"أمريكيون يذهبون لقتال قوات التحالف التي تقودها الولاياتالمتحدة في أفغانستان"؛ هكذا بدت صورة الشباب المسلمين ال5 الذين ألقي القبض عليهم في باكستان أثناء محاولاتهم الذهاب إلى أفغانستان لمواجهة القوات الأمريكية هناك؛ مما يدعم من مخاوف الدول الغربية بشأن توجهات الجيل الثالث للمهاجرين في الغرب واحتمالات استمالته من قبل الإرهابيين. وكشف مسئولون باكستانيون أن ضباطا من مكتب التحقيقات الاتحادي الأمريكي ونظرائهم الباكستانيين استجوبوا 5 شبان أمريكيين مسلمين كانوا يريدون الذهاب إلى أفغانستان لقتال القوات التي تقودها الولاياتالمتحدة، واحتجز الخمسة -وهم طلاب في العشرينات من العمر من شمال فرجينيا- هذا الأسبوع في مدينة سرجودا في إقليم البنجاب على بعد 190 كيلومترا إلى الجنوب الشرقي من العاصمة الباكستانية إسلام أباد. وما يزيد من المخاوف الغربية في هذا الإطار حقيقة أن "تجنيد الشباب الخمسة تم من خلال الإنترنت؛ مما يجعل تجنيد أعداد كبيرة من مسلمي الغرب أمرا سهلا، والأسوأ أنه صعب التعقب، ويجعل الدول الغربية تدخل في معضلة الأمن والحرية مجددا، وهي المعضلة التي عانتها بوضوح في أعقاب هجمات سبتمبر. فالولاياتالمتحدة أقرت برنامجا رسميا للرقابة على المساجد في عهد بوش، كما أقرت قانون "باتريوت آكت" الذي يتيح الرقابة على الاتصالات في حالات كثيرة، فضلا عن بعض القضايا التي ظهر فيها تقييد الإعلام هناك، مما يشير إلى أن واشنطن حينها قررت تقديم الأمن على الحرية. أما في ظل ما حمله أوباما من شعار "التغيير" في إشارة لسلفه بوش؛ فلم يعد من الممكن أن تستمر الولاياتالمتحدة في اتباع نفس المنطق في التعامل مع الحريات من جانب، والمسلمين من جانب آخر؛ مما يزيد من المخاوف الغربية الأمنية -وخاصة الأمريكية- في ظل اعتقاد الغالبية أن الجمهوريين أفضل من الديمقراطيين فيما يتعلق بالنواحي الأمنية. وتظهر خطورة ازدياد المخاوف من الغرب في أنها تأتي في وقت يزداد فيه التأييد للأحزاب اليمينية المتطرفة المناهضة للمهاجرين في الغرب؛ خاصة مع تأثيرات الأزمة الاقتصادية العالمية على ازدياد معدلات البطالة وتراجع وشعور المجتمعات الغربية بالتهديد الاقتصادي -والأمني أيضا- من المهاجرين. ولذلك حذر خبراء أمريكيون من انتشار ظاهرة تحول شبان أمريكيين نشأوا في الولاياتالمتحدة إلى العنف المسلح متأثرين بفكرة "الجهاد المقدس"، مؤكدين أن واشنطن أغمضت عينيها عن هذا الأمر؛ لعدم معرفتها بالموقف الواجب اتخاذه لمواجهة هذا التهديد القادم من داخل الولاياتالمتحدة. وقال نهاد عوض -المسئول في مجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية "كير": عندما عثرت عائلة أحد الشبان الخمسة على شريط فيديو يتحدث فيه الشاب عن الجهاد أدرك المسلمون وجود مشكلة؛ حيث يخشى خبراء استخباراتيون حاليون وسابقون من تحول المسلمين من أصول أفغانية وباكستانية وصومالية لتبني العنف؛ بسبب قدرتهم على التنقل من بلد لآخر وداخل الولاياتالمتحدة مستفيدين من جوازات سفرهم الأمريكية، وبرر الخبراء تلك الخطوة بسعي القاعدة وحلفائها إلى تجنيد المزيد من الشبان وبخاصة من لا يثيرون شبهات لدى السلطات الأمريكية. وبدأت الاستخبارات الأمريكية مساعيها لتقليص التهديد الذي يشكله إرهاب الإسلاميين في الداخل بعد أن أكد تقرير لمجموعة من الخبراء "نمو كبير للفئة المتشددة والعنيفة من المسلمين في الغرب"؛ لكن التقرير اعتبر أن الولاياتالمتحدة محصنة من هذا الخطر أكثر من أوروبا؛ بينما تزايدت المخاوف من توقيف العشرات من المشتبه فيهم مؤخرا. وعلى صعيد متصل، بدأت شرطة مكافحة الإرهاب في بريطانيا زيارات دورية لدور رياض الأطفال، للكشف عن احتمال تعرض الأطفال لما وصفته ب"غسيل مخ" من جانب متشددين إسلاميين، وذكرت صحيفة (تايمز) أن شرطة وست ميدلاندس وسط إنجلترا أكدت أهمية متابعة سلوك الأطفال؛ لأن التأثير على ميولهم الفكرية يبدأ في سن الرابعة. وقالت: إن الشرطة أبدت قلقها من إمكانية وجود أطفال ترسم قنابل، أو تعتقد في إقامة دولة إسلامية في البلاد؛ مما يعني وصول الأفكار المتشددة إلى الأطفال. وطالبت الشرطة المعلمين بمراقبة الأطفال والإبلاغ عن أي عملية تسعى لجعلهم متشددين فكريا. وعلى الرغم من محاولة المنظمات الإسلامية العاملة في الغرب أن تؤكد أن هوية المسلمين الغربيين الوطنية تسبق هويتهم الدينية؛ إلا أن أحداث الاضطهاد التي يتعرض لها المسلمون في الغرب تثير هويتهم الدينية وتدفعها للتغلب على الوطنية (حادثة مروة الشربيني، ومنع الكلاب والمحجبات من دخول مطعم هولندي، وتدنيس المصحف في أكثر من مناسبة، والمظاهرات ضد الإسلام نماذج للاضطهاد). كما أن وجود العديد من الصراعات المسلحة والصدامات السياسية العنيفة التي تدور بين دول غربية وأخرى إسلامية (العراق والشيشان وأفغانستان وإيران وغيرها) يزيد من احتقان الأوضاع بين الأقليات الإسلامية ودولها ومجتمعاتها، حتى أن بعض المفكرين الغربيين بدأوا يحذرون من ظهور "المجاهدين" من الأرض الأوروبية والأمريكية؛ بدلا من الأفغانية.