نهر النيل أطول أنهار العالم حيث يمتد مجراه الطبيعي مسافة6694 كيلو مترا من منبع( نهر لوفيرونزا) إلي مصب النيل في رشيد ودمياط. وأول منبع للنهر يوجد في( كاجيرا) برواندا. وقد بدأ التنظيم الاتفاقي لمياه نهر النيل متجاوزا المائة عام, وقد كان للمركز القانوني لكل من مصر والسودان, كما يقول الدكتور عادل محمد خير, أستاذ القانون الدولي والمحامي بالنقض, وللظروف السياسية التي مرت بهما, أثر بالغ فمصر والسودان كانا علي مر التاريخ بلدا واحدا, ولم يعرفا الحدود السياسية بينهما إلا في عام1899 عندما وضع السودان تحت الادارة المشتركة لكل من بريطانيا ومصر بمقتضي اتفاق19 يناير1899 وهو الاتفاق التي تضمنت المادة الاولي منه تعريفا اداريا للاراضي التي يطلق عليها تعبير السودان. ولما كانت بريطانيا, في نهاية القرن التاسع عشر, هي المسيطرة علي معظم مجري النيل بدءأ من احتلالها لمصر والسودان, ومرورا باخضاعها لاوغندا وكينيا وغيرها لحكمها, فقد أبرمت العديد من الاتفاقات لضمان انسياب مياه النيل في مجراه مع الدول الاخري التي تقع بعض منابع في اقاليهما أو تتصل بها وتأتي علي قمتها( اتفاق أديس أبابا) الموقعة في1902/5/15 والتي تتعهد بمقتضاه أثيوبيا بعد حصولهما علي الاستقلال والتي تتصل منه الآن بعدم اقامة أية أعمال علي النيل الازرق أو علي بحيرة تانا أو علي السوباط يمكن أن تؤدي إلي اعتراض سريان المياه إلي النيل ما لم توافق علي ذلك مقدما بريطانيا والسودان, حيث يؤكد الاتفاق حقوق دول مجري النهر التي تقررها القواعد القانونية العامة لتنظيم استغلال الانهار الدولية والتي تقضي بتحريم الاستغلال الضار وضرورة اتفاق الدول المعنية( المتضررة) حول كل ما يتعلق بتنظيم استغلال نهر النيل, وأعقب اتفاق أديس أبابا, اتفاق لندن(1906) بين كل من بريطانيا وفرنسا وايطاليا لتقنين أوضاع استغلال نهر النيل بما يحقق مصالح بريطانيا ومصر في حوض النيل وقد تضمنت تأكيدا علي مبدأ عدم نقصان المياه الواردة لمصر من هضبة الحبشة. أما اتفاق عام1929 الذي أخذ شكل الخطابات المتبادلة بين مصر وبريطانيا بصفتها ممثلة للسودان, وأوغندا وكينيا وتنجانيقا فقد حظر اقامةأية منشآت أو أعمال علي النهر وروافده ومنابعه من شأنها ان تعوق سريان مياه النيل بشكل يؤثر علي مصالح مصر, كما نظم الاتفاق ضبط استخدام مياه النيل في السودان حيث لايؤثر علي حق مصر المكتسب في مياه النيل, كما أبرمت( اتفاقية الانتفاع الكامل بمياه نهر النيل 1959) بين مصر والسودان, وتعتبر امتدادا لاتفاق1929 ومكملة له, بل وتعتبر نموذجا يحتذي به في تعاون الدول المجاورة في الاستغلال المشترك والأمثل لمياه النهر, كما أنها تركت الباب مفتوحا لأي دراسة فنية يريد أي طرف من دول حوض النيل القيام بها بما يكفل الاستغلال الكامل والامثل لنهر النيل لصالح شعوب مجري النيل جميعا, كما تضمنت الاتفاقية تنظيم التعاون الفني بين مصر والسودان من خلال انشاء(هيئة فنية دائمة) من الدولتين بعدد متساو من كل منهما يكون اختصاصها رسم