واقعة فساد كبري فضحتها الدعوي القضائية التي أقامها عدد من العاملين بمصنع الغزل بأسيوط ضد كل من رئيس مجلس الوزراء الأسبق ووزير الاستثمار الأسبق ورئيس مجلس إدارة الشركة القابضة للغزل والنسيج في عهد النظام البائد, وكذلك محافظ أسيوط بصفته, ورئيس مجلس إدارة بنك مصر بصفته, ورئيس مجلس إدارة البنك الأهلي بصفته, لتشاركهم في تسهيل عملية البيع والتنازل عن نحو105 آلاف م2 من أراضي مصنع الغزل بأسيوط بدون مقابل مادي مكتفين بإسقاط الديون عن الشركة لدي البنوك وهو ما يثير الشك والريبة خاصة وأن أحداث تلك العملية تشير إلي أنها صفقة مشبوهة بين أطرافها كمحاولة للتربح والاستفادة بدون وجه حق بما يعد إهدارا للمال العام المخصص للمنفعة العامة وضياع تلك الأموال علي الدولة. ويقول محمود بخيت قاسم محامي العاملين بالمصنع إن عملية بيع أرض مصنع الغزل بأسيوط تعد نموذجا صارخا لإهدار المال العام حيث تم في عامي2010/2009 بيع مساحة أرض فضاء بمصنع غزل ونسيج أسيوط الذي يتبع الشركة القابضة للغزل والنسيج بدون تنظيم مزاد رسمي أو علم أحد سواء من العاملين بالمصنع أو مواطني أسيوط وقدرت تلك المساحة بنحو105 آلاف م2 وهي تمثل ما يعادل24 فدانا كانت بمثابة شون لتخزين الأقطان وتم شراء هذه الأرض كحصص فيما بين البنك الأهلي وبنك مصر وذلك بسبب المديونيات المتراكمة علي المصنع لصالح تلك البنوك وجاء قرار رئيس الشركة القابضة بتشكيل لجنة لتقدير سعر المتر بتلك المنطقة وتم تشكيل لجنة بالفعل. والتي وصفت الأرض بأنها تقع بجوار الكتلة السكنية بمنطقة نزله عبد اللاه في الجهة القبلية وبالقرب من سكن الحمراء من الجهة الشمالية ويتميز موقع الأرض بأنه من المواقع المجاورة والملاصقة للسكن المتميز بمحافظة أسيوط حيث إنها تصلح لكافة الأغراض ومنها الاستغلال العقاري لتميزها ولمجاورتها لكل الخدمات العامة والخاصة والمتمثلة في الناحية التعليمية والصحية بكافة مستوياتها ومكاتب البريد إلي جانب قربها من السوق التجارية ووقوعها علي النيل مباشرة, وأضافت اللجنة في تقريرها أن المنطقة كاملة المرافق من مياه وكهرباء وتليفونات وخلافه وسهل الوصول إليها وذلك عن طريق المواصلات العامة والخاصة حيث تبعد عن موقف سيارات الوجه القبلي والنقل الداخلي مسافة50 م تقريبا, وكذلك قربها من محطة السكة الحديد بأسيوط حيث تبعد3 كم تقريبا, والأكثر من كل ذلك أن الأرض تقع في قلب أسيوط, وبالرغم من كل تلك المميزات فقد قدرت اللجنة سعر متر الأرض بها بسعر تقديري للمتر نحو2400 جنيه وهو ما يعد كارثة بكل المقاييس حيث أن الجميع داخل مصر وخارجها يعلم أن سعر متر الأرض بمدينة أسيوط وصل إلي40 ألف جنيه ونظر لأن تلك المنطقة تبعد قليلا عن قلب المدينة بعدة أمتار فبعض الخبراء قام بتثمينها بسعر20 ألف جنيه للمتر الواحد وخير دليل علي ذلك الأسعار التي يتم تداولها حاليا بأبراج الكهرباء بنزلة عبد اللاه التي تلاصق تلك الأرض وهو ما يعني أن سعر الأرض تقريبا يقدر بملياري و100 مليون جنيه, ولكن طبقا للعملية الحسابية التقديرية لعملية التثمين للأرض ب2400 في مساحة105 آلاف متر فإنها قدرت ب252 مليون جنيه, وبما أن الشركة تنازلت عن الأرض مقابل إسقاط الديون الغامضة التي لم يتم الإعلان عنها فإن تلك الحصيلة ربما تكون هي قيمة الدين ولذا تمت التسوية وهو ما يعد إهدارا للمال العام بكل المقاييس فكيف يتم التنازل عن أرض تقدر بملياري جنيه مقابل252 مليون جنيه لذلك تم اللجوء سريعا إلي القضاء المصري لوقف تلك المهازل التي تنذر بفساد مالي ضخم خاصة وأنه لو تمت عمليات البيع بضمير لحققت فائضا يمكن أن ينهض بالمصنع من جديد. وأوضحت نجاة مصطفي سيد عضو اللجنة النقابية بمصنع الغزل بأسيوط أن ما يحدث بأرض شركة الغزل بأسيوط يعد كارثة بكل المقاييس حيث إن فكرة إنشاء المصنع ترجع إلي قرار رئيس