مشاهد تتداعي الآن علي ذاكرتي، وأنا أضيء فوق كتاب عمري شمعة وأحتفل بعيد ميلاد الحبيبة التي امتزج عمرها بعمري، واختلطت أيامها بأيامي. أخبار اليوم الدار.. المعني.. الحلم الغالي الذي راود خيالي في مقتبل العمر، كان حلمًا فخاطرًا فاحتمالا، ثم أضحي حقيقة لا خيالا. أخبار اليوم.. الدار الصحفية العملاقة.. قاعدة إطلاق النجوم الصحفية كما أطلق عليها أستاذنا أنيس منصور.. الذي كان أحد نجومها. أخبار اليوم المدرسة الصحفية التي أسسها وقاد مسيرتها مصطفي وعلي أمين. وشاركهما الحلم أساتذة كبار علي رأسهم :جلال الدين الحمامصي، كامل الشناوي، جليل البنداري، صاروخان، رخا، محمد زكي عبد القادر وآخرون. أخبار اليوم.. إحسان عبد القدوس.. موسي صبري.. سعيد سنبل.. رشدي صالح.. أنيس منصور.. محمد التابعي.. أحمد رجب.. احمد الصاوي محمد.. إبرهيم سعدة. كتاب وضع كل منهم بصمته العميقة الباقية علي جدران المعبد الصحفي الفرعوني، فدخل ولم يستطع مخلوق أن يخرجه منه. أخبار اليوم.. الكتيبة الصحفية العبقرية التي استطاعت أن تقاوم كافة صور القمع ومصادرة الحرية عندما آمنت بتجديد شبابها، وإنتاج أجيال تلوأجيال من الصحفيين المبدعين الخلاقين، وأن تصدر سفراءها إلي كل الأقطار العربية. أنشأوا صحفا، واكتسحوا كل المواقع الصحفية والإعلامية في مصر وخارجها. أخبار اليوم المدرسة الصحفية الرصينة التي غزت العالم كله بنجوم فوق المنافسة لتصنع نموذجا فريدًا للصحافة الناطقة بلسان الشعب في مواجهة السلطة، ومحاربة الفساد. ونجحت في أن تعيد إنتاج فلسفتها وإسلوبها علي مدي سبعة عقود متتالية حتي الآن. أخبار اليوم.. مدرسة مصرية خالصة تنتصر للمواطن البسيط، وتكرس حقه في أن يعرف، وأن يصل صوته إلي الحاكم مهما كان هذا الصوت صادما ومهاجما لذوي السلطة والجاه والنفوذ. مدرسة السهام الموجهة علي المتآمرين علي مستقبله ومقدراته. أخباراليوم.. صاحبة الريادة في الصحافة الإنسانية التي وضع بذورها التوأم، مصطفي وعلي أمين اللذان أسسا مشروع "ليلة القدر" الذي انتصر لفقراء مصر وضعفائها ودعا القراء إلي القيام بدورهم الإنساني لدعمهم ومساندتهم للتغلب علي مشاكلهم الطاحنة مع الفقر، وتفرع منه مشروع إنساني آخر هو"أسبوع الشفاء" الذي ساهم في إجراء آلاف العمليات الجراحية بأيدي أشهر الجراحين لفقراء مصر. ثم تبعه مشروع "لست وحدك" الذي تشرفت برئاسته لسنوات طويلة، ومن خلاله كنا نمد أيدينا لمحدودي الدخل وننشئ لهم مشروعات صغيرة يكسبون منها قوت يومهم بكرامة واحترام للذات. أخبار اليوم التي ساندت إرادة الشعب المصري في ثوراته عبر تاريخها إبتداء من ثورة يوليو1952 عبورا بثورة يناير 2011 ثم ثورة 30 يونيو2013 إيمانا منها أنها صوت الشعب ونصيرة إرادته. أخبار اليوم التي احتضنت حملاتي الصحفية المختلفة علي صفحاتها كما فعلت مع كل زملائي من أبناء الدار العريقة. لا أنسي أنها رعت مشروعي الصحفي والإنساني لكشف قضية بالغة الأهمية هي قضية " أطفال السجينات " الذين يولدون في زنازين خلف القضبان ويعيشون ظروفا بالغة القسوة دون ذنب جنوه، كذلك قضية "سجينات الفقر " التي فجرت لأول مرة مأساة الفقيرات اللاتي يدفعن سنوات من أعمارهن في السجن فقط لأنهن لم يستطعن تسديد ديونهن البسيطة. هل تسألونني الآن لماذا أعتبرها بيتي وملاذي؟ أعتقد أنكم الآن تعرفون لماذا. ببساطة لأن قصة حياتي ممزوجة ببلاطها وماكينات مطابعها ودروس الصحافة التي تعلمتها من عمالقتها. كل سنة وأنت طيبة وعامرة ومتجددة يا أخبار اليوم في يوم ميلادك المحفور علي شراييني 11 نوفمبر 1944. وعقبال ألف سنة.