تصاعد أزمة سد النهضة الذي يعكس غياب التفاهم والانسجام بين أثيوبيا إحدي دول المنبع لنهر النيل ومصر دولة المصب يحتم علينا الاسراع في إعادة ترتيب أوراقنا بالنسبة لعلاقاتنا بشكل عام بدول أفريقيا وبشكل خاص مع دول حوض النيل. هذا التحرك لا يمثل أي صعوبة بالنسبة لنا إذا ما بنيناه علي السمعة العظيمة التي سبق أن حققها لنا الزعيم الراحل جمال عبدالناصر بطول القارة وعرضها. ليس خافيا أن علاقات مصر بدول القارة السمراء قد شهدت أفولا تدريجيا منذ هذه الحقبة الناصعة من تاريخ مصر الأفريقي.. وبهذه المناسبة فإن علينا أن نذكر وقوف الدول الأفريقية إلي جانب مصر خلال حرب 37 وكذلك مواجهة مؤامرة استبعاد مصر من عضوية حركة عدم الانحياز خلال القمة التي عقدت في العاصمة الكوبية »هافانا« عام 9791. لا أحد يمكن أن ينكر إهمالنا وتقصيرنا في حق علاقتنا واخوتنا لدول القارة الأفريقية التي ننتمي إليها طوال الثلاثين عاما الماضية. في هذا المجال علينا أن نتذكر أن المحاولة التي جرت في أديس أبابا لاغتيال الرئيس السابق حسني مبارك كانت نقطة فاصلة بشكل أساسي أدت إلي تعظيم هذا الإهمال والتقصير. من ناحية أخري فإن الانصاف يحتم أن نذكر جانبا من الجهود التي تبذلها الخارجية المصرية إبان فترة تولي عمرو موسي وأحمد أبوالغيط مسئولية قيادتها.. في هذه الفترة أذكر استجابة أبوالغيط للمباردة التي أقدمت عليها عام 9002 عندما كنت أمينا عاما للمجلس الأعلي للصحافة بهدف توثيق علاقاتنا الأفريقية. تحقق ذلك بدعوة رؤساء تحرير أكبر الصحف ومحطات التليفزيون في دول حوض النيل لزيارة مصر.. كان للدعم والمساندة التي أبداها صفوت الشريف رئيس مجلس الشوري ورئيس المجلس الأعلي للصحافة آنذاك أثرها في إنجاح هذا اللقاء الذي كان له صدي سياسي وإعلامي واسع في كل أفريقيا. لاجدال ان هذه التجربة المريرة التي نمر بها الآن تكشف سوء علاقاتنا الأفريقية وهو ما يتمثل سلبا في هذا الموقف العدائي الأثيوبي. في هذا المجال لابد من الاستعانة بتلاميذ محمد فايق والدكتور بطرس غالي باعتبارهما نجوم الفترة الزاهية في هذه العلاقات. ان التجربة المريرة التي نمر بها حاليا والتي يعد عبورها مسألة حياة أو موت بالنسبة لنا كمصريين.. تؤكد حاجتنا إلي لم الشمل وتوحيد الصفوف والتخلي عن نزعة الانعزالية الداخلية والخارجية .