هم لا يعيشون في الأوهام، لا يدعون المثالية الزائفة أو التدين الكاذب، الأروبيون يختلفون فيما يفكرون عن تفكيرنا، ليسوا أفضل ولا أسوأ ولكنهم مختلفون، حتى لو حمل البعض منهم دين الإسلام، فهم تربوا على غير ما تربينا عليه، ويعيشون غير ما نعيشه. هم في أوروبا يفعلون ما يريدونه، لا يشغلون بالهم بطول الجلباب وقصره، لا يدخل ضمن اهتماماتهم القضية التاريخية وأزمة الأجيال العربية أن "هل حف الشارب بخفه أم بحلاقته".. هم باختصار يعيشون دنيا غير دنيانا. نعم فيهم مسلمون ومتدينون وعلى قدر كبير من الخلق، ويرفضون الموبقات ويتبعون تعاليم الإسلام، ولكنهم في مجتمع غير الذي نعيشه وعقولهم ليست مصنوعة من الجبس كعقولنا، فهم إن تواجدوا في حفل شاركوا أطرافه الاحتفال، لا يدعون أن شمبانيا الاحتفال هي عصير "عنب" ك"فورمولاتنا"، قد لا يشربونها ولكنهم لا يكذبون في كينونتها، لأن علاقة المسلم بربه وليست باللي جنبه.. بمعنى أنه عندما يرتبط بالإسلام فلا يهمه كيف يكون شكله أمام الناس بقدر ما يهمه شكله أمام ربه. نعم ريبري مسلم، ونعم صب عليه زميله البيرة في كأس الاحتفال، شربها أو لم يشربها هذه قضيته هو وعلاقته هو بربه وليس لنا دخل فيها، البعض ردد أنه لم يرد الاحتفال وآثر على نفسه النأي عن هذه الأجواء وخرج بعيدا، وآخرون يؤكدون أنه أكمل واحتفل، بل البعض يؤكد أنه شرب معهم وسكر.. والسؤال وانتوا مال أهاليكم؟!!!! شرب لم يشرب شارك أو لم يشارك، أجزاؤه أنه مسلم؟ هو من اختار إسلامه ولم يرثه كشأننا نحن العرب، وبالتالي هو بالغ بالقدر الكافي ليعرف ما هو حلال وما هو حرام، وعلاقته بربه وتدينه شأنه الخاص لا دخل لنا فيه، ولا دخل لأحد فيه.. نقرأ أخبار ريبيري يصلي، وأخبار أخرى ريبيري منقطع عن الصلاة، جميل أن نعرف أنه يصلي كي يقتدي به الشباب ولكن ما شأننا في كونه لا يصلي.. المشكلة أن كثير منا إعلانه أنه قائم للصلاة أهم عنده من الصلاة نفسها، لأنه يريد أن يرى في عيون الناس حالة الإعجاب بتقواه وورعه، رغم ما قد يكون في نفسه من سواد أسود من الخروب. يا سادة المد الإسلامي الحقيقي وليس الموروث ينتشر في الملاعب الأوروبية، وهذا شيء رائع نفخر به نحن المسلمون، ولكن ليس لزاما على من هو مسلم كأبيدال وريبيري وديمبا با ومسعود أوزيل وسامي خضيرة، وغيرهم أن يعيشوا حياتنا الشكلية وينافقون مثلما ننافق، ويدعون ويمثلون مثلما ندعي ونمثل.. هم لهم حياتهم عاشوا وتربوا في أوروبا، وعاداتهم وأسلوب معيشتهم يختلف عما نعيشه وليس علينا أن نعدد خطواتهم ونعد عليهم عدد ركعاتهم.. هم مسلمون وعلينا أن نفخر بالإيجابيات التي يفعلونها، وليس لنا على الإطلاق أن نحاسبهم على أخطاءهم.. إلا في الملعب! ** الأزمة التي يعانيها الأوروبيون دائما من المسلمين المهاجرين لأوروبا، أن كثير منهم يأتي من بلاده محاولا فرض ثقافته وفكره على الآخرين جبرا وقهرا، يأتي مطرودا من بلده أو مقهورا وعندما تأويه بلد في القارة العجوز وأهلها يعتبرهم كفار ولا يسعى للإصلاح في العقول والدعوة للهداية بالحسنى، بل وإنما كل مسعاه فرض تقاليده وفكره الحجري المتجبس والسوداوي أحيانا على المجتمع الجديد الذي احتضنه، وهذا ما ينفر الأوروبيين من المهاجرين العرب والمسلمين، ويعطي الصورة الخاطئة عن ديننا الحنيف.. أعاننا الله على أنفسنا.. وأعانني الله على ردود المتجبسين وتعليقاتهم! زياد فؤاد لمتابعة الكاتب على تويتر اضغط هنا