نائب رئيس جامعة بنها: الامتحانات تسير وفق الجدول وبما يحقق مصلحة الطلاب    «تعقد في الفترة الصباحية».. جدول امتحانات الصف الأول الإعدادي 2025 بالإسماعيلية    وكيل أوقاف الإسكندرية يعقد اجتماعًا موسعًا مع أئمة إدارات العامرية أول وثان وبرج العرب    رئيس اتحاد العمال: التشريعات الحديثة تعزز بيئة عمل آمنة وصحية    رئيس جامعة أسوان يتفقد امتحانات التمريض    وزير التموين يوجه بمتابعة توافر السلع وتحسين جودة الخدمة بالمجمعات الاستهلاكية    تدريب 40 سيدة من قرى الأقصر على مشروعات الملابس الجاهزة والمفروشات    محافظ الإسماعيلية يتفقد موقع النصب التذكاري بجبل مريم    إزالة 44 حالة تعدٍ بأسوان ضمن المرحلة الأولى من الموجة ال26    رئيس «اقتصادية قناة السويس» يجتمع مع وفد رفيع المستوى من قيادات «ميرسك» (تفاصيل)    فرصة أخيرة قبل الغرامات.. مد مهلة التسوية الضريبية للممولين والمكلفين    وزير الكهرباء يجتمع برؤساء الشركات لمراجعة إجراءات تأمين التغذية الكهربائية    العراق يتسلم رئاسة اجتماع وزراء الخارجية العرب ويقترح لجنة لتسوية الخلافات    حقيقة الانفجارات الشمسية وتأثيرها على الإنترنت وصحة الإنسان    مسئول تركي: نهاية حرب روسيا وأوكرانيا ستزيد حجم التجارة بالمنطقة    الأونروا تحذر من تفشي الجوع في غزة واستخدام إسرائيل المساعدات كسلاح حرب    مدة العقد وموعد أول مباراة.. الخطيب يجتمع مع خوسيه ريفيرو قبل الإعلان الرسمي    وزير الرياضة ومحافظ القليوبية يبحثان مع نواب البرلمان تطوير القطاع الشبابي    تفاصيل صدام حسام غالي مع كولر قبل رحيله من الأهلي    شبانة: تحالف بين اتحاد الكرة والرابطة والأندية لإنقاذ الإسماعيلي من الهبوط    مصرع 3 عناصر شديدة الخطورة في تبادل النار مع الشرطة بالقليوبية والإسماعيلية    موجة شديدة الحرارة.. الأرصاد تكشف حالة الطقس غدًا الجمعة (تصل ل 42 درجة)    رئيس منطقة المنوفية الأزهرية يتفقد لجان العاصمة لمتابعة امتحانات الشهادات    «النقض» تؤيد إعدام المتهم بقتل فتاة البراجيل    إحالة أوراق عامل للمفتي لاتهامه بقتل شخص والشروع في قتل 4 آخرين بقنا    اتهام عامل بهتك عرض طفلة داخل مغسلة بمنطقة بولاق    القبض على مسجل خطر لقيامه بالنصب والاحتيال على مالكة شركة أدوية بمدينة نصر    حسين فهمي: «الجونة» أعاد الروح الشبابية لمهرجان القاهرة    بعد وفاته.. من هو الفنان أديب قدورة؟    فتح باب المشاركة في مسابقتي «المقال النقدي» و«الدراسة النظرية» ب المهرجان القومي للمسرح المصري    وزير الثقافة يعتمد أسماء الفائزين بجائزة الدولة للمبدع الصغير في دورتها الخامسة    «ذاكرة النكبة لا تموت.. ودرويش شاهدها الشعري الأعظم» | تقرير    «جوازة ولا جنازة».. نيللي كريم تكشف تفاصيل فيلمها الجديد    الليلة.. "بين السما والأرض" يفتتح مهرجان SITFY-POLAND للمونودراما    أفضل طرق تقليل القلق والتوتر في فترة الامتحانات    وزير الصحة يشهد احتفالية هيئة الرقابة الصحية GAHAR    وزير الصحة: فتح تحقيق في شكوى مصاب من تغيير مسار سيارة إسعاف    «شعبة الصيدليات»: تصنيع الدواء في مصر وتصديره يغنينا عن دخل قناة السويس    زيادة رأس المال شركة التعاون للبترول إلى 3.8 مليار جنيه    النائب تيسير مطر: نكبة فلسطين جرح مفتوح فى جسد الأمة    زيلينسكى يصل تركيا لبحث فرص التوصل لوقف الحرب فى أوكرانيا    وزارة الأوقاف تنشر نص خطبة الجمعة بعنوان "حب التناهى شطط - خير الأمور الوسط"    ترامب: الولايات المتحدة تجري مفاوضات جادة جدا مع إيران من أجل التوصل لسلام طويل الأمد    جهود لاستخراج جثة ضحية التنقيب