخلو من المياه النقية، منعت الرقابة اسمه من الصحف فاخترع المصريون نداء «علي البلح الاحمر» زغلول يابلح، يابلح زغلول» جمال عبدالناصر لم يصبح زعيما الا في عام 1956 بعد تأميم القناة وصعوده إلي منبر الازهر في لحظة نادرة قدر لي ان أشهدها واعلن بقاء اسرته في القاهرة وأنها لن تغادر، وان الشعب سيقاتل وكررها ثلاثا. ثورة يناير كانت قوية، شعبية، ولكن تسللت الي أحداثها شخصيات مريبة، أخطرها علي الاطلاق محمد البرادعي وبعض الشباب الذين تم تدريبهم وتصنيعهم في صربيا وسلوفاكيا وهؤلاء اكتشفهم الشعب رغم الترويج المحلي والعالمي لهم، السيسي اتخذ قرارا من أصعب القرارات في تاريخنا المعاصر عندما قرر ترجمة ثورة الشعب الي قرارات عملية وتنحية عصابة ارهابية ذات امتداد دولي ومدعومة من ادارة الولاياتالمتحدة والقوي المتنفذة في الغرب، خاطر بحياته واعلن خريطة الطريق عندماتحدث صدقه الناس، هنا ولدت زعامته. المارشال سؤال: تم ترقية السيسي الي رتبة المارشال، عن أي معركة استحق الرتبة؟ اقول: عن المخاطرة التي اقدم عليها ضد تنظيم ارهابي بطبيعته، مدعوم محليا وعربيا ودوليا لكنه مرفوض شعبيا، قرار السيسي في تقديري أهم من معارك كبري في التاريخ استحق قادتها عليها رتبة المشير، السيسي غير التاريخ وانقذ الكيان. اضافة الي تاريخه العسكري الطويل . سؤال: أي زعيم تتمني ان يكون السيسي قريبا منه؟ سعد زغلول ام عبدالناصر ام السادات؟ اقول: هناك مقولة صوفية تقول إن الانسان ابن وقته، والتاريخ لايعيد نفسه، لوعاد زغلول او ناصر فلن يصبحا كما عرفناهما، ما يتبقي من الزعامة القيمة، ناصر يستمد منه النزاهة والانحياز للاغلبية الفقيرة، سعد يتبقي منه الوطنية والصلابة، وهذه صفات اراها ويراها الشعب في السيسي، ما أريده من عبدالفتاح السيسي ان يكون عبدالفتاح السيسي، ابن وقته. لو قدر لك أن تقود القاطرة فأي قرارات تتخذ؟ اقول: هذا سؤال ينتمي الي الواقع الافتراضي، لكنني أضع تحقيق الامن كمهمة أولي، ثم الاقتصاد والتعليم، هنا أنصح بدراسة واستيعاب تجربة محمد علي في بناء الدولة المصرية الحديثة، خاصة التعليم، ثم التزام الوضوح والشفافية. أقول إن ما اطلبه من اجهزة الاعلام في فرنسا تفهم خصوصية ما يجري في مصر، العلاقة بين الجيش والشعب، خطورة الاخوان علي البشرية. هذه الاسئلة محصلة العنصر الاول في الحوارات التي جرت في باريس خلال زيارتي من الثالث الي الثالث عشر من فبراير. بعضها كان علي الهواء مباشرة في اذاعة فرانس كولتور، واذاعة فرانس انتير، الاذاعة الاخيرة امضيت فيها ساعة علي الهواء وكان معظم الحوار عن الدفتر الثاني »دنا فتدلي « المترجم فيما عدا سؤال واحد عن الوضع السياسي، منذ سنوات طويلة التقي بالاعلام الفرنسي علي كل المستويات، وللمبدع في فرنسا شأن كبير، اما الحرفية فعلي مستوي عال، لم يأتني صحفي إلاوكان مستوعبا للكتاب، موضوع المناقشة، أرائي في الصحف نقلت حرفيا، هذا يعني أن ايصال حقيقة الموقف ممكن، فقط علينا أن نختار بعناية من يخاطب الرأي العام، والافضلية للمعروفين في الغرب عبر أعمالهم، سواء كانت ادبية أو علمية، اماعن الجهد الاعلامي الرسمي فلا وجود له علي الاطلاق، الساحة خالية لاموال الاخوان التي تدفع لشركات العلاقات العامة خاصة في الولاياتالمتحدة، لكن يظل موقف الشعب