أشعر بالافتقار لنوعية من الأخبار كنا نقرأها واعتدنا عليها، ولكن اختفت من الصحف ووسائل الإعلام ولم نعد نتابع خبراً واحداً عن ملاحقة أموال مصر المنهوبة في الخارج. تري هل لأن مصر نجحت في استرداد هذه الأموال فعلاً من بنوك أوروبا وأمريكا، أم لأنها تشعر باليأس من استردادها وأدركت أن أدواتها قاصرة عن الملاحقة الدولية؟ أم لأن الأموال المنهوبة تم تضخيمها والنفخ في أرقامها لأسباب سياسية ولم يعد هناك داع من مواصلة التمثيلية بعد أن جاء النفخ بآثاره؟.. ثم ماذا يفعل جهاز الكسب غير المشروع الآن وهو المكلف بهذه المتابعة.. وكم »مليون« أنفقها مسئولو الكسب في السفر والبدل وما شابه وكم »مليم« استردوا في مقابلها؟!! وكم يحق لنا أن نطالب بالتعويض منهم بعد أن رسموا بتصريحاتهم لنا آمالاً عريضة عن قدرتهم حل شفرات الحسابات المغلقة للحسابات السرية إياها. وزراء لحد ما تفرج غالباً يأتي وزراء إلي مقاعدهم لتسيير أعمال الوزارة والتمتع بأبهة القيادة لفترة من الزمن ثم الانصراف إلي التقاعد دون أن يحدث شيء لقضايا الوطن المزمنة، ومنها بل ومن أهمها دعم رغيف الخبز.. وأنا شخصياً كصحفي قديم قرأت عبارة »بحث مشاكل منظومة الخبز المدعم وتحسين جودة رغيف الخبز« أكثر من مليون مرة بعد اجتماعات علي مر عشر سنوات عقدها وزراء لا مؤاخذة عجزة معدومي القدرة علي وضع سياسات تقطع رقبة الحرامية وتحمي محدود الدخل، ومازلت أقرأها للأسف حتي اليوم!! وقد تعشمت خيراً في د. محمد أبو شادي وهو ضابط شرطة سابق وتولي بعد المعاش أمر الرقابة التموينية لسنوات وسنوات في ظل وزراء سابقين وكانت مشكلة الخبز المدعم دائماً هي مشكلة المشاكل.. وقلت ربما كان الرجل مغلوباً علي أمره تحت قيادة مرؤوسيه الوزراء السابقين.. لكن عندما اختاروه وزيراً في يده الحل والعقد تأملت خيراً وحلمت بوصول المشكلة لنهايتها.. فالرجل فاهم لأبعادها ودارس جيد لتأثيرها.. ولكن بعد هذه الأشهر الطويلة من العمل ثبت لي أن »زيد مثل عبيد« وأن الباشا صاحب الخبرة الطويلة جداً في العمل الحكومي لم يفلح معه هذا الزمن بتقديم فكرة إبداعية خلاقة يقضي بها علي الأزمة.. ومازال للأسف مثل سابقيه يعد بتنفيذ خطط يصلح بها أخطاء حكومة الإخوان وضبط منظومة الخبز في نغمة سخيفة وكأن الإخوان لم يريدوا إصلاح المنظومة بل وكأنهم هم الذين أفسدوها.. وهذا منتهي الضحك علي الدقون.. وخداع الجماهير!! وعموماً أنا واللواء أبو شادي نعلم أن تكلفة إنتاج رغيف الخبز أكبر من الذي تدفعه الدولة للمخابز، لذلك يلجأ أصحاب المخابز لتعويض الفارق بسرقة الدقيق المدعوم والإخلال بمواصفات الرغيف.. الدولة تعلم وتسكت علي تهريب الدعم المقدم للرغيف وتغمض عينها عن جور أصحاب المخابز الذين تمادوا علي حساب المواطن الغلبان الذي ينتظر الرغيف المدعم ولا يجده!! ولا الدولة تريد أن تحقق العدالة لأصحاب المخابز، ولا حالة رغيف العيش انصلح.. أنظر أحياناً إلي أكشاك بيع الخبز وطوابير الغلابة أمامه تتقاتل لتشتري بجنيه واحد حد أقصي وأقول جوع ومعاناة هؤلاء الغلابة في رقبة معالي الوزير، سيحاسبه الله عليها يوم القيامة ولا يصح مطلقاً أن يقول سيادته »مش بإيدي« لأنه المسئول الوحيد أمام الناس وأمام الله الذي أقسم بجلاله عندما تولي الوزارة أن يحمي مصالح الناس ويحافظ علي حقوقهم. وأنا بكل إخلاص أدعو سيادته أن ينزل يوماً إلي أكشاك بيع الرغيف أبو شلن ليري بنفسه كيف يتقاتل الناس لسد رمقهم وليتذكر ماذا قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه الذي ارتسمت خطوط سوداء علي وجنتيه من كثرة دموعه خشية من الله علي المسئولية التي تولاها.. ولينظر هو إلي خدوده الموردة من روعة الخبز الذي يأكله بألف صحة وعافية. إذا دعتك قدرتك علي ظلم الناس.. فتذكر قدرة الله عليك.