عن الآثار ببسيون    خوسيه ريفيرو يقترب من قيادة الأهلي رسميًا.. تصريحات تكشف كواليس رحيله عن أورلاندو بايرتس تمهيدًا لخلافة كولر    4 وزراء في افتتاح المؤتمر العلمي الدولي ال13 ل جامعة عين شمس    تعديل قرار تعيين عدداً من القضاة لمحاكم استئناف أسيوط وقنا    الأهلي يواجه ريد ستار الإيفواري في كأس الكؤوس الأفريقية لكرة اليد    رفع الحد الأقصى لسن المتقدم بمسابقة «معلم مساعد» حتى 45 عامًا    جامعة بنها تواصل قوافلها الطبية بمدارس القليوبية    هل يجوز لزوجة أن تطلب من زوجها تعديل هيئته طالما لا يخالف الشرع أو العرف أو العقل؟.. أمين الفتوى يوضح    وزير الخارجية يشارك في اجتماع آلية التعاون الثلاثي مع وزيري خارجية الأردن والعراق    أمين الفتوى: لا يجوز صلاة المرأة خلف إمام المسجد وهي في منزلها    أيمن بدرة يكتب: الحرب على المراهنات    فى فيديو مؤثر.. حسام البدري يشكر الدولة على عودته الآمنة من ليبيا    مؤسسة غزة الإنسانية: إسرائيل توافق على توسيع مواقع توزيع المساعدات لخدمة سكان غزة بالكامل    حكم الأذان والإقامة للمنفرد.. الإفتاء توضح هل هو واجب أم مستحب شرعًا    ريال مدريد يقلب الطاولة على مايوركا ويؤجل حسم لقب الليجا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رؤية خليجية للواقع الإقليمي


سالم الكتبى
شهدت السنوات الأخيرة تحولات إقليمية لافتة للنظر، حيث اختفت أنظمة سياسية وظهرت أخري بديلة، واشتعلت شوارع وميادين دول عربية عدة بالاحتجاجات الشعبية.
وكان لتلك التحولات نتائج وتأثيرات عدة علي الصعيد المحلي والإقليمي، كما أفرزت أيضا كما هائلا من التحليلات والجدل السياسي والإعلامي، وفتحت المجال أمام ظواهر سياسية طارئة، أبرزها الصعود السياسي اللافت للتيار الإسلامي المتشدد، وما يرتبط بهذا الصعود من ملفات مثل دور الصراعات المذهبية في الامن الاقليمي، وموقع الأقليات الدينية في العديد من دول المنطقة، فضلا عن الهوية الحضارية لتلك الدول، وطبيعة النظام القيمي والسياسي والاقتصادي فيها.
ولاشك أن موجة التحولات الإقليمية لم تكتمل بعد، بل تكاد تكون في ذروة نشاطها، وبالتالي يمكننا، كباحثين، استقصاء ما برز من هذه الظاهرة السياسية دون الانتقال إلي حد بناء تصورات قطعية حول مساراتها النهائية، لاسيما أن السنوات الثلاث الأخيرة تنطوي علي منعطفات فارقة تزخر بالتعقيدات وتشكل في مجملها مجالا حيويا للبحث والفهم والتحليل، كما أن مسارات الأحداث في الدول العربية التي شهدت تلك التحولات، لم تستقر، بل لا يزال هناك مد وجزر سياسي، وهناك صراعات، معلنة وخفية، تلعب فيها أطراف إقليمية ودولية أدوارا حيوية وتوجه الأحداث لمصلحة زعزعة الأمن والاستقرار في دول بعينها.
وبالرغم مما يقال بشأن فشل دوائر صنع القرار والمراكز البحثية بالعالم في التنبؤ بهذه التحولات، فإن واقع المنطقة يفسر كثيرا مما حدث في السنتين الأخيرتين، إذ يصعب القفز علي إحصاءات لافتة منها أن الفئة العمرية الأقل من 15 سنة تتجاوز أو تقارب 40٪ من السكان في دول عربية عدة، وهي نسبة كبيرة تفوق بمراحل نظيرتها عالميا، ولو أضفنا إلي ذلك أن هذه المعدلات العالية تواجد في اقتصادات يعاني أغلبها إن لم يكن جميعها صعوبات تنموية لا تخفي علي أحد لأدركنا قدرا ليس يسيرا من التوضيح للمأزق التنموي الحاصل في المنطقة، كما ينبغي الإشارة إلي أن معدل النمو السكاني في المنطقة العربية يقدر بنحو 6ر2 ٪ (طبقا لإحصاءات البنك الدولي 2011). مايعني بدوره أن قصور سياسات وخطط التنمية لا بد وأن يقود إلي إشكاليات معقدة علي صعيد الاستقرار الداخلي بالدول التي تعاني هذه الإشكاليات.
