لاشك ان تآكل' الطبقة الوسطي' هو الخطر الحقيقي, الذي يهدد وحدة واستقرار, وأمن وأمان المجتمع, في الفترة الحالية.. الصراع الدائر والمعارك الحاصلة في الوقت الحاضر, تنحصر- في تقديري- في الأعم الأغلب, بين فئتين: إحداهما' مذهبية مؤدلجة', والثانية' برجوازية' متحفزة. هدف الأولي الاستحواز, والسيطرة, والتمكن, والهيمنة. وغرض الثانية, المتاجرة, والسمسرة, ولبلوغ مآربها فهي تنفق بسخاء, لتضمن الاستمرار في الملعب السياسي, بحيث تؤمن مصالحها, وتحقق أطماعها. أما الأغلبية المطحونة, فتشغلها' لقمة العيش', وتلهيها نزعة الرغبة في مجرد البقاء علي قيد الحياة, وبالتالي لا مجال للتعويل عليها, ولا أمل في تحركها, حتي يلج الجمل في' سم الخياط', أي ثقب الإبرة.. وكل ثقب في عين, أو أنف, أو غير ذلك, فإن العرب تسميه' سما'. أما الطبقة الوسطي, فهي صمام الأمان, وحجر الزاوية, لأي تغير إيجابي, باتجاه الثورة الفاعلة, والإصلاح الحقيقي بمعناه الشامل.. نموالطبقة الوسطي, هو الضمانة الجوهرية لأي حراك مجتمعي, وإنجاز تنمية متواصلة, بعيدا عن التعصب والإقصاء من ناحية, وأيضا بمنأي عن الجشع والانتهازية, من الناحية الأخري. من هنا فإن الفصيلان المتصارعين, كلاهما يسعي لنسف وتدمير الطبقة الوسطي, ذات التوجه المدني, العقلاني, المعتدل, المنطلق بالأساس من القيم والأطر الثقافية المتزنة, هذه الطبقة تتعرض الآن لاستقطاب سافر من التيارين, طرف يعمد إلي غسل مخها والتشويش علي تفكيرها.. وآخر يغويها بأمواله, ويستعملها كأداة, لتجميل وجهه وتلميع صورته, وإضفاء الطابع الشعبوي, علي مخططاته البرجوازية, التي تهدف أصلا إلي جمع المال, والوصول إلي السلطة. والسؤال الذي يطرح نفسه هو: متي تحطم الطبقة الوسطي قيود التبعية, وتتخلص من أغلال الاستقطاب؟ متي تدرك المخاطر الرهيبة التي ترمي إلي استئصالها, أو علي الأقل إخصائها وتدجينها؟ تري تنتظر من بالضبط لكي يحملها علي أكتافه, و'يمكنها' من وضع يدها علي حاضر ومستقبل وطنها؟! في تصوري أن تفعيل الإجابة علي هذه التساؤلات كفيلة بحل اللغز, والرد علي سؤال: متي تسترد مصر عافيتها, وتقف علي قدميها مجددا, لتسترد وجودها الفاعل علي الساحتين الإقليمية والعالمية.. وعلي الله قصد السبيل. [email protected] رابط دائم :