تتوالي الأخبار اليومية عن أحداث عنف يكون ضحيتها أطفالا صغارا لم يبلغوا الحلم.. ما بين طفلة تتعرض لمحاولة إغتصاب من أطفال.. وعندما فشلوا في ارتكاب جريمتهم ألقوا بها من الطابق الحادي عشر.. واختطاف طفلتي رجل أعمال معروف مقابل فدية بالملايين.. وإصابة طفل بطلق ناري في مظاهرة بالسويس.. ومقتل الطفلة مريم أمام كنيسة الوراق أثناء هجوم إرهابي من المتطرفين. وفي كل يوم جمعة يمر نتألم كثيرا عندما نري أعدادا من الأطفال يشاركون في مظاهرات يجهلون قادتها.. ويجهلون هويتها.. وحتي أهدافها.. فهم يسيرون وسط الجموع التي تهتف ضد النظام.. ويرددون دون وعي ما يسمعون.. ونجدهم وسط الزحام يستجيبون لسلوكيات العنف ويقومون بقذف الحجارة والمولوتوف علي قوات الشرطة والجيش.. وعندما نسأل من أين أتي كل هذا العدد من الأطفال؟.. لا نجد إجابة !!! فالحقيقة مرة.. وقد كشفت الأحداث عن مصدر تجميع هؤلاء الأطفال.. والكارثة أن نعرف أنهم من مؤسسات الرعاية الاجتماعية وعلي الأخص جمعيات رعاية الأيتام.. وهي مؤسسات وجمعيات أهلية تحت إشراف وزارة التضامن الاجتماعي.. وبعضها يتبع وزارة التضامن وتسند إدارته إلي جمعية أهلية مثل دار التربية لرعاية الأيتام بالجيزة.. ومؤسسة رعاية الأحداث بالمرج.. وتقع مسئولية إدارة هذه المؤسسات علي عاتق عدد من قدامي موظفي وزارة التضامن.. يتسابقون علي حجز مواقعهم فيها قبل تقاعدهم.. أو عدد من الضباط المتقاعدين ليس لهم أي خبرة بالعمل الاجتماعي.. فهي مكان مريح.. وراتب مغر.. يفوق كثيرا قيمة المعاش الحكومي.. ولا عمل لهم كل يوم إلا ممارسة العنف في تعاملهم مع الأطفال.. وباستخدام عدد من الأخصائيين الاجتماعيين.. ولاشك أن هذه الممارسات تترك أثرها علي الطفل اليتيم بعد خروجه للتفاعل بصورة عنيفة مع المجتمع.. وفي المؤسسات العقابية مثل المؤسسة العقابية بالمرج.. نجد إدارة شرطية من رجال وزارة الداخلية.. إلي جانب إدارة اجتماعية ضعيفة.. باعتبار أن نزلاءها من الأطفال الذين ارتكبوا أو متهمين بارتكاب جرائم عنف.. ويمثل الأطفال المودعون بهذه المؤسسة شريحة عمرية تمتد من سن 15 إلي 18 سنة.. محكوما عليهم بعقوبات سالبة للحرية.. أكثر من ثلاث سنوات.. وتصل إلي خمس عشرة سنة.. ولاشك أن عدم وجود الرعاية المناسبة لكل حالة طوال فترة العقوبة يؤثر سلبا علي سلوكيات الطفل بعد مغادرته هذه المؤسسات.. ويمكن أن نري داخلها حالات لتعاطي المخدرات.. وحوادث القتل نتيجة العنف المتداول داخلها.. وحالات الشذوذ بين الأطفال لغياب التوجيه الديني في هذه المؤسسات.. وفي النهاية يخرج الطفل بعد العقوبة بنفسية مشوهة إلي مجتمع يغلب عليه الفقر والمرض والبطالة.. وتتلقفه أيادي الإرهاب الأسود من المتطرفين ليستخدموه في جرائمهم.. والنداء للدكتور أحمد البرعي وزير التضامن الاجتماعي: هل من نظرة فاحصة لأسلوب إدارة هذه المؤسسات.. وهل تقوم فعلا برعاية إجتماعية حقيقية للأطفال تنتج مواطنا صالحا ومنتجا يساهم في زيادة الانتاج ويستطيع أن يعول أسرة من جهده وعرقه ؟.. والله المستعان.