محافظ المنوفية يقدم التهنئة لمدير أمن المنوفية الجديد.. صور    أوقاف شمال سيناء تشارك في ندوة توعوية بعنوان: "معًا بالوعي نحميها"    ميناء دمياط يعلن وصول سفينة القمح الكندية الضخمة    بتخفيضات 30%.. محافظ كفر الشيخ يتفقد سوق «اليوم الواحد» بمطوبس    محافظ المنيا: تخصيص أراضٍ لإنشاء 20 مدرسة جديدة بمختلف المراكز    «مدبولي» يلتقي رئيس شركة «شل العالمية لأنشطة الغاز المتكاملة» (تفاصيل)    إنفوجراف| كلمة الرئيس السيسي حول الأوضاع في غزة    في إطار التحالف الوطني للعمل الأهلي.. «مصر الخير» تستعد لإطلاق قافلة مساعدات غذائية وطبية إلى غزة    إسرائيل هيوم: تقديرات إسرائيلية بأن احتلال غزة بات قريبا    «القاهرة الإخبارية»: غزة تحت نيران القصف.. والمجاعة تحصد أرواح الأطفال    لا مزيد من المجانية| ترامب يفرض على أوروبا معادلة «الحماية مقابل الدفع»    لافروف: سنواصل تنفيذ العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا وسنمنع انضمام كييف للحلف    ماستانتونو يستعد للانضمام لمران ريال مدريد    مران خفيف للاعبي المصري غير المشاركين أمام الترجي.. وتأهيل واستشفاء للمجموعة الأساسية    تراوري ينضم لمعسكر الإسماعيلي اليوم في برج العرب    بعد ضم فيليكس.. لاعب جديد من تشيلسي على أعتاب النصر السعودي    نائب رئيس اتحاد الجوجيتسو ورئيس لجنة الMMA يشهدان بطولة العالم للفنون القتالية المختلطة بالإمارات    زد يعلن انتقال محمد إسماعيل للزمالك    تحرير 119 ألف مخالفة مرورية وإيجابية عينة المخدرات ل 266 سائقًا    اندلاع حريق فى أحد المطاعم بمنطقة المنتزه شرق الإسكندرية    بالأسماء والمجموع.. أوائل الثانوية العامة علمي رياضة في جنوب سيناء    مصرع شخص صدمته سيارة تقودها طفلة وشقيقتها بإمبابة    بعد وفاة مدير أمن الوادي الجديد قبل تسلمه عمله.. نقل جثمان شرطي توفي متأثرا بالإصابة في الحادث    بيروت توّدع زياد الرحباني.. فيروز أمام الوداع الأخير لابنها | فيديو وصور    رئيس حزب الاتحاد: كلمة الرئيس السيسى أكدت أن مصر لم ولن تتأخر عن دعم فلسطين    الأعلى للإعلام: حفظ شكوى نقابة المهن الموسيقية ضد طارق الشناوي وخالد أبو بكر ومفيدة شيحة وسهير جودة    هدى المفتي تكشف: شائعة «البخت» أزعجتني نفسيًا.. ولم أتلقَ عرض زواج حتى الآن    وحدة السكتة الدماغية بمجمع الإسماعيلية الطبي تحصل على اعتماد «WSO»    ضعف المياه بشرق وغرب بسوهاج غدا لأعمال الاحلال والتجديد بالمحطة السطحية    فريق جراحة الأورام بالسنبلاوين ينجح فى استئصال كيس ضخم من حوض مريضة    السيسي: قطاع غزة يحتاج من 600 إلى 700 شاحنة مساعدات في الإيام العادية    مهرجان الإسكندرية السينمائي يكرم فردوس عبد الحميد بدورته ال 41    التنظيم والإدارة يتيح الاستعلام عن نتيجة تظلمات مسابقة ألف إمام وخطيب    لمواجهة الكثافة الطلابية.. فصل تعليمي مبتكر لرياض الأطفال بالمنوفية (صور)    حملات الدائري الإقليمي تضبط 18 سائقا متعاطيا للمخدرات و1000 مخالفة مرورية    ينطلق غدا.. تفاصيل الملتقى 22 لشباب المحافظات الحدودية ضمن مشروع "أهل مصر"    وزير الأوقاف: وثِّقوا علاقتكم بأهل الصدق فى المعاملة مع الله    الفنان محمد رياض يودع السودانيين فى محطة مصر قبل عودتهم للسودان    ديمقراطية العصابة..