فضيحة بكل المقاييس، عدد من الحركات الثورية، وأحزاب المعارضة، فشلت في جمع عدة آلاف من أنصارها في ميدان التحرير، منذ يومين. ومع ذلك يتم ممارسة الكذب بعينه، بالحديث عن قدرة حملة تمرد علي جمع ثلاثة ملايين توقيع، من أصل 15 مليونا، علي دعوة الرئيس مرسي للتخلي عن الرئاسة، وإجراء انتخابات جديدة . المشهد كله ذكرني بالجملة الشهيرة يا جبل ما يهزك ريح "" .التي استخدمها الشهيد ياسر عرفات، كلما زادت التهديدات الإسرائيلية عليه شخصيا، أو علي القضية الفلسطينية، ولم أجد أفضل منه للتعليق علي تلك الحملة، وهي في اعتقادي لا تخرج عن لعب العيال، والممارسات الصبيانية، وسلوكيات الأطفال، التي تشهدها الساحة السياسية المصرية . والعجيب في الأمر، والمثير للشفقة، أن الأمر ليس جديدا، والمطالب لم تكن وليدة اليوم، لم يكد يمر سوي أسبوع واحد، علي إعلان بقاء الدكتور مرسي للإعادة، مع احمد شفيق متقدما عن كل المرشحين، حتي ظهرت الدعوة إلي أن يتنازل لصالح حمدين صباحي، ليخوض الرئاسة بدلا منه .باعتباره مرشح الثورة، وكأن الدكتور مرسي هو مرشح الفلول لاقدر الله. كما اقترحوا إنشاء مجلس رئاسي؟ وتنوعت المحاولات، وأخذت أشكالا متعددة، ومنها علي سبيل المثال لا الحصر، رغبة بعض أعضاء الجمعية التأسيسية للدستور، باعتبار أن الانتهاء منه نهاية للمرحلة الانتقالية، مما يستلزم إجراء انتخابات رئاسية جديدة . ولكن التوافق العام كان مع استمرار الرئيس، واستكمال مدة الأربع سنوات، وبدأت الحملة ضد الرئيس حتي قبل مرور 100 يوم، من توليه مهمته، فراح البعض يتحدث عن فشله في تنفيذ تعهداته، ولكن النخبة هي أول من يدرك أن نظام المخلوع ترك مصر "خرابه"، اقتصاديا، واجتماعيا، وسياسيا، ومرحلة إعادة الأحياء والبناء أصعب كثيرا . ومنذ نوفمبر الماضي والحديث لا ينقطع عن الرئيس مرسي الذي فقد شرعيته لماذا؟ تسمع إجابات عبارة عن أكاذيب، وحديث »مقاهي«، من قبيل أن الرئيس تورط في قتل الثوار. أين؟ عند الاتحادية، رغم أن أحداثها جريمة متكاملة الأركان، كان يجب محاكمة زعماء جبهة الإنقاذ، عن التحريض الذي تم لاقتحام قصر الرئاسة، وتوالت المحاولات. وبدأت نغمة الدعوة إلي انتخابات رئاسية مبكرة، في البداية علي استحياء، حتي أصبحت مطلبا من أشاوس جبهة الإنقاذ، دون ذكر أسباب مقنعة، ودون سند من القانون والدستور، فقط الآن الرئيس فقد شرعيته لماذا؟ يستخدم البعض سلوك الأطفال، إثناء لعب العيال، ومقولتهم" " كده وخلاص ".ونسي هؤلاء انه في كل مرة، تم اللجوء فيها إلي رأي الشعب،، خذلتهم الجماهير وانحازت إلي تيار الإسلام السياسي .منذ الاستفتاء الأول بعد شهرين من تنحي المخلوع، علي الإعلان الدستوري. وبعدها في الانتخابات البرلمانية مرتين، الشعب والشوري. حيث اكتسحت القوي الإسلامية، وفي المقدمة حزب الحرية والعدالة الانتخابات. كما سارت الانتخابات الرئاسية في المرة الأولي والإعادة نفس المسار. وعندما تزعمت جبهة الإنقاذ فكرة رفض مشروع الدستور، والتصويت ب"لا"، جاءت النتيجة مخزية، للداعين إلي انتخابات رئاسية مبكرة، ووافق ثلثي عدد المشاركين في التصويت ب "نعم ". ومع ذلك لم تتراجع الدعوة، وعندما كان هناك فرصة لإجراء انتخابات برلمانية، بعد وضع قانون ممارسة الحقوق السياسية وقانون الانتخابات، رفضت المعارضة المشاركة .وبررت ذلك بأن الظروف الأمنية غير مناسبة، والاحتقان مستمر، وكان الأمر في غاية التناقض كيف ترفضون المشاركة في انتخابات برلمانية ؟ وتطالبون في نفس الوقت بانتخابات رئاسية. فلجأت المعارضة إلي أساليب مختلفة . ومن ذلك عمل توكيلات للجيش المصري لإدارة البلاد، والفريق أول عبد الفتاح السيسي لتولي الرئاسة بصفة مؤقتة. وسرعان ما تم إجهاض الفكرة، خاصة وأنها تتسم بالسذاجة، بعيدا عن الحقائق علي الأرض، والواقع المعاش للمصريين، وكانت التصريحات الأخيرة للفريق أول عبد الفتاح السيسي، صادمة لكل التيار الليبرالي، وجماعة جبهة الإنقاذ، والتي رفض فيها تدخل الجيش في المعترك السياسي، مؤكدا علي احترامه للتغيير عبر صندوق الانتخابات، وبدأت مرحلة جديدة من "لعب العيال"، وهي حملة تمرد. والتي تطرح العديد من الأسئلة، والكثير من السخرية، فطالما أن هناك قوي سياسية معارضة، لديها القدرة علي جمع كل هذه الملايين. فلماذا لا تدعو هذه القوة، وتسعي بكل ما تملك، إلي الدعوة إلي انتخابات برلمانية مبكرة، في ظل ما تردده دعايتهم المغرضة، التي لا تعتمد علي أسس واضحة، بان شعبية الإخوان وحزب الحرية والعدالة والرئيس مرسي قد تدهورت. وعندما يتم لها الفوز بالأغلبية، تستطيع تشكيل الوزارة، وتطالب بانتخابات رئاسية جديدة، تحت زعم عدم القدرة علي التعامل مع السلطة التنفيذية، وفي المقدمة الرئيس، يصبح هناك منطق في هذا المطلب، ولكن المعارضة تتحرك علي كافة الأصعدة، وتجرب كل الوسائل، سوي الطريق الوحيد الصحيح المعروف والديمقراطي وهو الاحتكام إلي صندوق الانتخابات ولم يسال احد من القائمين علي الحملة، أو الداعمين لها، ما هي قيمة هذه التوقيعات قانونا ؟وما هي الضمانات الكفيلة بثقة الشارع، بعدم حصول تزوير فاضح لإرادة الجماهير؟ إذا كانت المعارضة تشكك حتي الآن، في نتائج انتخابات رئاسية، اشرف عليها في كل مراحلها آلاف القضاة، فهل نثق في تلك الأرقام الوهمية، التي يتم الترويج لها عنها؟ نقول للدكتور مرسي يا جبل ما يهزك ريح ..أما المعارضة الطفولية، فنقول لهم العبوا غيرها، ..أما جبهة الإنقاذ، فعليها أن تدرك أن التغيير لن يأتي سوي عبر صناديق الانتخابات، واستقرار مصر، مرتبط باستكمال الرئيس مرسي، لدورته الانتخابية أربع سنوات كاملة، وعليكم الاستعداد للانتخابات الرئاسية القادمة.