بقصد, أو بدون قصد, يتحول الإعلام القومي نحو المعارضة, يجاري ما يحدث في المنابر الإعلامية المعارضة, من صحف خاصة, وقنوات خاصة يحدث هذا في برامج تليفزيونية, وفي تغطيات إخبارية, وفي مقالات تحليلية, وأعمدة يومية. ليس مطلوبا من الإعلام القومي, ان يتخلي عن قاعدته الجماهيرية, ليتبني أجندة معارضة, هي بكل يقين, تمثل أقلية الأقلية... ليس مطلوبا من الإعلام القومي, ان ينسي أجندته الوطنية, وتقاليده المهنية, وعراقة مدارسه بكل أجيالها, ليدخل في سباق لا معني له, مع إعلام جديد, كل ما فيه يرقد تحت علامات الاستفهام القاتلة, من التمويل, إلي الأجندة, إلي نمط التحالفات التي يعمل في خدمتها... نعم: الإعلام القومي يحتاج إلي نهضة, إلي تجديد, إلي إنعاش, إلي استلهام آفاق ثقافية وفكرية اكثر عمقا, وأكثر رحابة واتساعا.... يحتاج إلي ارتياد واكتشاف مناطق جديدة, ولغة جديدة, ورموز شيقة, وأدوات يلعب بها, فيحسن اللعب, ويسجل الأهداف, ويمتع الجمهور. تجديد الإعلام القومي, معناه ان يتم بالعودة إلي جذوره, إلي تراثه, إلي تقاليده, إلي شيوخه, إلي أمجاده ومفاخره....يعود إليها, وينطلق منها, ويعيد إحياءها بما يسهم في التكيف مع احتياجات الجمهور المعاصر. أما الانسلاخ عن الجذور, والقطيعة مع الأصول, وتغيير الثياب فليس هو الحل... وأقول, عن اطمئنان, هو الحل الخطأ, هو الحل المرتبك في لحظة حاسمة ثمن الخطأ فيها فادح, وعواقب الارتباك فيها مدمرة. الإعلام القومي, لا يجوز له ان ينزلق ليكون جزءا من حالة السيولة الإعلامية الراهنة. علي الإعلام القومي, ان يمثل أرضية صلبة تحمي ثوابت المصالح الوطنية المستقرة, وألا يجري وراء إعلام الأجندات المعلنة والخفية, إعلام المصالح الخاصة والفئوية والتي لا يعلمها إلا الله. الإعلام القومي, عليه ان يدرك,انه يخوض حربا طويلة المدي, يحتاج ان يتحلي فيها بالصبر والجلد, هذا الذي نحن مقبلون عليه, هو من نوع السباقات طويلة المسافات, سباقات القدرة والتحمل. الإعلام الجديد يعرف من هو جمهوره وعلي الإعلام القومي ان يتمسك بجمهوره, وأن يتذكره, وأن يضعه أمام عينيه, وأقصد به مصر...مصر...مصر....