الخطوط الرئيسية للمشروعات التي تهدف إلي زيادة ايراد النيل والإشراف علي تنفيذ المشروعات التي تقرها الحكومتان. وخلال مرحلة الستينيات من القرن الماضي تمكنت مصر والسودان من احتواء التفكك الذي ظهر في حوض النيل لنتيجة قصور الوعي بفكرة( المصلحة المشتركة) بين الدول حديثة الاستقلال أخذا بمبدأ( السيادة المطلقة). أما في سنوات السبعينيات من القرن الماضي فقد أبرمت مصر والسودان اتفاقية التكامل الاقتصادي والسياسي التي كانت من أهم نتائجها بالنسبة لدول حوض النيل إقرار مشروع( قناة جونجلي) الذي بدأت دراسته منذ عام1926 حتي بدء تنفيذه بعدم الاتفاقية عام1974 بإشراف شركة فرنسية, إلا أن الاعمال توقفت بسبب الصراع العقائدي شكلا والبترولي موضوعا بيد المخابرات الغربية الذي انتهي في العامين السابقين إلي تقسيم السودان إلي شمال وجنوب. وفي1977/8/24 أنشئت( منظمة تنمية وتطوير حوض نهر كاجيرا) من بوروندي ورواندا وأوغندا وتنزانيا حيث تقدمت إلي مجلس محافظي برنامج الاممالمتحدة للتنمية الذي أوصي بانشاء( خزان رسومو) علي نهر كاجيرا عند الحدود الرواندية البروندية التنزانية, وقد نصت الاتفاقية علي أنها مفتوحة لكل دول نهر النيل مما حدا بأوغندا للانضمام للاتفاقية في5/19/.1981 وخلال حقبة الثمانينيات من القرن الماضي أنشئت مجموعة من التنظيمات الاقليمية منها( منظمة التجارة التفضيلية لدول شرق وجنوب افريقيا1982) و( التجمع الاقتصادي لدول وسط افريقيا ومؤتمرات دول شرق ووسط افريقيا1986) بالاضافة إلي ما تواجهه مصر منذ تلك الحقبة علي المستوي الافريقي خطتي( لاجوس) و( أبوجا) و( مجموعة الاندوجو) التي دعت إليها السودان للتشاور والتنسيق بين دول حوض النيل عن طريق العمل المشترك لدراسة وتنفيذ مشروعات تعود بالنفع العام علي جميع دول وشعوب حوض النيل, وفي يونيو1998 انضمت مصر إلي أهم تجمعات التعاون والتكامل الاقتصادي الافريقي وهي السوق المشتركة للشرق والجنوب الافريقي( كوميسا) إلا أن أثيوبيا ضربت بجميع اتفاقيات حوض النيل الدولية منذ عام1899 وميثاق الاتحاد الافريقي وأحكام ومباديء القضاء الدولي وما استقر عليه الفقه الدولي التي تحكم نظام المياه الدولية, وقررت البدء في تنفيذ سد النهضة دون النظر إلي الاضرار البالغة التي تلحق بمصر وبأمنها القومي. ونظام المياه الدولية علي النحو المستقر عليه في فقه القانون الدولي المعاصر يقصد به المياه التي تتصل فيما بينها في حوض طبيعي متي امتد أي جزء من هذه المياه داخل دولتين أو أكثر من دولتين, ويشمل هذا النظام المجري الرئيسي للنهر ومنابعه ومصباته, ولقد اقتضي التوفيق بين مصالح وحقوق كل من الدول التي تشترك في نهر من الانهار الدولية كنهر النيل ونهر الدانوب, ونهر الراين وجود قواعد تنظيم الانتفاع بالنهر أولا من حيث الملاحة فيه, وثانيا من حيث استقلال مياهه في شئون الزراعة والصناعة وتوليد الطاقة حيث تبدو أهمية نهر النيل في المرتبة الاولي من هذه الناحية. أستاذ القانون الدولي المحامي بالنقض رابط دائم :