جَبَلَ اللهُ النفسَ البشرية علي حُب من أحسن إليها وأَلهَمَ قلوبَ أصحابِها علي التعلّق بمن تَفضَّل عليها ولاَ أَعظَم من إحسانِ الوالدين وعطفهما ورحمتهما فهي نعمة جليلة امتن الله تعالي بها علينا فهما سبب وجودنا في هذه الدنيا ولِعِظَم هذا الفضل منهما فقد قَرَنَ الله حقَّهما بحقهِ سبحانه في قوله تعالي (وَاعْبُدُوا اللَّهَ ولاَ تُشرِكُوا بِهِ شَيئاً وَبِالوَالدَينِ إِحْسَاناً) وقول الله تعالي (وقضي ربك الا تعبدوا الا اياه وبالوالدين احسانا اما يبلغن عندك الكبر احدهما او كلاهما فلا تقل لهما اف ولاتنهرهما وقل لهما قولا كريما). والبر بالوالدين إنما هو وفاءٌ لهما، جاء رجل إلي النبي صلي الله عليه وسلم يستأذنه في الجهاد فقال: أحيٌّ والداك؟ قال: نعم قال : ففيهما فجاهد أي أنك تتوقع أن يصدر بعض التصرفات التي تستوجبُ منك قبول هذه الأخلاق من والديك وهذا يعني أنك في جهاد حقيقةً، وبرِّكَ بهما إنما هو سبب لسعةِ الرزق وطولِ العمر وطريق إلي الجنة يقول النبي صلي الله عليه وسلم "الوالد أوسط أبواب الجنة، فإن شئت فأهمل هذا الباب أو احفظه ففي بقائهما سعادتك ، وفي برِّهما تتنزلُ البركات عليك فهما جنة المرء اوناره.. ونعلم أن بر الوالدين فريضة في دين الله وهذا لعظمه وأهميته فلو استغرق المؤمن عمره كله في تحصيله ما وفي والديهِ حقَّهما وفضلهما أو قام بواجبهما.