ما أسهل السباحة مع اتجاه التيار، حيث لا توجد مقاومة ويتكفل التيار بجرف الانسان إلي حيث يذهب.. الذي لا ندري ما هو في كثير من الأحيان. وفي كثير من الحالات يكون التيار جارفا وينتهي إلي جرف هاو، أو هبوط شديد يؤدي إلي الفناء أو تكبد الخسائر غير المرغوب فيها. وقد درجنا علي ذلك في مصر منذ زمن طويل. وربما كان أحد أسباب ذلك تتابع الغزاة علي مصر من الفرس إلي الرومان، ثم في الوقت الحديث من الفرنسيين إلي الانجليز. والسباحة مع التيار ربما كانت سلوكا كي يحافظ الشعب علي نفسه. وقد تجذر هذا في ميادين أخري من بينها الموظفون العموميون، إذ لم يعجبهم وزير جديد يطالبهم بمزيد من العمل والانتاج، فإنهم يتماشون مع ذلك علي كره منهم تحت شعار أنه سيأخذ »يومين« ويرحل، اما نحن فباقون. وتعود ريما لعادتها القديمة. كما تجسم هذا في امثالنا الشعبية مثل »إذا عبد الناس الثور.. حسن واديله« أو »اللي يجوز أمي أقول له يا عمي« هكذا. وهذه السمة قد تكون عامة في الدول النامية ومن ثم نعاني من التقلبات والذبذبات، دون تحقيق التنمية المتراكمة المستدامة. ويتلاشي هذا السلوك كلما نمت الدولة وارتفعت في آفاق التقدم. أما السلوك الآخر وهو »السباحة ضد التيار« فيكون عقيما إذا اتبع من أجل مبدأ »خالف تعرف« أما إذا كان مؤسسا علي تقدير مستبعات التيار العام، والتوصل إلي أن نتائجه وخيمة، ومن ثم يجب تبني الرأي المضاد، فينبغي النظر إليه بجدية، وعدم الانسياق وراءه. أقول هذا لما أراه من مزايدات الكثير في الوقت الحالي للمطالبة بسحب ترخيص »حزب الحرية والعدالة« وإلغاء جماعة الإخوان المسلمين أو بدأت التسميات مثل »جماعة الإخوان« المجرمين وعودة تسمية »الجماعة المحظورة« ولا بأس أن نفعل هذا، غير أن السؤال هو أين مصلحة مصر والمصريين؟ لقد فشل الإخوان في إدارة الدولة، ولم يتقلبوا متتبعات هذا الفشل، بل اندفعوا في أعمال يعاقب عليها القانون، وعليهم أن يتوقفوا فورا عن هذا، ويدخلوا في مصالحة مع الوطن والمواطنين. من أجل المصلحة العامة ومن بينها الحفاظ علي أرواحهم، حيث تكثر حالات الاعتداء علي »إخواني« لمجرد هذه الصفقة ليس إلا. إن السباحة مع التيار سوف تدفع هذا الفصيل إلي العودة للعمل السري تحت الأرض. كما أنه يفسح المجال لبعض المخربين والمغرضين لارتكاب جرائم ضد الوطن والمواطنين يتم الصاق مسئوليتها للإخوان. وتكون النتيجة هي استمرار التدمير والعنف والفوضي وعدم الأمان. فهل هذا ما نريد؟ أدعو الجميع للتوقف قليلا، وأن يعمل الاخوان علي الجنوح للسلم، وأن تعمل الحكومة علي دعوة الناس للهدوء وعدم التعرض لمن يخالفهم سياسيا، وأن يقوم الاعلام بالترويج للسلم الاجتماعي. إن السباحة ضد تيار الانتقام المشاهد حاليا تتطلب جهدا وفكرا وعرقا من الجميع، غير أن عائده علي الوطن والمواطنين يجعل العائد أضعاف التكلفة »بلغة الاقتصاد« فهل نحن فاعلون؟