أيام قليلة وتهل علينا ذكري مولد خير الأنام محمد [ أعظم خلق الله كلهم , ذلك اليتيم الذي خرج من قلب الصحراء ليعيد الإنسانية والرحمة إلي العالم بعد أن سيطرت عليه الهمجية والقسوة. كان [ أميا فأصبح المعلم الأول للبشرية ظهر وسط قوم أجلاف ولكنه كان عظيم الخلق حتي قال عنه الخبير العليم " وإنك لعلي خلق عظيم " ففي أشد مواقف الغضب لم يبد إلا الحلم وفي أشد مواطن الإيذاء لم يبد إلا العفو والصفح رافعا أكفه إلي السماء داعيا " اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون " يروي عبد الله بن سلام قائلا : إن الله لما أراد هدي زيد بن سعفة قال زيد : لم يبق شئ من علامات النبوة إلا وقد عرفتها في وجه محمد [ حين نظرت إليه إلا اثنتين لم أخبرهما منه يسبق حلمه جهله ولا يزيده شدة الجهل عليه إلا حلما فكنت اتلطف له لأن اخالطه فأعرف حلمه وجهله فذكر - زيد - قصة اسلافه للنبي [ مالا في ثمره فلما حل الأجل - يقول زيد - أتيته [ فأخذت بمجامع قميصه و ردائه وهو في جنازة مع أصحابه ونظرت إليه بوجه غليظ وقلت يا محمد ألا تقضيني حقي ؟ فوالله ما علمتكم بني عبد المطلب لمطل قال : فنظر إليه عمر وعيناه تدوران في وجوه كالفلك المستدير ثم قال : يا عدو الله أتقول لرسول الله [ ما اسمع وتفعل ما أري ؟ فوالذي بعثه بالحق لولا ما أحاذر لومه لضربت بسيفي رأسك ورسول الله ينظر إلي عمر في سكون وتؤدة وتبسم ثم قال [: أنا وهو كنا أحوج إلي غير هذا منك يا عمر أن تأمرني بحسن الأداء وتأمره بحسن التباعة ( المطالبة ) اذهب يا عمر فاقضه حقه وزد عشرين صاعا من تمر فأسلم زيد بن سعفه وشهد بقية المشاهد مع رسول الله [ هكذا كان حلم وسعة رسول الله [ كان صادقا أمينا ينهي عن الفظاظة والعنف لذا يقول عنه المولي عز وجل " ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك " يقول له عمرو بن مرة : يا رسول الله ابعثني إلي قومي لعل الله يمن عليهم بي كما من علي بك فبعثني اليهم وقال : عليك بالرفق والقول السديد ولا تكن فظا ولا متكبرا ولا حسودا. ذلك أن الكبر والحسد والفظاظة أكثر الصفات المنفرة والتي تسبب البغضاء والشحناء بين الناس وقد كان [ مبعوثا لجمع الشتات في أمة يتعاون ابناقها ويتكافلون ويتحابون. أن قطاع من خوارج هذا الزمان فسروا كتاب الله وسنة نبيه العظيم تفسيرا مشوها فأساءوا إلي هذا الدين العظيم وأساءوا إلي صاحب السيرة بأقوالهم وأفعالهم حتي وصل بهم الأمرإلي استباحة الدماء والكذب والسرقة وقطع الطرق ,تري ما الذي سيقولونه للنبي العظيم يوم القيامة وهل سيتجرؤن علي طلب الشفاعة منه ؟!