جاء تأكيد الرئيس مبارك بمواصلة الاصلاحات الاقتصادية لزيادة متوسط معدلات النمو إلي 8% في السنوات الخمس القادمة ليوجد حالة من الجدل بين خبراء الاقتصاد حول مدي امكانية تحقيق هذا الرقم في ظل الظروف الاقتصادية السيئة التي يمر بها الاقتصاد العالمي حاليا وبالتبعية سيصل تأثيرها للسوق المصري.. أكد البعض صعوبة تحقيق هذا المعدل في ظل وجود عوائق كثيرة أهمها تتعلق بالموارد البشرية الحالية وعدم قدرتها علي الخلق والابتكار إلي جانب تحول الاقتصاد القومي في السنوات الأخيرة إلي اقتصاد ضريبي فقط دون البحث في كيفية استحداث موارد الدولة السيادية الأخري والتي علاها الجمود مثل عائدات قناة السويس والسياحة والعاملين بالخارج.. يأتي ذلك فيما رأي فريق آخر امكانية تحقيق هذا الرقم بشرط وضع خطط طموح للتنمية وإيجاد طاقات إنتاجية كبيرة وأكدوا أن ذلك لن يتحقق إلا من خلال مشاركة فعالة وقوية من جانب القطاع الخاص الشريك الأساسي في التنمية خلال المرحلة الحالية. بداية يوضح د.فرج عبدالفتاح أستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة أن تحقيق معدل نمو اقتصاد مستند لتنمية مستدامة يستلزم وجود معدل ادخار عال فإذا ما قلنا إن المستهدف 8% وكان معامل رأس المال 4% فهذا معناه أن الأمر يقتضي تحقيق 32% كمعدل ادخار من الناتج المحلي الاجمالي أي أننا نحتاج لمضاعفة المعدل الحالي وهذا أمر صعب تحقيقه في الفترة القصيرة من 3 إلي 5 سنوات مضيفا أنه بفرض أن معامل رأس المال سيتحسن ويصبح 3% بدلا من 4% فان ذلك يحتاج إلي معدل ادخار نسبته 24% من الناتج المحلي الاجمالي وهنا سوف تكون الاشكالية في عاملين وليس عاملاً واحداً الأول زيادة معدلات الادخار لكي يصل إلي 24% والثاني تحسين معامل رأس المال لكي يصل إلي 3% بدلاً من 4% وهما أمران يحتاجان إلي جهد كثيف وتعديل في السياسات الاقتصادية القائمة. ويشير عبدالفتاح إذا كان معدل 8% يستند في جانب منه إلي البعد الخارجي المتمثل في ارتفاع أسعار البترول وتدفقات السياحة ورسوم مرور قناة السويس فان هذه العوامل تلقائيا تسهم في زيادة معدل النمو ولكن بشكل تلقائي أي قدري غير أن الأهم هو المعدل الذي يستند إلي تحقيق زيادة في ناتج المشروعات الصناعية والزراعية من خلال توظيف أكبر عدد ممكن في تلك المشروعات واحداث توسعات رأسمالية فيها منوها إلي إمكانية وجود تعاون مشترك بين الحكومة والقطاع الخاص في ظل قانون مشاركة القطاع العام والخاص وهو قانون بحاجة إلي تفعيل بحيث يضمن توفير فرص عمل جديدة وزيادة الطاقة الإنتاجية في المجتمع. "مهمة صعبة" ويشير د.صلاح الدسوقي عميد المركز العربي للإدارة والتنمية إلي صعوبة تحقيق هذا الرقم مؤكدا أن تصريحات الرئيس جاءت من منظور سياسي وليس اقتصادياً خاصة أن الاداء أثبت فشله في تحقيق معدلات نمو حقيقية خلال الفترة الماضية مؤكدا أن تحقيق معدل نمو كبير لن يتحقق بمجرد الأمنيات فهناك شروط موضوعية لابد من توافرها وهي العمل علي وضع خطط طموح للتنمية وإيجاد طاقات إنتاجية كبيرة إلي جانب استثمارات حقيقية توجه للقطاعات الأقتصادية المختلفة سواء القطاعات الخدمية أو الإنتاجية بما يؤدي لزيادة الدخل القومي وبالتالي تتحقق معدلات نمو مرتفعة منوها إلي أن هذه الشروط غير متوافرة حاليا وبالتالي ليس من المتوقع حدوث أي تغيير في الأجواء الحالية. ويؤكد الدسوقي أن الإعلان عن معدلات النمو يعد كلاماً مرسلاً لا يهم المواطن بأي شئ طالما معادلة توزيع الدخل التي يتم تطبيقها حالياً تنحاز لرجال الأعمال وليس الفقراء وفي السنوات الماضية كان هناك ادعاء بأن معدل النمو قد ارتفع ولكنه لم يكن لصالح طبقات محدودي الدخل وإنما لصالح الفئة المستفيدة من الواقع السياسي الموجود والذي يمثل تحالفا بين السلطة ورأس المال.