صالح الصالحى أخيرا انتهت أول خطوة إيجابية من خارطة الطريق.. وقام عمرو موسي رئيس لجنة الخمسين بتسليم مشروع الدستور لرئيس الجمهورية المستشار عدلي منصور.. وهي الخطوة الأهم في مسيرة عودة مصر الوطن الحر. من خلال قراءة مشروع الدستور، أستطيع أن أصفها بالجيدة والحميدة.. وتستحق أن نقول »نعم« لها.. رغم أن هناك بعض الملاحظات لنا عليها.. لكن أرجع وأقول الكمال لله وحده.. لقد تأثرت كثيرا ببكاء ممثل المعاقين في لجنة الدستور.. عندما وقف إجلالا واحتراما للسلام الجمهوري.. وراح في نوبة بكاء شديدة.. تمنيت وقتها أن تنتهي خارطة الطريق علي خير.. وأن نضع مصر علي طريق الديمقراطية والعدالة.. وأن نعيدها لمكانتها التي تستحقها. وأنتهز فرصة الدستور الجديد لأوجه كلمة لوزير التربية والتعليم، لعله يكون أول من ينصاع لنصوص الدستور حتي قبل الاستفتاء عليه.. أذكره بأن هناك مبدأ دستوريا يؤكد علي المساواة وتكافؤ الفرص.. كما نص مشروع الدستور في الباب الثاني »المقومات الاساسية للمجتمع« الفصل الأول »المقومات الاجتماعية« المادة »19« علي أن »التعليم حق لكل مواطن، هدفه بناء الشخصية المصرية والحفاظ علي الهوية الوطنية، وتأصيل المنهج العلمي في التفكير، وتنمية المواهب وتشجيع الابتكار، وترسيخ القيم الحضارية والروحية وإرساء مفاهيم المواطنة والتسامح وعدم التمييز، وتلتزم الدولة بمراعاة أهدافه في مناهج التعليم ووسائله وتوفيره وفقا لمعايير الجودة العالمية«.. وأقف هنا عند لفظ »تنمية المواهب« الواردة في نص المادة 91، والموهبة هذه يمنحها الله للانسان.. وتختلف الموهبة من شخص لآخر.. فهذا موهوب في الرسم، وآخر في الشعر، وثالث في الرياضة بمختلف أنواعها.. إلي غيره. ومن هنا يأتي دور المدرسة في اكتشاف الموهبة وتنميتها لدي التلميذ الموهوب فعلا.. ولا يجوز بأي شكل فرض الموهبة علي شخص. وإلا لم تعد موهبة.. ومن هذا المنطلق قررت وزارة التربية والتعليم، عدم إضافة مادة الرسم في المجموع لتلاميذ المرحلة الاعدادية.. وكان مبررها في ذلك الوقت وجيها، باعتبار الرسم موهبة يتميز بها بعض التلاميذ عن أقرانهم.. فكيف لي كوزارة أن أحاسب تلميذا علي موهبة قد حرمه الله منها ومنحها لغيره.. فهذا يخالف مبدأ المساواة وتكافؤ الفرص.. وان دور الوزارة متمثلا في المدرسة يقف عند اكتشاف الموهبة بمختلف أنواعها وصورها وليس الرسم فقط، وتنميتها لدي التلميذ.. إلا ان وزير التربية والتعليم الحالي قرر إضافة مادة الرسم للمجموع للمرحلة الاعدادية.. وذلك بالمخالفة للدستور ومبادئه.. ولا أعلم سببا لذلك إلا أنه مستمر في »قرف« التلميذ والاسرة معا.. فهذا تلميذ متفوق لكنه يفقد تفوقه لانه غير موهوب في الرسم.. وبالكاد يحصل علي درجات النجاح فيه.. وبدلا من أن يصبح الرسم مادة لتنمية الذوق والجمال عند التلاميذ تتحول إلي مادة يكرهها ويبغضها.. ويتبني السلوك المخالف لكل ما تهدف إليه .. لانها ببساطة حالت بينه وبين تفوقه.. فهل تتعمد وزارة التعليم تعجيز التلميذ.. وإظهاره بالمقصر.. لانه غير موهوب في الرسم، وقد يكون موهوبا في غيره.. مما يجعله يصاب بالاحباط الذي يفقده طموحه في التفوق لسبب لا ذنب له فيه.. ويترتب علي ذلك تقاعسه في باقي المواد والمناهج الغبية الطويلة.. والتي تحتاج لدراستها عاما كاملا.. ويدرسها هو في تيرم عمره شهران.. الرحمة يا وزير التعليم.. فهؤلاء مستقبل مصر.