أشارت الدراسة المسحية التي أجرتها وزارة التعليم والثقافة والرياضة والعلوم والتكنولوجيا في عام 2002 إلى أن أكثر من 60% من المدارس الإعدادية والابتدائية الحكومية تنفذ تصنيف التلاميذ وفقًا لتحصيلهم الدراسي بصورة أو بأخرى وخاصة في مادة الرياضيات، وهذا هو أمر مثير للدهشة، نظرًا لأن تصنيف التلاميذ وفقًا لتحصيلهم الدراسي لم يكن يتم تطبيقه في المدارس الابتدائية والإعدادية اليابانية حتى التسعينيات من القرن العشرين، ويقوض تصنيف التلاميذ وفقًا لتحصيلهم الدراسي الاعتقاد الثقافي السائد بين الشعب الياباني بأن كل تلميذ يكاد لا يختلف في مواهبه عن غيره من التلاميذ، وأن التفوق الدراسي يرتبط بالجهد المبذول، وووفقًا لهذا التصور الياباني يعتبر التعلم ليس هو استخراج وتنمية القدرات والاستعدادات العقلية الكامنة، ولكن اكتساب ما أنتجه الآخرون من معارف من خلال التقليد وبذل أقصى جهد ممكن، وبالإضافة إلى هذا، فقد عارض المعلمون اليابانيون الذين يتبنون هذا الاعتقاد تصنيف التلاميذ وفقًا لتحصيلهم الدراسي، لأنه – من وجهة نظرهم- يتحيز ضد التلاميذ بطيء التعلم والمتأخرين دراسيًا، وكان هؤلاء المعلمون يخافون من أن يوصم التلاميذ بطيء التعلم والمتأخرين دراسيًا بأنهم أغبياء وحمقى، ومن ثم يفقدون احترامهم لذاتهم والمبادرة للتعلم، وبعبارة أخرى فإن رفضهم لمبدأ التصنيف كان قائمًا على مبدأ المساواة الذي يرى في تصنيف التلاميذ وفقًا لتحصيلهم الدراسي ممارسة للتحيز. وعلى الرغم من هذا الاعتقاد الشعبي السائد، فقد تبنت الإصلاحات التعليمية التي طبقتها وزارة التعليم اليابانية منذ الثمانينيات من القرن العشرين رؤية مغايرة للقدرات العقلية والتعلم، وقد دعت هذه الإصلاحات إلى تفريد التعليم، وتنويعه، ومرونته، وبالإضافة إلى هذا، سوف تغير وزارة التعليم النظام التعليمي من نظام يعتمد على طرق الحفظ الآلي عن ظهر قلب إلى نظام يركز على تلبية احتياجات الأطفال من خلال إزالة الحشو من المناهج الدراسية وتقليل أيام الدراسة من 6 أيام إلى 5 أيام أسبوعيًا، وتدريس مواد جديدة مثل "الدراسة المتكاملة" sōgōteki gakushū ، وزيادة عدد المواد الدراسية الاختيارية، وقد "وفرت الإصلاحات التعليمية مدى متنوعًا من الاختيارات سواء المتصلة باختيار المدارس أو المقررات الدراسية أو المواد الدراسية في المرحلة الثانوية أمام التلاميذ وأولياء الأمور" بدلًا من إمداد كل تلميذ بنفس المقررات الإجبارية، ومن ثم، شجعت هذه الإصلاحات التعليمية الفروق الفردية في التحصيل الدراسي، وفى اعتراف بأهمية الفروق الفردية شجعت السياسات التعليمية الجديدة معلمي المرحلتين والابتدائية والإعدادية على تصنيف التلاميذ وفقًا لتحصيلهم الدراسي. ولتنفيذ ذلك تم تحويل بعض المدارس الابتدائية والإعدادية إلى "مدارس رائدة للتحصيل الدراسي"، بهدف صياغة استراتيجية لتصنيف التلاميذ وفقًا لتحصيلهم، ولا تهدف هذه المدارس الرائدة إلى ضمان تحسين القدرات الدراسية الأساسية لجميع التلاميذ فقط، ولكنها تهدف أيضًا إلى رعاية التلاميذ المتفوقين، وعلى الرغم من أن هذه المدارس الجديدة لم تغفل احتياجات التلاميذ المتأخرين دراسيًا في دراسة الأساسيات، إلا أنها أكثر تركيزًا على رعاية التلاميذ الموهوبين من خلال تدريس مقررات دراسية متقدمة لهم عن طريق توظيف "التدريس القائم على الاحتياجات الفردية" في المدارس الحكومية، والدليل على ذلك أن "الكتاب الإرشادي لمقررات المدرسية الإعدادية" الصادر من وزارة التعليم في عام 1992 قد شدد على "زيادة عدد الفصول التي تصنف المدارس وفقًا لتحصيلهم الدراسي، ولم يذكر الكتاب الإرشادي التلاميذ المتأخرين دراسيًا على عكس الكتاب الإرشادي السابق، وقد ركزت التغييرات في السياسات التعليمية على أهمية رعاية التلاميذ المتفوقين من خلال تبني