الجمهورية رقم2087 لسنة1971 بنزع ملكية مساحة90 فدانا وتحويلها من أراض زراعية إلي منفعة عامة لصالح الدولة وذلك لإقامة مشروع مصنع الغزل والنسيج شركة قطاع عام وكان المستهدف إقامة مصنع للغزل ثم مصنع للنسيج ثم مصنع للصباغة ولكن ذلك الحلم توقف عقب الانتهاء من المرحلة الأولي وهو مصنع الغزل عام1975 وتم تشييد2 شونة لتخزين القطن الخام والأخري لتخزين عوادمه بمساحة105 آلاف م2 وفي عام1993 بدأت موجه الخصخصة والتخلص من القطاع العام لصالح أفراد بعينهم ولعبت الحيلة الماكرة التي ابتكرها عاطف عبيد عندما كان رئيسا للوزراء دورا هاما في تفتيت المصنع والتمهيد لبيعه حيث قرر تحويل القطاع العام إلي قطاع أعمال وهو ما يعني عدم تمثيل العمال في مجالس إدارة المصانع علي أن تكون القرارات الخاصة بالبيع في يد الجمعية العمومية غير العادية التابعة لرئيس الوزراء ووزير الاستثمار وتل تلك الخطوة قرار المعاش المبكر للعمال للإطاحة بهم وجاءت الخطوة الثالثة لانهيار المصنع وصناعة الغزل عامة بالاستدانة من البنوك بهدف سداد رواتب العاملين. وأضافت أن هناك مخططا يدار بإحكام للقضاء نهائيا علي مصنع الغزل بأسيوط حيث إن الأحوال داخل المصنع في تدهور مستمر والسبب في ذلك سياسة الإدارة التي تهدف إلي ذلك التدهور من خلال جلب خامات رديئة من القطن الذي يتم غزله وطرحه في الأسواق والذي كان له أثر بالغ في تهالك معدات المصنع التي لم يتم تحديثها منذ افتتاحه في السبعينات وهو ما أثر بالسلب علي أرباح الشركة ودفعها لتكبد خسائر جمة حتي وصل الحال بالشركة إلي الاقتراض من البنوك علي حد قولهم لسداد رواتب العاملين بالمصنع والذين كان عددهم عند الافتتاح3000 موظف وتضاءل العدد يوما بعد يوم بسبب المعاش المبكر حتي وصل إلي600 موظف حاليا وشهريا يخرج منهم عدد كبير علي المعاش دون تعويضهم بموظفين جدد مما ينذر بوضع مأساوي في الأشهر القليلة المقبلة عندما سيفاجأ الجميع بتوقف المعدات بالمصنع لعدم توفر العمالة المدربة ومن ثم يتم التخلص من المصنع وأرضه كما حدث حاليا في صفقات غامضة حيث إننا فوجئنا أثناء عملنا بالمصنع بوضع لافتات علي جزء من أراضي المصنع الشاسعة التي تقع في قلب مدينة أسيوط بأنها أصبحت ملكا للبنك الأهلي وبنك مصر فيما بينهما وذلك عقب عجز الشركة عن سداد الديون الملتزمة بها وعندما استفسرنا عن الأمر تبين لنا أن الشركة القابضة قد قامت بالتنازل عن الأرض بدون مقابل مادي مكتفية بإسقاط الديون المتراكمة عليها وهو ما يعد في حد ذاته جريمة يحاسب عليها القانون حيث إن قيمة الأرض تفوق كثيرا قيمة الدين أيا كان وهو ما يعني شبهة تورط قد حدثت بين جميع الأطراف.. وفي تعقيب للدكتور يحيي كشك محافظ أسيوط أكد أن المحافظ الأسبق السيد نبيل العزبي قام بانتزاع مساحة30 ألف متر من أراضي شركة الغزل والنسيج بعدما قرر مسئولي الشركة بيع هذه الأراضي لحساب الشركة والاستفادة من المبالغ الخيالية لأسعار الأراضي في مدينة أسيوط لامتلاكها لمساحة كبيرة للغاية تم تخصيصها للمصنع والتي تعد من أكبر المساحات المجمعة داخل مدينة أسيوط التي وصل فيها سعر المتر لأرض المباني لمبالغ فلكية خاصة أن الأرض تقع علي النيل مباشرة وبالفعل قامت المحافظة باستلام30 ألف م2 من أراضي شركة الغزل والنسيج بحي شرق مدينة أسيوط وعقب استلامها قرر العزبي تخصيصها مساكن للإسكان الاقتصادي والمتوسط, ومنذ ذلك الحين لم يتم فتح الموضوع مرة أخري ولم يتم التطرق له خاصة وأن البنوك طرحت الأرض التي ترغب في بيعها في مزاد علني بعيد عن أي شكوك وبعد اتضاح تلك الأمور سيتم تشكيل لجنة من المحافظة علي مستوي قانوني متخصص لبحث سبل مناقشة تلك الأحداث خاصة وان الشركة القابضة باعت الأرض بناء علي تقرير لجنة تقدير سعر الأرض والتي جاءت بعيدة عن أسعار مدينة أسيوط التي تفوق محافظات الجمهورية.