نظريةجديدة لأعداء الإسلام رجب البنا منذ أحداث سبتمبر2001 لم يعد في أوروبا وأمريكا ذلك التسامح تجاه الاسلام والمسلمين, بعد أن كان المسلمون يجدون فيهما القبول سواء للهجرة أو للجوء السياسي, وكان المهاجرون المسلمون يستفيدون من الرعاية الاجتماعية والصحية وخدمات الاسكان ودورات اللغات المجانية لتأهيلهم للحياة في المجتمعات الغربية, ولم تكن هناك قيود علي المدارس الإسلامية والمساجد وشبكات الاذاعة باللغة العربية, وكان المسلمون المهاجرون يتمتعون بكثير من حقوق المواطنين حتي إعانة البطالة, ولكن ذلك كله لم يعد الآن كما كان من قبل. تغيرت اتجاهات الحكومات وغالبية الرأي العام بعد تفجيرات مركز التجارة العالمي ثم تفجيرات لندن وامستردام ومدريد وغيرها, وحل التوجس والكراهية محل التسامح والقبول, ثم جاء مقتل المخرج الهولندي فان جوخ علي يد محمد بويري المسلم المهاجر الذي كان يستفيد بكل هذه المزايا, وهو من أبناء الجيل الثاني من المهاجرين, أي أنه نشأ في ظل الحضارة الغربية, ولم يتكيف معها, ولذلك اعتبرت السلطات في الدول الأوروبية هذه الحادثة مرحلة جديدة في التهديد الإرهابي الذي يرفع راية الجهاد في أوروبا(!) وربطت السلطات بين الخلية التي ينتمي إليها محمد بويري وخلية هامبورج في ألمانيا التي قامت بهجمات11 سبتمبر وكانت مكونة من طلبة زائرين, وتفجيرات مدريد في مارس2004 التي ارتكبها مهاجرون مسلمون مغاربة, ولكن مقتل فان جوخ كان بمثابة زلزال لأن القاتل وأعوانه ولدوا ونشأوا في أوروبا. وقد انتهز اللوبي الصهيوني الفرصة وطرح فكرة وجود نوعين من الجهاديين الاسلاميين في أوروبا, مجاهدون من الخارج أغلبهم من اللاجئين والطلبة, ومجاهدون من الداخل وجدوا هم وآباؤهم الملاذ في اوروبا وعاشوا في ظل الديمقراطية والليبرالية الغربية, ولكنهم ظلوا علي عدائهم لنظم الحكم القمعية في بلادهم, وبعضهم تحول إلي ممثل لشبكات الجهاد الظاهرة والخفية في العالم الإسلامي, وقد استفادوا من النظام الذي يسمح بالتنقل بين جميع دول أوروبا دون قيود, وتدعي بعض الدراسات ان بعض هؤلاء هاجروا في الأصل لتنفيذ عملياتهم الجهادية, وأسست هذه الادعاءات فكرتها علي أن الهجرة في الفكر السياسي الإسلامي مرتبطة بالغزو, وأن هؤلاء اعتبروا أنفسهم كالمسلمين الأوائل الذين هاجروا من مكة إلي المدينة هربا من بطش الكفار ثم قاموا بغزو مكة بعد أن تمكنوا من القدرة علي ذلك, وكانت الهجرة والغزو ايذانا بإقامة الدولة الاسلامية, هذه النظرية التي تبدو بالنسبة لنا غريبة تتردد عن طريق عدد من الباحثين ومراكز الدراسات والمجلات المتخصصة, ويدعي اصحابها أن الجهاديين الاسلاميين في أوروبا يعتبرون الدول الاسلامية هي مكة الوثنية في هذا العصر لأن حكوماتها تحول دون استيلاء الاسلام السياسي علي حكم البلاد, وأن أوروبا دار هجرة مثل المدينة التي يتم تجنيد القوات فيها للغزو والجهاد(!). أما الجهاديون المقيمون في داخل أوروبا فقد أصبحوا مواطنين وبعضهم من أبناء الجيل الثاني والثالث من المهاجرين, أي أنهم ولدوا ونشأوا في ظل القيم والحضارة الغربية, وبعضهم من الشباب العاطل, ولذلك فإن لديهم استعدادا للعنف, ولا يوجد فاصل بين هذين النوعين من الجهاديين القادمون من الخارج وحاملو جنسية الدول الأوروبية وان كان الخارجيون هم المحرضين والمخططين والداخليون هم المتطوعين للتنفيذ, ويقول بعض الباحثين الأوروبيين إن التجنيد بعد11 سبتمبر أصبح نظاميا واستراتيجيا, وتمكن تنظيم القاعدة من إيجاد الصلة التنظيمية مع أبناء الجيل الثاني. وبناء علي هذه لنظرية الساعية إلي تعميق العداء للمسلمين في أوروبا فإن أصحابها يطالبون الدول الأوروبية بتشديد اجراءات الأمن علي الحدود والتضييق علي المهاجرين المسلمين عموما بادعاء ان تنظيم القاعدة ينجح دائما في التسلل بعناصره في صفوف هؤلاء المهاجرين, وأن استرايتجية القاعدة تعتمد الآن علي عناصرها الاجنبية المتسللة أكثر من اعتمادها علي الخلايا النائمة في داخل أوروبا, كما كانت تفعل من قبل, والقاعدة تعمل علي تجنيد وإعداد عناصر من الإسلاميين المقيمين في أوروبا, وبعد ذلك يسهل نقلهم إلي الدولة الهدف أي الولاياتالمتحدة التي تسمح بدخولها بدون تأشيرة لمن يحمل جواز سفر أوروبيا. هكذا يعمقون العداء والخوف من الإسلام والمسلمين في أوروبا ويرون أنها تأخرت كثيرا في اتخاذ إجراءات صارمة مع المسلمين عموما. عن صحيفة الاهرام المصرية 30/9/2007