طرق تدريس مختلفة تسعى إلى اكتشاف المواهب والاستعدادات في سن مبكرة، وعن طريق توجيه هذه الاستعدادات في مسارات مختلفة، ولكنها لم تعط التلاميذ المتأخرين دراسيًا أو التلاميذ ذوي الاحتياجات الخاصة الاهتمام الذي يستحقونه"، وقد ذكرت وزارة التعليم في كتابها الإرشادي بعنوان "مواجهات التدريس القائم على التفريد" والصادر في عام 2002 أربعة عشر مثالًا على المقررات الدراسية المتقدمة في منهج الرياضيات الخاص بالمرحلة الابتدائية مقارنة بستة أمثلة فقط على المقررات الدراسية الأساسية، ومن ثم، فمن المؤكد استخدام وزارة التعليم اليابانية للتصنيف وفقًا للتحصيل الدراسي كأداة لتنمية قدرات التلاميذ المتفوقين أكثر من توظيفه لتنمية قدرات التلاميذ المتأخرين دراسيًا. ولم يسع معلمو المرحلة الإعدادية إلى تحسين تحصيل التلاميذ الدراسي فقط، ولكنهم سعوا أيضًا إلى تسهيل إكسابهم اتجاهات إيجابية نحو التعلم. ومن خلال تعويد التلاميذ على استذكار دروسهم بصورة منتظمة، وعلى الانضباط الذاتي في علاقتهم مع أقرانهم يتم توظيف الاختيارات الدورية وآليات التقويم المختلفة في تشجيع التلاميذ وخاصة المتأخرين دراسيًا منهم على التعلم، وسعيًا وراء تشجيع التلاميذ على زيادة دافعيتهم نحو التعلم يوظف المعلمون آلية التصنيف وفقًا للتحصيل الدراسي؛ حيث يتم تقسيم التلاميذ المتأخرين دراسيًا إلى ثلاث مجموعات يدرسون دروسًا للتقوية تسمى "دروس التحدي" chalenji gakushū)). وتضم هذه المجموعات المجموعة رقم (أ)، والمجموعة رقم (ب)، والمجموعة رقم (ج). وتضم المجموعة رقم (أ) التلاميذ الذين حصلوا على 70% فأكثر من الدرجات في الاختبارات، ويقوم معلم واحد بالتدريس فيها لعدد من التلاميذ يتراوح بين 15 و 17 تلميذًا، وتضم المجموعة رقم (ب) التلاميذ الذين حصلوا على ما بين 60% و 70% من الدرجات، ويقوم معلمان اثنان بالتدريس فيها لعدد من التلاميذ يتراوح بين 15 و 17 تلميذًا. وتضم المجموعة رقم (ج) التلاميذ الذين حصلوا على ما بين 30% و 40% من الدرجات، ويقوم ما بين 5 و 7 معلمين بالتدريس فيها لعدد من التلاميذ يتراوح بين 5 و 7 تلاميذ. وعلى سبيل المثال كان تلاميذ الصف الأول الإعدادي يحصلون على "دروس التحدي" المجانية للتقوية مرة واحدة أسبوعيًا في مادة الرياضيات، في حين كان تلاميذ الصفين الثاني والثالث الإعدادي يحصلون على "دروس التحدي" للتقوية مرة واحدة أسبوعيًا في مادتي الرياضيات والعلوم في عام 2007، وبعبارة أخرى، إن التلاميذ الذين يحضرون "دروس التحدي" كانوا يلتزمون بحضور غالبية دروسهم المعتادة مع زملائهم داخل الفصول العادية. ولتقليل تأثير الاستعدادات العقلية على الالتحاق "بمجموعات التحدي"، سمح المعلمون للتلاميذ باختيار المجموعة التي يلتحقون بها، وقد تم تقليل عدد التلاميذ الأكثر ضعفًا في المجموعة رقم (ج) وزيادة عدد المعلمين، لكي يحصل هؤلاء التلاميذ على رعاية أفضل، وبهذا أصبحت هذه الدروس أشبه بدرس خصوصي، حيث يتم الاعتناء بالتلاميذ شديدي التأخر الدراسي من الناحية الأكاديمية،كما يتم توجيه سلوكهم، وبهذا نقلل من انتهاكاتهم لقواعد الانضباط. ويشعر التلاميذ المتأخرون دراسيًا بالراحة وعدم التوتر في فصول التقوية المسماة "بفصول التحدي"؛ حيث يعاملهم المعلمون بحنان ورقة. ولكن نقل التلاميذ من مستوى أعلى إلى مستوى أدنى من فصول التقوية يشعر التلاميذ المنقولين بالخجل والتقصير؛ حيث يشعر التلاميذ الأكثر تأخرًا في الدراسة بالخزي عند ذهابهم لحضور دروس التقوية في المجموعة رقم (ج). وبدلًا من الانتظار لمدة شهر كامل حتى يعرف التلاميذ نتائجهم في الاختبارات الشهرية، يحصل التلاميذ في "فصول التحدي" على تقويم لتحصيلهم الدراسي كل أسبوع، وبعد الحصول على التقويم الأسبوعي يقارن التلاميذ أنفسهم تحصيلهم الدراسي بتحصيل أقرانهم.