وهناك أمور عدة يمكن رصدها من خلال استقصاء تفاصيل المرحلة الماضية من التحولات التاريخية التي تشهدها المنطقة العربية، أولها أن هناك تيارات دينية/سياسية استلبت المشهد السياسي الحاصل، ونجحت في الإمساك بدفة الأحداث بعد انطلاقها مستغلة غياب القيادة الكاريزمية لحركات الاحتجاج الشبابية، ثم عملت بعد ذلك علي توجيه الأحداث لمصلحتها، بالتحالف مع قوي سياسية/ دينية أخري تارة، وبالتحالف مع قوي خارجية تارة أخري، وفي مقدمة هذه التيارات جماعة الإخوان المسلمين، التي أمسكت بتلابيب التحولات في المشهد السياسي المصري، وقامت بالالتفاف علي القوي الشبابية التي فجرت الاحتجاجات ضد نظام الرئيس المصري الأسبق محمد حسني مبارك، ووجهت الأمور وسخرت الدولة المصرية لمصلحة الجماعة، وتوج ذلك بالسيطرة علي أكثرية مجلس الشعب المصري المنحل عبر الانتخابات التي جرت عام 2011 ثم لاحقا الاستحواذ علي منصب الرئاسة بوصول الرئيس المعزول محمد مرسي العياط القيادي بالجماعة، إلي كرسي الرئاسة عام 2012 ثم عزله لاحقا عقب ثورة شعبية أنقذت مصر من قبضة مكتب الإرشاد.
ثمة أمر آخر هو أن التحولات السياسية الجذرية التي تشهدها بعض الدول العربية لم تنطلق من فراغ، بل كانت نتاجا لعمل سري لجماعة الإخوان المسلمين علي مدي عقود مضت منذ نشأتها عام 1928 حيث تحركت بحرية مستغلة هامش فراغ تنموي استغلته في نشر فكرها وتوسيع دائرة انتشارها، بحيث يمكن القول بأن الصعود السياسي للإخوان المسلمين في بعض دول الإقليم، لم يكن نتاجا لقوة الفكر والتنظيم، بقدر مايعود بالأساس إلي اخفاقات وفشل النظم السياسية المتعاقبة في القيام بواجباتها وتحقيق أهدافها المتمثلة في ضرورة توفير العيش الكريم بل المقبول للمواطنين في تلك الدول. ما أسهم في مرحلة تاريخية ما في بروز ماعرف بعد ذلك في الأدبيات السياسية بالتصويت الاحتجاجي، الذي وجد صدي له في معدلات الاقتراع اللافتة لممثلي جماعة الإخوان المسلمين في كثير من الجولات الانتخابية التي خاضوها.
ينبغي أيضا الانتباه إلي أن الدول العربية التي شهدت تحولات سياسية تخوض صراعا حقيقيا حول هويتها وقيم مجتمعها، فهناك صراع محتدم علي الأرض بين القوي الأصولية والتيارات المدنية، وهناك صراع مواز حول الأطر القانونية الحاكمة للمجتمع، وهل تخضع للقوانين الموضوعة أو للشريعة السماوية، وصراع ثالث حول هوية المجتمع ذاته، هل يتحول إلي نسخة مما كان سائدا قبل قرون عدة مضت أم ينتقل إلي توجه يواكب متغيرات العصر في مختلف مجالات الحياة، وربما كان ذلك هو الصراع الأكثر خطورة، كونه ينزع عن الدين الإسلامي الحنيف صفة التطور ويوصمه بالجمود الفكري والإيديولوجي، ولاشك أن حدوث تحولات في بعض الدول العربية لا يعني بالضرورة أننا في مواجهة نشاط حاد ل "دومينوز" سياسي يجتاح المنطقة، إذ أن العلم لا يقبل بالتخمينات القائمة علي اللا منطق، فالمقدمات تبشر بالنتائج، وإذا كانت نتائج الوضع الراهن في بعض الدول لها كثير من المقدمات، فإن غياب المقدمات لا يمكن بالتبعية أن يدفعنا دفعا باتجاه استنساخ النتائج، وإلا صار هناك خلل في نمط التفكير. ولا معني للقول بأن المنطقة مقبلة علي موجة تغييرات كلية، أو "تسونامي" سياسي سيطيح بأنظمتها السياسية جميعها ويستبدلها بأخري، فهذا الطرح يتكئ علي معطيات خاطئة تماما، فلا وحدة جامعة بين الظروف التنموية، ولا الاجتماعية ولا حتي هامش الحريات المتاح في دول المنطقة، ولنتذكر جيدا أن الشعار الذي رفعه المحتجون في ذروة الاحتجاجات كان "عيش، حرية، عدالة اجتماعية"، ومفردات هذا الشعار تكاد علي سبيل المثال قائمة في معظم دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، فليس هناك من ينكر أن هناك عيشا كريما وعدالة اجتماعية في توزيع الدخل بدولة الإمارات العربية المتحدة، ويبقي أن هامش الحريات المتاح في الدولة يعلو فوق نظيره في كثير من الدول ، وإن كان هذا الهامش لم يزل دون طموح البعض فلنا أن نشير إلي أن الممارسات علي الأرض لم ترتق حتي الآن إلي حد استغلال هامش الحريات المتاح في الدولة، الأمر الذي يعطي للمراقب الخارجي انطباعا زائفا بتدني سقف الحريات.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.