الدكتور كمال درويش اسم كبير فى عالم الرياضة المصرية. تولى رئاسة الزمالك حوالى عقد من الزمان شهدت خلاله القلعة البيضاء إنجازات غير مسبوقة. وفى ظل ما تموج به الساحة الرياضية من أحداث خطيرة عقب مجزرة بورسعيد كان من الضرورى أن نتوقف عند رأي «درويش» فى كل ما جرى ووجهة نظره فى كل ما يحدث على الساحتين الرياضية والسياسية فى الوقت الحالي: - بداية كيف عايشت أحداث كارثة بورسعيد؟ أثناء مباراة المصرى والأهلى كنت موجودا فى لندن وعقب انتهاء المباراة تلقيت اتصالات بوقوع الكارثة التى راح ضحيتها عشرات الشهداء. وفى تصورى أن هناك يدًا خفية استغلت حالة الشقاق الموجودة بين جماهير الناديين والتى اشتعلت قبل المباراة عن طريق الوعيد الجماهيري من خلال الفيس بوك. بالإضافة إلى حالة الاحتقان الذى تسبب فيه الإعلام الرياضى الذى أشعل وقود الفتنة والتعصب بين الجماهير مما أسهم فى وقوع الكارثة. - كيف استقبلت نبأ وفاة أحد أقاربك نتيجة هذه المأساة؟ كان من ضمن الشهداء الذين راحوا ضحية الحادث الأليم. عمر على حفيد ابنة عم زوجتي. وهو خريج الجامعة الأمريكية الذى توفى أثناء حدوث الكارثة. مما جعل الحزن يخيم على جميع أفراد الأسرة التى فقدت هذا الشاب الخلوق. - هل توقعت حدوث هذه الكارثة قبل اندلاعها؟ هذه الحادثة كانت مفاجأة كبيرة بالنسبة لنا لأننى لم أتوقع على الإطلاق وقوع ضحايا فى أحداث مباراة كرة قدم. وكان أقصى تقدير هو نشوب مشاجرات بين الجمهورين. ولكن فى ظل هذه الظروف وحالة الاحتقان الشديدة التى سبقت المباراة كان يمكن إلغاؤها أو إقامتها دون جمهور. - أصابع الاتهام تشير إلى أن جمهور المصرى وراء الحادث وهناك آخرون يعتقدون أن بعض المتآمرين هم الجناة الحقيقون. فمن وجهة نظرك من هو الجانى الحقيقي؟ أعتقد أن هناك أطرافًا أخرى هى التى دبرت لوقوع الحادث وليس جمهور بورسعيد. لأنه على مر السنين لم تقع جرائم من هذه الجماهير التي كان أقصى ما تفعله هو توجيه الشتائم لبعض اللاعبين أو الحكام. بالإضافة إلى حدوث الاشتباكات من جانب جمهور بورسعيد تجاه الجمهور الضيف. وهو ما كان يحدث أثناء مباريات المصرى أمام الزمالك فى بورسعيد وقتما كنت رئيسًا للزمالك. أما خلاف ذلك فلم تحدث مثل هذه المجزرة أو أقل منها. مما يجعل أصابع الاتهام تشير إلى المتآمرين وهذا ما ستكشف عنه التحقيقات الجارية الآن. - هل تعتقد أن لجنة تقصى الحقائق ستصل إلى الحقيقة كاملة؟ لجنة تقصى الحقائق مهمتها تنحصر فقط فى رؤية ووصف الظواهر العامة والملابسات التى أدت إلى وقوع الحادث. بالإضافة إلى تقديم تقرير وافٍ بجميع تفاصيل الحادث. لذا فهى ليست لديها الصلاحية الكاملة للبت فى القضية. وإنما النيابة هى صاحبة الحق فى اتخاذ القرارات بعدما تجمع الأدلة كاملة ويتم الإعلان عن الجناة الحقيقيين الذين ارتكبوا الحادث. - فى رأيك من المسئول عن وقوع هذه الكارثة؟ المسئولية تقع على أطراف عديدة يأتى فى مقدمتها مدير أمن بورسعيد الذى يعتبر المسئول عن عدم تأمين هؤلاء الجماهير الذين تعرضوا لعدم الحماية الكافية. بالإضافة إلى مجلس إدارة المصرى الذى يعد المسئول الأساسى عن سلامة اللاعبين والجهاز الفنى للفريق الضيف وكذلك الجماهير. لذا يكون دور رئيس النادى مهمًا فى المباريات إذ يتحتم عليه حضوره مبكرًا لتأمين سلامة الجميع. وكذلك مغادرته كآخر الأشخاص حتى يتأكد من عدم وجود خسائر صاحبت أحداث المباراة. - ما رأيك فى ردود فعل مجلس إدارة الأهلى تجاه المجزرة؟ مجلس إدارة النادى تقع عليه مسئولية صعبة ما بين مواصلة خطواته الناجحة التى اتخذها منذ وقوع هذا الحادث. وبين تكلمة النشاط الرياضى وما يتبعه من مسئوليات كبيرة. لكنه فى جميع الأحوال يسير فى الطريق الصحيح من خلال مساندته القوية لأسر الشهداء والمصابين والتي تمثلت فى متابعته الدائمة لسير التحقيقات. بالإضافة إلى إنشاء صندوق تبرعات لأسر الشهداء بجانب مواساة اللاعبين وأفراد مجلس الإدارة وتقديم واجب العزاء لأسر هؤلاء الشهداء. - هل قرار إقالة اتحاد الكرة فى التوقيت الحالى كان صحيحًا؟ بالطبع القرار سليم لأن الاتحاد أيضًا يتحمل مسئولية هذه الأحداث. إذ كان يتطلب منه عدم إقامة المباراة طالما الأجواء متوترة. بالإضافة إلى أن الإقالة تأخرت كثيرًا نظرًا للخلافات الدائرة بين أعضائه بالإضافة إلى استقالة أكثر من عضو بالمجلس خلال الفترة الماضية. علاوة على أن المجلس كان يسير دون سياسة واضحة وكان الهدف الرئيسى هو تحقيق المكاسب المادية على حساب الأمور الفنية. مما انعكس بالسلب على المنتخب الوطنى فكان عدم الوصول لكأس الأمم الأفريقية التى أقيمت مؤخرًا ب"الجابون وغينيا الاستوائية". - ما تعليقك على أن اتحاد الكرة السابق مازال يدير شئون الكرة حتى الآن؟ هذا فى حد ذاته كارثة كبرى ويجب على المجلس القومى للرياضة سرعة التدخل لوقف هذه المهزلة. ويتم عقد الجمعية العمومية لانتخاب مجلس إدارة جديد له الشرعية بحيث يتولى المسئولية فى الفترة المقبلة. - من وجهة نظرك هل أنور صالح القائم بأعمال رئيس الاتحاد قادر على تولى المهمة فى الفترة الحالية؟ تعيين أنور صالح لتسيير الأعمال ليس له صفة الشرعية. لأنه لم يأت عن طريق الانتخاب وإنما الشرعية تُعطى لمجلس الإدارة الذى يتم انتخابه عن طريق الجمعية العمومية. وبالتالى يكون المجلس المنتخب هو الذى يستطيع تكملة المشوار. - هل ستترشح لمنصب رئيس الاتحاد فى الانتخابات المقبلة؟ هذه الفكرة غير واردة على الإطلاق. لأن هناك خللاً واضحًا فى سير العملية الانتخابية وأكبر دليل على ذلك ما حدث فى الانتخابات الماضية عندما تم تقديم الرشاوى الانتخابية بمبالغ مالية باهظة لبعض أعضاء الجمعية العمومية مما يجعل العمل غير صالح فى ظل هذه الأجواء الفاسدة. وإنما من الممكن أن أعطى خبراتى العلمية فى حالة انتخاب مجلس إدارة كفء بحيث أساعد فى تقديم العون له من خلال تشكيل لجنة علمية على مستوى عالٍ لطرح الأفكار وبحث الاستراتيجيات التى تساعد على سير العمل بنجاح. - هل تؤيد فكرة إلغاء الدورى هذا الموسم؟ لا أؤيد إلغاء الدورى بصفة خاصة وكذلك فكرة إلغاء النشاط الرياضى عمومًا. لأنه فى حالة الإلغاء سيكون المتآمر الذى دبر لأحداث بورسعيد قد نجح فى تنفيذ خطته. لذا يجب أن تستمر الحياة ولا تتوقف وتعود الأنشطة مرة أخرى عقب انتهاء فترة الحداد. شريطة عودة الشرعية لرجال الأمن حتى يتم تأمين المباريات دون حدوث كوارث أخري. - هل فى حالة إلغاء النشاط الكروى سيؤثر بالسلب على مستقبل الرياضة المصرية؟ ستكون الخسائر فادحة سواء من الناحية الفنية أو الاقتصادية. أما بالنسبة للأمور الفنية فسيؤثر الإلغاء بالسلب على إعداد المنتخبات الوطنية خاصة المنتخب الأوليمبى الذى سيشارك فى أوليمبياد لندن فى الصيف المقبل. بالإضافة للأندية المصرية التى ستشارك فى بطولتى دورى رابطة الأبطال أو الكونفيدرالية أما الناحية الاقتصادية ستتعرض الأندية لخسائر مادية كبيرة نتيجة إلغاء المباريات مما سيجعل الأزمة المالية تتفاقم. - هل رفض الأمن إقامة مباريات المنتخب التجريبية يعزز من احتمالات إلغاء الدوري؟ بالطبع لأن وجود الأمن ضرورى وغيابه سيهدد عودة المباريات مرة أخري. لكن فى حالة إعطائه صلاحيات لتطبيق القانون ستعود الأمور لمجراها الطبيعي. - ما أهم الإنجازات التى حققتها أثناء توليك فترة رئاسة مجلس إدارة الزمالك؟ توليت رئاسة النادى فى الفترة من 1996 حتى 2005 وخلال هذه الفترة حققنا العديد من الإنجازات أهمها إنشاء النادى النهرى وصالة جمانزيوم للأعضاء. بالإضافة لإنشاء تراك من الترتان ملاصق لملعب الكرة. وكذلك حصولنا على قطعة أرض كبيرة محاطة بالأسوار فى 6 أكتوبر. بالإضافة إلى إحراز العديد من البطولات تمثلت فى حصول النادى على 1186 بطولة مختلفة سواء دولية وعالمية ومحلية منها 16 بطولة للفريق الأول للكرة سواء على المستوى الأفريقى أو العربى أو المحلي. - من وجهة نظرك لماذا لم يعرف الزمالك طريق الاستقرار خلال السنوات الماضية؟ عدم الثبات الإدارى نتيجة لوجود العديد من المجالس المعينة فى فترات وجيزة أدى إلى عدم الاستقرار. بالإضافة إلى عرض الخلافات والمشكلات التى كانت تحدث نتيجة لتزوير الانتخابات فى المحاكم أدى إلى الانهيار وعدم تحقيق النادى لأى نجاحات خلال الفترة الماضية. - هل تعتقد أن المجلس الحالى لديه القدرة على عودة الاستقرار للنادى من جديد؟ الجمعية العمومية هى التى اختارت المجلس الحالى وبالتالى له جميع الصلاحيات للقيام بأعماله دون التعرض لضغوط من أحد. والمطلوب من المجلس أن يعمل بجد وإصرار خلال الفترة الحالية خاصة أنه يوجد داخل المجلس عناصر جيدة يمكن أن يعملوا بعدما أصبح المناخ ملائمًا لبذل مزيد من الجهد حتى تتسنى عودة الاستقرار والهدوء من جديد للنادي. - فى الشأن السياسى هل توافق على فكرة اختيار رئيس توافقى فى الانتخابات الرئاسية المقبلة؟ أنا ضد هذه الفكرة تمامًا لأنه يجب على الشعب وحده اختيار الرئيس القادم دون تدخلات مجموعة معينة من الأحزاب حتى لا تفرض آراءها. عمومًا حق الترشيح مكفول للجميع وعلى كل مرشح أن يعرض إنجازاته وبرامجه التى يريد تحقيقها فى حالة توليه الرئاسة والشعب هو الذى يحدد من الشخص الذى يرضى طموحاته ويحقق آماله. - فى رأيك من هو المرشح الأنسب لتولى منصب الرئيس خلال الانتخابات المقبلة؟ من وجهة نظرى أن الأنسب فى المرحلة المقبلة هو الذى لديه المقدرة على عودة الاستقرار للبلاد من جديد والمحافظة على أمنها داخليًا وخارجيًا. ولديه برنامج اقتصادى واضح وبناء يستطيع من خلاله النهوض فى المجالات الاقتصادية فى فترة زمنية محددة. بالإضافة إلى أن يكون لديه حلول للقضاء على المشكلات التى نعانى منها مثل العشوائيات والبطالة وغيرها من المشكلات الأخري. - هل تؤيد مقاطعة المعونة الأمريكية؟ مصر لا تحتاج إلى معونات من الدول الأجنبية وإنما المطلوب للنهوض سريعًا لدعم اقتصادنا هو العمل والإنتاج من جانب جميع أطياف الشعب. لأن الشيء الصعب عندما نجد العديد من المؤسسات يكون لديها مجموعة محدودة للغاية هى التى تنتج وتعمل بينما باقى الأفراد لا يقومون بأى أدوار. ودائمًا مصر غنية بمواردها ولكن التنظيم مطلوب حتى يتم تحقيق الهدف الذى نسعى إليه. وهو عدم الحاجة إلى معونات من الدول الأخري. - ما رأيك فى المبادرة التى أطلقها الشيخ محمد حسان لمنع المعونة؟ الشيخ محمد حسان أطلق هذه المبادرة لحرصه الشديد على مصلحة البلد. لكن التبرعات لن تحل أزمة المعونة ولكن العمل هو السبيل الوحيد للخروج من هذه الكبوة التى نعانى منها لأنه فى حالة أن الجميع بذل جهدًا وعمل بجد وإصرار سيزيد الإنتاج وسيتحقق الربح. وبالتالى سيتوافر العائد المناسب للدولة وبالتالى لن نحتاج إلى المعونات. - بماذا تفسر فشل حركة العصيان المدني؟ هذه الحركة فشلت لأن فئات عريضة من الناس تعتمد على قوت يومها وفى حالة إعلان هؤلاء الناس العصيان سيتأثرون كثيرًا ولا يجدون الدخل الذى يعتمدون عليه. بالإضافة إلى أن هذه الفئات لا يوجد لديها أطماع سياسية وإنما هدفهم فقط هو توفير العيش الكريم لهم ولأولادهم. وبالتالى لا يوجد سبب لديهم لإعلان العصيان. - هل تعتقد أن مصر تتعرض لمؤامرة تستهدف النيل منها؟ مصر دائمًا تتعرض لمؤامرات منذ سنين بعيدة. وذلك بحكم موقعها الجغرافى المتميز وتاريخها الحافل بالإنجازات. بالإضافة إلى أن هناك من يتعمد عدم نهوضها مرة أخري. لذا يجب على الشعب المصرى أن يفطن لذلك ونتكاتف جميعًا ونكون يدًا واحدة ضد هذه المؤامرات سواء الخارجية أو الداخلية. - هل البرلمان حقق المهام الموكلة إليه منذ انعقاد جلساته فى يناير الماضي؟ البرلمان مازال لديه مجموعة كبيرة من الأعمال لابد من تحقيقها فى الفترة المقبلة. بالإضافة إلى أنه لابد أن يركز على المجالات الأساسية للمجتمع مثل المجال الاقتصادى وغيره من المجالات الحيوية ويبتعد من مناقشة الأمور الثانوية التى ليس لها قيمة كبيرة للناس. وهذا هو دوره الذى لابد أن يفعله فى المرحلة المقبلة. - هل تؤيد وجهة النظر التى تنادى بوجود نظام سياسى برلمانى فى الوقت الراهن على حساب النظام الرئاسي؟ من وجهة نظرى النظام البرلمانى الرئاسى هو النظام السياسى الأنسب فى الفترة الحالية بحيث تقنن اختصاصاته وتوزع الاختصاصات التشريعية للبرلمان التنفيذية لمجلس الوزراء واختصاصات للعمل الخارجى بالاتفاق مع لجان الشئون الخارجية بمجلس الشعب ويكونون أصحاب القرار. وبذلك يكون نظام الحكم ديمقراطيًا وليس ديكتاتوريًا ينصب على الرئيس فقط. - هل الثورة حققت المطالب التى قامت من أجلها؟ أعتقد أن الثورة حققت الكثير من الأهداف والتى تمثلت فى سقوط النظام السابق وحاشيته بعد قضاء سنين طويلة فى الحكم. بالإضافة إلى أنهم يحاكمون وهذا فى حد ذاته إنجاز كبير حققه الثوار. علاوة على ذلك بدأ الاستقرار يعود تدريجيًا بعدما تمت انتخابات مجلسى الشعب والشوري. ثم ستبدأ انتخابات الرئاسة. وهذه كلها أمور تجعلنا نتفاءل بالمرحلة المقبلة. - أخيرًا هل مصر قادرة على تخطى المرحلة الصعبة الحالية؟ مصر دائمًا ستظل محروسة لأنها صادفت العديد من الأزمات والمحن الصعبة على مر السنين. وكان من أهمها حروب 48 و56 و67 و73. وهذه الفترات تعتبر أصعب بكثير من الفترة الحالية التى نمر بها. لكن بالعزيمة نستطيع النهوض من جديد.