المقصود برؤية الهلال شرعا: مشاهدته بالعين بعد غروب شمس اليوم التاسع والعشرين من الشهر السابق ممن يعتمد خبرة وتقبل شهادته فيثبت دخول الشهر القمري برؤيته. الحكم التكليفي: رؤية الهلال من فروض الكفايات في الجملة ويتأكد هذا في ليلة الثلاثين من شعبان ومن رمضان ومن ذي القعدة لمعرفة ابتداء أشهر رمضان وشوال وذي الحجة لتعلق ركني الصيام والحج وتحديد عيدي الفطر والنحر. وتوافرت أخبار صحية في طلب رؤية الأهلة فمنها:(صوموا لرؤيته, وأفطروا لرؤيته, فإن غمي عليكم فأكملوا عدة شعبان ثلاثين يوما) أخرجه البخاري ومسلم وآثار منها:( تراءي الصحابة رضي الله عنهم الهلال) سنن أبي داود بالاستقراء في الأحكام المتعلقة برؤية الأهلية أهمها: طرق إثبات الهلال: رؤية جمع غفير تحصل بهم الاستفاضة والحد الأدني ثلاثة أشخاص, قال بهذا الحنفية والمالكية ومن وافقهم, لفعل الصحابة رضي الله عنهم رؤية عدلين قال به بعض الصحابة وبعض التابعين رضي الله عنهم وبه قال بعض المالكية وبعض الشافعية. رؤية عدل واحد قال به الحنفية والشافعية والحنابلة في رؤية هلال رمضان أما ماسواه من شوال وبقية الشهور, فقد اتفق الفقهاء علي اشتراط رؤية عدلين في هلال شوال في الجملة مع تفصيلات لكل أهمها: يري الحنفية لإثبات هلال شوال في حالة الصحو كون الشهود جماعة يحصل العلم للقاضي بخبرهم في حالة الصحو أما في الغيم شهادة رجلين أو رجل وامرأتين. وذهب المالكية إلي أن رؤية هلال شوال بجماعة مستفيضة أو شهادة عدلين اشترط الشافعية والحنابلة شهادة رجلين عدلين. إثبات الأهلة بالحساب الفلكي: اختلف أهل العلم منذ أواخر القرن الهجري الأول في فهم مدلول( فاقدروا له) في الخبر المروي عن ابن عمر رضي الله عنهما والذي أخرجه الشيخان فأجازه البعض من بعض التابعين وبعض أئمة العلم في المذاهب الفقهية التراثية الموروثة, ومما استندوا إليه( إذا دل الحساب علي أن الهلال قد طلع لولا وجود مانع كغيم أو عاصفة ترابية ودخان كثيف ونحوه فهذا يقتضب الوجود وجود السبب الشرعي, وليس حقيقة الرؤية مشروطة في اللزوم, فإن الاتفاق علي أن المحبوس ولايدرشيئا عن الهلال إذا علم بإتمام العدة أو بالاجتهاد أن اليوم من رمضان وجب عليه الصوم). ومنعه جمهور الفقهاء وفسروا التقدير في الحديث بتفسيرين: أولهما: حمل التقدير علي إتمام الشهر ثلاثين ثانيهما: تضييق عدد أيام الشهر أي تسعة وعشرين يوما. ولهم أدلة يضيق المقام عن إيرادها. اختلاف المطالع: يري جمهور الفقهاء لاعبرة باختلاف المطالع لخبر( صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته) ووجه الدلالة: أن الحديث الشريف أوجب الصوم بمطلق الرؤية لجميع المسلمين دون تقييدها بمكان. ويري الشافعية والأباضية اعتبارها لخبر كريب رضي الله عنه وخلاصته أن ابن عباس رضي الله عنهما لم يعمل برؤية أهل الشام, وأفتي( هكذا أمرنا رسول الله صلي الله عليه وسلم ) صحيح مسلم762/2 ط الحلبي. هذه أهم مسائل رؤية الأهلة في الفقه التراثي الموروث. *ومما يبعث علي الغرابة والنكارة أنه مع استيعاب الدين الحق للمستحدثات والمستجدات والنوازل والعوارض والطواريء فإن من المسلمين ومن المنسوبين إلي العلم أو المجترئين علي العلم يتعبدون باجتهادات ينزلونها منزلة القداسة وقد تؤدي إلي شغب علي الإسلام ذاته وبالمثال يتضح المقال: * هل أمر الرؤية يترك دون ضابط لعوام لايدرون آلية الرؤية السليمة من التوقيت الزماني والمكاني ويصدر بيان عن ثبوت رؤية الهلال عن مواطن مع عدالته الظاهرية إلا أنه لاخبرة ولادراية, علي خلاف المعطيات العلمية الفلكية السليمة من أساتذة وخبراء بلغت وسائلهم ونتائجها حد اليقين؟ وينقسم القطر الواحد إلي صائمين ومفطرين؟ لتعصب وجهل** واستعلاء إن سيدنا عمر رضي الله عنه رفض ادعاء صحابي رؤية الهلال وحده دون سائر الناس أخرج مسلم في صحيحه(2202/4 ط الحلبي) بسنده عن انس بن مالك رضي الله عنه ( كنا مع عمر رضي الله عنه بين مكة والمدينة فتراءينا الهلال, وكنت رجلا حديد البصر فرأيته, وليس أحد يزعم أنه رآه غيري, قال: فجعلت أقول لعمر: أما تراه؟ فجعل لايراه, قال: يقول عمر: سأراه وأنا مستلق علي فراشي)! * إذا أجيز لعوام فيجب جماعة مستفيضة لفعل الصحاية رضي الله عنهم ولما قال المالكية وأن( إعمال الكلام أولي من إهماله) والأولي للأدلة جمعها بمعني: لاتهمل الرؤية بمعطيات سليمة من اختصاص فقهاء وخبراء فلكيين معا يتحرون المواقيت الزمانية والمكانية لولادة الأهلة, وهذا من باب المصالح والأخذ بالاحتياط فيما يجب الاحتياط ومالا يتم الواجب إلا به فهو واجب, وتترك لعوام دون خبرة ودرية ودراية. * إذا صار العجز الإسلامي عامة والعربي خاصة عن مرصد إسلامي بمعطيات الشرع والعلم معا, فيجب من باب الدقة التأكد بوسائل علمية معاصرة مثل: *طائرة مروحية تحلق فوق مستوي السحاب أو أعلاه ليلة طلب الرؤية بها فقهاء وخبراء متخصصون. * كاميرا رقمية تسجل لحظة ولادة الهلال باليوم والدقيقة والثانية, وتوفيرها في عموم البلاد كتوثيق في الإدلاء بشهادة الرؤية. * في حالة عدم الأخذ بما سلف فليكن الأخذ باعتبار المطالع أي لكل قطر رؤيته درءا لانقسام القطر الواحد واتقاء للفتن. ( ودفع المفاسد مقدم علي جلب المصالح). إن سد منافذ الاجتراء والافتراء علي مايمس شعائر الدين من أعلي الواجبات وذلك يستوجب تضافر الجهود في المؤسسات الدينية المعتمدة وليس لآحاد أو عوام, وليس لقطر علي من سواه!