انتخابات مجلس شيوخ السيسي المقاعد موزعة قبل التصويت وأحزاب المعارضة تشارك فى التمثيلية    وزير الصحة: مصر الأولى عالميا في الحصول على التصنيف الذهبي بالقضاء على فيروس سي    كريم رمزي: فيريرا استقر على هذا الثلاثي في تشكيل الزمالك بالموسم الجديد    الشرطة التايلاندية: 4 قتلى في إطلاق نار عشوائي بالعاصمة بانكوك    فرقة الآلات الشعبية وكورال السويس يتألقان في رابع أيام "صيف السويس"    إسرائيل تقرر تجميد خطة "المدينة الإنسانية" في رفح    السّم في العسل.. أمين الفتوى يحذر من "تطبيقات المواعدة" ولو بهدف الحصول على زواج    حكم استمرار الورثة في دفع ثمن شقة بالتقسيط بعد وفاة صاحبها.. المفتي يوضح    مدبولي يستعرض استجابات منظومة الشكاوى الحكومية لعدد من الحالات بقطاعات مختلفة    محافظ المنيا: إزالة 744 حالة تعدٍ على الأراضي الزراعية وأملاك الدولة    الزمالك يدرس التعاقد مع صفقة رومانية.. وعائق وحيد يمنع حسمها    «الصحة» تحذر من الإجهاد الحراري وضربات الشمس وتوجه نصائح وقائية    إطلاق حملة لتعقيم وتطعيم الكلاب الضالة بمدينة العاشر من رمضان (صور)    أمين الفتوى: الصلاة بالبنطلون أو "الفانلة الداخلية" صحيحة بشرط ستر العورة    متحدثة الهلال الأحمر الفلسطيني: 133 ضحية للمجاعة فى غزة بينهم 87 طفلًا    في مستهل زيارته لنيويورك.. وزير الخارجية يلتقي بالجالية المصرية    رئيس جامعة القاهرة يشهد تخريج الدفعة 97 من الطلاب الوافدين بكلية طب الأسنان    توفير السيولة وخلق كوادر شابة مفتاح نهوض شركات المقاولات التابعة للقابضة للتشييد    أحمد الرخ: تغييب العقل بالمخدرات والمسكرات جريمة شرعية ومفتاح لكل الشرور    «تغير المناخ» بالزراعة يزف بشرى سارة بشأن موعد انكسار القبة الحرارية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رؤية خليجية للواقع الإقليمي


سالم الكتبى
شهدت السنوات الأخيرة تحولات إقليمية لافتة للنظر، حيث اختفت أنظمة سياسية وظهرت أخري بديلة، واشتعلت شوارع وميادين دول عربية عدة بالاحتجاجات الشعبية.
وكان لتلك التحولات نتائج وتأثيرات عدة علي الصعيد المحلي والإقليمي، كما أفرزت أيضا كما هائلا من التحليلات والجدل السياسي والإعلامي، وفتحت المجال أمام ظواهر سياسية طارئة، أبرزها الصعود السياسي اللافت للتيار الإسلامي المتشدد، وما يرتبط بهذا الصعود من ملفات مثل دور الصراعات المذهبية في الامن الاقليمي، وموقع الأقليات الدينية في العديد من دول المنطقة، فضلا عن الهوية الحضارية لتلك الدول، وطبيعة النظام القيمي والسياسي والاقتصادي فيها.
ولاشك أن موجة التحولات الإقليمية لم تكتمل بعد، بل تكاد تكون في ذروة نشاطها، وبالتالي يمكننا، كباحثين، استقصاء ما برز من هذه الظاهرة السياسية دون الانتقال إلي حد بناء تصورات قطعية حول مساراتها النهائية، لاسيما أن السنوات الثلاث الأخيرة تنطوي علي منعطفات فارقة تزخر بالتعقيدات وتشكل في مجملها مجالا حيويا للبحث والفهم والتحليل، كما أن مسارات الأحداث في الدول العربية التي شهدت تلك التحولات، لم تستقر، بل لا يزال هناك مد وجزر سياسي، وهناك صراعات، معلنة وخفية، تلعب فيها أطراف إقليمية ودولية أدوارا حيوية وتوجه الأحداث لمصلحة زعزعة الأمن والاستقرار في دول بعينها.
وبالرغم مما يقال بشأن فشل دوائر صنع القرار والمراكز البحثية بالعالم في التنبؤ بهذه التحولات، فإن واقع المنطقة يفسر كثيرا مما حدث في السنتين الأخيرتين، إذ يصعب القفز علي إحصاءات لافتة منها أن الفئة العمرية الأقل من 15 سنة تتجاوز أو تقارب 40٪ من السكان في دول عربية عدة، وهي نسبة كبيرة تفوق بمراحل نظيرتها عالميا، ولو أضفنا إلي ذلك أن هذه المعدلات العالية تواجد في اقتصادات يعاني أغلبها إن لم يكن جميعها صعوبات تنموية لا تخفي علي أحد لأدركنا قدرا ليس يسيرا من التوضيح للمأزق التنموي الحاصل في المنطقة، كما ينبغي الإشارة إلي أن معدل النمو السكاني في المنطقة العربية يقدر بنحو 6ر2 ٪ (طبقا لإحصاءات البنك الدولي 2011). مايعني بدوره أن قصور سياسات وخطط التنمية لا بد وأن يقود إلي إشكاليات معقدة علي صعيد الاستقرار الداخلي بالدول التي تعاني هذه الإشكاليات.
