ارون ديفيد ميلر هو واحد من ابرز الباحثين الامريكيين في شئون الشرق الاوسط وكان قد عمل مستشارا في وزارة الخارجية الامريكية تحت ادارات جمهورية وديمقراطية. قدم ديفيد ميلر صورة كاملة لحقيقة ما يجري في سوريا والسيناريوهات المحتملة وكذلك تقييمه لتعامل الادارة الامريكية مع الأوضاع هناك. من غير المقبول ان نبقي مكتوفي الايدي بعد مقتل اكثر من 80 ألفا وتشريد ملايين السوريين بالداخل والخارج.. التدخل المحدود - حتي لو كان عسكريا -من المرجح ان يكون غيرمؤثر، بل انه يصطدم بحائط صد، في حين ان التدخل العسكري الكبير امر غير مطروح. وهنا يكون السؤال، ما الذي يجب فعله؟ بكل تأكيد، هناك مخاطر للتحرك، وتداعيات لعدم التحرك. الحقيقة، في هذا السياق، ان سوريا مأساة اخلاقية وكارثة انسانية.. سوريا تنزف لاجئين وجهاديين متطرفين. وبذلك فهي تمثل تهديد الاستقرار المنطقة وخاصة تركيا والاردن واسرائيل. وهي ايضا مركز محتمل لنشر الاسلحة الكيميائية، وفي هذا سبيل لاضعاف ايران اذا ما ادرك الامريكيون الفرص. اما في حالة لم يتحرك اوباما بشجاعة امام "الخطوط الحمراء" التي اعلنها فهذا بمثابة تهديد لمصداقية الولاياتالمتحدة. عندما تتحرك امريكا تحتاج ألا تسأل فقط لماذا نتحرك وهل يمككنا ان نكمل اهدافنا بل ان تسأل ماذا سيكلف هذا الأمر. التقييد الأكبر الذي يمنع المزيد من سياسة فرض العضلات علي سوريا هو الافتقار الي الوضوح ليس فقط بشأن الوضع النهائي لكن فيما يخص العلاقة بين الدور العسكري الأمريكي ونهاية هذه اللعبة. لم يتم طرح اي من الخيارات العسكرية حتي الآن بشكل رسمي - سواء تسليح المتمردين او فرض منطقة حظر طيران او توجيه ضربات صاروخية مباشرة ضد قواعد عسكرية او مراكز القيادة.. في حين ان دعم المتمردين لقلب موازين القوي ضد النظام يبدو منطقيا بشكل كاف، لكن هل نحن جاهزون لاعطائهم نوع وكمية السلاح الذي قد يحتاجون اليه، بما فيها الاسلحة المضادة للطائرات والمصفحات؟ هل نحن جاهزون لان نكمل مع الروسيين والايرانيين حربا بالوكالة علي الأرض فهل نحن جاهزون للقيام بالمزيد، هل سنشهد هذا، حتي اذا تطلب الامر تدخلا عسكريا مباشرا في فترة زمنية ممتدة؟ استنادا الي ما اراه من هذه الادارة.. الاجابة لا. القوي العظمي تمتلك الوقت والخيار للتصرف بشكل متضارب ومنافق..هذا الامر حقيقة من مهام وظيفتهم. يمكننا ان نتدخل في ليبيا ولكن لا يمكن في سوريا، ندعم الربيع العربي في مصر ولكن لا يمكن في السعودية. سوريا مختلفة تماما.. هي اكثر اهمية من ليبيا، بكل تأكيد. كما ان التعامل معها اصعب بكثير. ولا يوجد هناك قضية اضطرارية قد وقعت لا اخلاقية ولا استراتيجية حتي تدفع مخاطرها الي تدخل عسكري، خاصة بالنسبة للولايات المتحدة التي تلعب دورا قياديا في هذا الأمر.