ما تقدمت دولة -في الماضي أو الحاضر- الا وكانت الأخلاق الحميدة احدي الركائز الاساسية للمجتمع اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا. كما لم تضمحل حضارة أو انفك رباط امبراطورية الا بسبب التخلي عن الأخلاق الحميدة، والانغماس في الشهوات والفوضي. ومصر بعد ثورتها الباهرة في 52 يناير 1102 قد وضعت قدميها علي الطريق الصحيح نحو التقدم المستدام في مختلف نواحي الحياة. الا أن المرحلة الانتقالية- التي يتوقع أن تستمر لما يتراوح بين 8 و01 سنوات قادمة- تشهد انحرافات عن جادة الطريق من بينها عدم الالتزام بمكارم الاخلاق، والسلوكيات المواتية للتقدم والازدهار فما هي الاخلاق الواجب ان يتحلي بها المجتمع المصري؟ وكيف تؤثر الاخلاق في التقدم؟ وهل لها اهمية في تحقيق التنمية المنشودة؟ تعريف الأخلاق وهنا نتساءل ما المقصود بالأخلاق؟ تتعدد المفاهيم المتعلقة بالاخلاق فقد عرفها البعض علي انها »علم الخير والشر«. وعرفها البعض الآخر علي انها »دراسة للواجب والواجبات« الا ان التعريف الأعم للاخلاق فهو »العلم بالفضائل وكيفية اقتنائها، والعلم بالرذائل وكيفية توقيها ليتخلي الانسان عنها والالمام بقواعد السلوك للحكم علي اعمال الانسان بأنها خير أم شر، مع تحديد الجزاء لكل منها. الفضائل اذن مكارم الاخلاق تتطلب التحلي بالفضائل التي اهمها: الصدق الشجاعة التعاون العفة والاعتدال الانتفاع بالزمن عدم الاسراف أو التبذير العلاقة بالتقدم كيف تنعكس هذه الفضائل علي التقدم الاقتصادي والاجتماعي. ان هذه الفضائل ترتبط بشروط التنمية بصورة مباشرة علي النحو التالي: ان عدم الاسراف يعني زيادة الادخار الذي هو ضرورة لزيادة التراكم الرأسمالي الذي يزيد من الطاقات الانتاجية ويرفع معدل نمو الدخل القومي ويحسن مستوي المعيشة. ونحن في مصر في أشد الحاجة لزيادة نسبة الادخار من الدخل حيث تنخفض الي حوالي 51٪ ويحتاج الي رفعها الي ما لايقل عن 03٪. العدل ليس اساس الملك فقط ولكنه ضروري لتحقيق التنمية المستدامة، واثبتت التجارب الدولية أن النمو بدون عدالة لايستمر ولايستدام. والعدل يقتضي الالتزام بتكافؤ الفرص، وعدالة توزيع الدخل والثروة بين الافراد واقاليم الدولة المختلفة. العفة والاعتدال تعني الحفاظ علي الموارد وصون البيئة وخاصة ما يتعلق بالموارد الناضبة. وازمة الطاقة التي نعاني منها حاليا في مصر خير دليل علي اهمية ذلك. الشجاعة ضرورة للاقدام وتحمل المخاطر والسعي نحو الابتكار والتجديد. والتقدم يقتضي الابتكار في استخدام وسائل انتاج جديدة، واكتشاف استخدامات اكثر عائدا للمواد المستخدمة حاليا، والاقتصاد في مستلزمات الانتاج علي زيادة العائد عليها. كماان اضافة اقاليم جديدة تتطلب الاقدام والشجاعة، ونحن نحتاج الي غزو الصحراء وزيادة الرقعة المستخدمة من مصر باستمرار كي نستوعب الاعداد المتزايدة من السكان. التعاون بين افراد المجتمع يؤدي الي توجيه طاقاته نحو البناء، اما التناحر والتنافر فهما يؤديان الي هدر طاقاته وتبديد موارده. كما ان هذا التعاون يؤدي الي قيام الوحدات الكبيرة والكيانات العملاقة التي هي سمات العصر الحديث والتي تؤدي الي الاستفادة من وفورات الحجم الكبير. الصدق مع النفس والتعرف علي حقيقة الاوضاع السائدة ضرورة لاستدامة التنمية. ان خداع النفس، وعدم الاعتراف بالحقيقة يؤدي الي التمادي في التدهور والتخلف. اما الصدق والاعتراف بالواقع فإنه الخطوة الاساسية للتصحيح والمضي قدما في آفاق التنمية. ان من طبيعة المراحل الانتقالية، ان تخرج المجتمعات علي ما كان مألوفا لديها. وبعض هذا الخروج ضروري لاكتساب سلوكيات جديدة ضرورية للنمو مع العدالة. اما الخروج عن الاخلاق الحميدة فهو ضار بالمجتمع وافراده، ويعوق مسيرة التنمية. وقد انتشر في مصر الآن كثير من الرذائل والخروج عن الفضائل آن الأوان ان نقضي عليها كي تتحقق مكاسب ثورة يناير 1102 وهي الحرية و الكرامة والعدالة الاجتماعية والعيش الكريم.