وهناك أمور عدة يمكن رصدها من خلال استقصاء تفاصيل المرحلة الماضية من التحولات التاريخية التي تشهدها المنطقة العربية، أولها أن هناك تيارات دينية/سياسية استلبت المشهد السياسي الحاصل، ونجحت في الإمساك بدفة الأحداث بعد انطلاقها مستغلة غياب القيادة الكاريزمية لحركات الاحتجاج الشبابية، ثم عملت بعد ذلك علي توجيه الأحداث لمصلحتها، بالتحالف مع قوي سياسية/ دينية أخري تارة، وبالتحالف مع قوي خارجية تارة أخري، وفي مقدمة هذه التيارات جماعة الإخوان المسلمين، التي أمسكت بتلابيب التحولات في المشهد السياسي المصري، وقامت بالالتفاف علي القوي الشبابية التي فجرت الاحتجاجات ضد نظام الرئيس المصري الأسبق محمد حسني مبارك، ووجهت الأمور وسخرت الدولة المصرية لمصلحة الجماعة، وتوج ذلك بالسيطرة علي أكثرية مجلس الشعب المصري المنحل عبر الانتخابات التي جرت عام 2011 ثم لاحقا الاستحواذ علي منصب الرئاسة بوصول الرئيس المعزول محمد مرسي العياط القيادي بالجماعة، إلي كرسي الرئاسة عام 2012 ثم عزله لاحقا عقب ثورة شعبية أنقذت مصر من قبضة مكتب الإرشاد.
ثمة أمر آخر هو أن التحولات السياسية الجذرية التي تشهدها بعض الدول العربية لم تنطلق من فراغ، بل كانت نتاجا لعمل سري لجماعة الإخوان المسلمين علي مدي عقود مضت منذ نشأتها عام 1928 حيث تحركت بحرية مستغلة هامش فراغ تنموي استغلته في نشر فكرها وتوسيع دائرة انتشارها، بحيث يمكن القول بأن الصعود السياسي للإخوان المسلمين في بعض دول الإقليم، لم يكن نتاجا لقوة الفكر والتنظيم، بقدر مايعود بالأساس إلي اخفاقات وفشل النظم السياسية المتعاقبة في القيام بواجباتها وتحقيق أهدافها المتمثلة في ضرورة توفير العيش الكريم بل المقبول للمواطنين في تلك الدول. ما أسهم في مرحلة تاريخية ما في بروز ماعرف بعد ذلك في الأدبيات السياسية بالتصويت الاحتجاجي، الذي وجد صدي له في معدلات الاقتراع اللافتة لممثلي جماعة الإخوان المسلمين في كثير من الجولات الانتخابية التي خاضوها.
ينبغي أيضا الانتباه إلي أن الدول العربية التي شهدت تحولات سياسية تخوض صراعا حقيقيا حول هويتها وقيم مجتمعها، فهناك صراع محتدم علي الأرض بين القوي الأصولية والتيارات المدنية، وهناك صراع مواز حول الأطر القانونية الحاكمة للمجتمع، وهل تخضع للقوانين الموضوعة أو للشريعة السماوية، وصراع ثالث حول هوية المجتمع ذاته، هل يتحول إلي نسخة مما كان سائدا قبل قرون عدة مضت أم ينتقل إلي توجه يواكب متغيرات العصر في مختلف مجالات الحياة، وربما كان ذلك هو الصراع الأكثر خطورة، كونه ينزع عن الدين الإسلامي الحنيف صفة التطور ويوصمه بالجمود الفكري والإيديولوجي، ولاشك أن حدوث تحولات في بعض الدول العربية لا يعني بالضرورة أننا في مواجهة نشاط حاد ل "دومينوز" سياسي يجتاح المنطقة، إذ أن العلم لا يقبل بالتخمينات القائمة علي اللا منطق، فالمقدمات تبشر بالنتائج، وإذا كانت نتائج الوضع الراهن في بعض الدول لها كثير من المقدمات، فإن غياب المقدمات لا يمكن بالتبعية أن يدفعنا دفعا باتجاه استنساخ النتائج، وإلا صار هناك خلل في نمط التفكير. ولا معني للقول بأن المنطقة مقبلة علي موجة تغييرات كلية، أو "تسونامي" سياسي سيطيح بأنظمتها السياسية جميعها ويستبدلها بأخري، فهذا الطرح يتكئ علي معطيات خاطئة تماما، فلا وحدة جامعة بين الظروف التنموية، ولا الاجتماعية ولا حتي هامش الحريات المتاح في دول المنطقة، ولنتذكر جيدا أن الشعار الذي رفعه المحتجون في ذروة الاحتجاجات كان "عيش، حرية، عدالة اجتماعية"، ومفردات هذا الشعار تكاد علي سبيل المثال قائمة في معظم دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، فليس هناك من ينكر أن هناك عيشا كريما وعدالة اجتماعية في توزيع الدخل بدولة الإمارات العربية المتحدة، ويبقي أن هامش الحريات المتاح في الدولة يعلو فوق نظيره في كثير من الدول ، وإن كان هذا الهامش لم يزل دون طموح البعض فلنا أن نشير إلي أن الممارسات علي الأرض لم ترتق حتي الآن إلي حد استغلال هامش الحريات المتاح في الدولة، الأمر الذي يعطي للمراقب الخارجي انطباعا زائفا بتدني سقف الحريات.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.