المصري هو الحاسم، الواقع الحي في مصر سيقرر ما تكون عليه الصورة، هذا أصدق من أي عنصر آخر حتي وإن استغرق ذلك بعض الوقت، لقد ركزت علي مضمون ما يتعلق بالشأن العام اما دفتري الثاني وما اثير حوله فله حديث آخر. من ديوان النثر العربي رسالة الغربة للتوحيدي »2« الغريب من جافاه الحبيب، بل الغريبُ من تغافل عنه الرقيب، بل الغريب من حاباه الشريب: بل الغريب مَنْ نُودي مِنْ قريب، بل الغريب من هو في غربته غريب، بل الغريب مَنْ ليس له نسيب، بل الغريب من ليس له من الحق نصيب، فإن كان هذا صحيحاً، فتعالَ حتي نبكي علي حالٍ أحدثت هذه الهفوة، وأورثت هذه الجَفٌوة: لعَّل انحدارَ الدَّمْعِ يُعْقِبُ راحةٌ من الوَجْد أو يشفِي نَجِيَّ البلابل! ياهذا: الغريبُ من غَرَبَتُ شمسُ جماله، واغترب عن حبيبه وعُذّاله، واَغَرَب في اقواله وافعاله، وغَرَّب في ادباره واقباله، وستغرب في طِهره وِسْرباله. ياهذا: الغريب من نطق وصفُهُ بالمحنة بعد المحنة، ودَلَّ عُنوانهُ علي الفتنة َعقيب الفتنة، وبانت حقيقته فيه في الفينة حَدَّ الفينة. الغريب من ان حضر كان غائباً، وإن غاب كان حاضراً. الغريب من ان رأيته لم تعرفه، وان لم تره لم تستعرفه. اما سمعت القائل حين قال: بِمَ التعلُّل لا أهلٌ ولا وطن ولا نديمٌ ولا كأسٌ ولا سَكَنٌ هذا وصفُ رجل لحقته الغربة. فتمنَي أهلاً يأنَسُ بهم ووطناً يأوي اليه، ونديماً يَحُلُّ عقد سِرَّه معه، وكأساً ينتشي منها، وسَكَناً يتوادع عنده، فأما وصف الغريب الذي اكتنفته الاحزانُ من كل جانب، واشتملت عليه الاشجانُ من كل حاضر وغائب، وتحكَمت فيه الايام من كل جاءٍ وذاهب، واستغرقته الحسرات علي كل فائتٍ وآيب، وشتته الزمان والمكان بين كل ثقة ورائب،- وفي الجملة: أتت عليه احكام المصائب والنوَائب، وحطته بأيدي العواتب عن المراتب فوصفٌ يحفي دونه القلم، ويفني من ورائه القرطاس، وَيُشَلُّ عن تحبيره اللفظُ، لأنه وصف الغريب الذي لا اسم له فيذكر، ولا رسم له فيُشْهَر، ولاطيَّ له فينشر، ولا عُذْرَ له فيعذر، ولاذنب له فيغفر، ولا عَيْبَ عنده فيُسْتَر. هذا غريبٌ لم يتزحزح عن مَسْقِط رأسه، ولم يتزعزع عن مَهَبً أنفاسه وأغربُ الغُرباء من صار غريباً في وطنه، وأبَعَدُ البُعَداء من كان بعيداً في محلً قُرْبه، لأن غاية المجهود أن يسلو عن الموجود، ويغمِض عن المشهود، ويُغضي عن المعهود، ليجد من يغنيه عن هذا كله بعطاء ممدود، ورِفْدٍ مرفود، وركن موطود، وحَدٍ غير محدود. ياهذا: الغريب من إذا ذكر الحقَّ هُجِر، وإذا دعا الي الحق زُجِر، الغريب من اذا اسْنَدَ كُذَب، واذا تظاهر عُذَب، الغريب من اذا امتار لم ُيَمر، واذا قَعَدَ لم يُزَرْ، يارحمة للغريب، طال سفره من غير قدوم، وطال بلاؤه من غير ذنب، واشتد ضَرَرُه من غير تقصير، وعظم عناؤه من غير جدوي. الغريب من إذا قال لم يسمعوا قوله، وإذا رأوه لم يدوروا حوله، الغريب من إذا تنفَس أحرقه الاَسي والأسف، وان كتم أكْمَده الحُزْن واللَهَف. الغريب من اذا أقبل لم يُوَسّع له، واذا اعرض لم يُسألْ عنه، الغريب من ان سأل لم يُعْطَ، وإن سكت لم يُبْدَأ، الغريبُ من اذا عَطَس لم يُشَمّت، وإنْ مَرِض لم يُتفقَد، الغريب من ان زار أغْلِق دونه الباب، وان استأذن لم يُرفع له الحجاب، الغريب مَنْ اذا نادي لم يُجَبْ، وإن هادي لم يُحَب.