بعد غلق باب الترشح لانتخابات التجديد النصفي لمجلس الشوري واختيار الحزب الوطني الديمقراطي لمرشحيه, سوف يطرأ علي الذهن سؤال فوري ومهم هو كيف ينجح المرشح الذي اختاره الحزب ووثق فيه وفي قدراته وما هي الآليات المطلوبة لذلك وكيف يستخدم المرشح هذه الآليات للوصول الي النجاح بدقة ومهنية لكي لا يخذل الحزب الذي ترشح بأسمه. ولعله من المناسب هنا ان نعطي بعض الإشارات والآليات التي أسفرت عنها الدراسات المتخصصة في هذا المجال وبعض الأمثلة عن مرشحين استخدموا هذه الأدوات وحصلوا بها علي النجاح المنشود. الآلية الأولي هي أن يكون حديث المرشح خلال حملته الانتخابية موجها في الأساس إلي فئة الشباب, فأغلبية أعمار جمهور الناخبين حاليا تقع في الفئة العمرية من20 40 سنة طبقا للإحصائيات الرسمية الموثقة.. فمصر إذن دولة شابة وستظل شابة لعقود كثيرة قادمة والمستفيد الحقيقي من ممارسات عضو مجلس الشوري او مجلس الشعب القادمين هو هذه الفئة العمرية التي تختلف اهتماماتها عن اهتمامات الكبار. والحديث الي الشباب يختلف عن الحديث الي الآخرين... انني احلم مثلا بنائب عصري مثقف يستخدم ضمن أدواته الأيميل والفيس بوك, والأخير يدل اسمه' شبكة التواصل الاجتماعي' علي أهميته في الانتخابات.. وفي الانتخابات البريطانية الأخيرة استخدمت لجنة الانتخابات هناك شبكة ال' فيس بوك' لتسجيل الناخبين في كشوف اللجان لمن لم ينتبه الي ذلك في الوقت المقرر, وعادة ما يسأل موقع الفيس بوك مستخدميه الذين يزورونه نهاية الأسبوع عما إذا كانوا مسجلين للإدلاء بأصواتهم في الانتخابات العامة أم لا, وإذا كانت إجابتهم بالسلب فسيجري تحويلهم بدون مجهود الي صفحة موصولة بسجل لجنة الانتخابات وسيكون بإمكانهم عندئذ تسجيل بياناتهم. واكثر من ذلك فقد كتب ريتشارد ألان أحد المدراء التنفيذيين في فيس بوك يقول أن مستخدمي الشبكة من الفئة العمرية التي تتراوح بين18 و24 عاما عادة لا يبدون اهتماما بالسياسة, وغالبا ما يتخلفون عن الإدلاء بأصواتهم, وهم الذين يجب ان تتوجه اليهم الشبكة وتحاول كسبهم, وفي مصر لدينا مثالان في ذلك: المثال الأول هوالطريقة التي يتواصل بها السيد جمال مبارك عادة مع الشباب' وهو قدوتهم' مستعينا بالوسائل التي يجيدونها, وبالتالي يشعرون معه بانه منهم, والمثال الثاني هو استخدام هذه الطريقة من قبل الدكتور حسام بدراوي في توصيل رسائله وقضاياه إلي الشباب في موضوعات تهمهم جميعا مثل موضوعات تطوير التعليم ومناقشة مشاكله. وقد يكون من المفيد الإشارة هنا الي أن الرئيس الأمريكي باراك أوباما قد استعمل هذه الطريقة بذكاء لافت في حملته الانتخابية وكانت بلاشك من عوامل فوزه الساحق. الأمر الثاني هو ألا يأخذ المرشح أصوات فئة ما يتعامل معها علي أن الحصول عليها بالنسبة له هو من المسلمات, إذ إن ألوف الأشخاص لا يزالون يفكرون بالأمر حتي الآن بالرغم من أن الانتخابات علي مرمي حجر, ولم يقرروا بعد لمن سيصوتون.. وتتكفل عادة الفضائيات بتوجيههم ربما بخبث إلي اتجاه بعينه مستخدمين في ذلك طرقا عديدة قد تكون غائبة عن ذهن المرشح الحسن النية. أما النصيحة الثالثة فهي أن يقوم المرشح في حملته بالحديث في الموضوعات التي تهم الجمهور لا التي تهمه هو ويكون ملما بقضاياهم, فتوني بلير رئيس وزراء بريطانيا السابق مثلا كان بارعا في ذلك. ومن أمثلة القضايا التي يرغب الناخبون في سماع رأي المرشح فيها مشاكل التموين والمواصلات والإسكان والبطالة, وفي ذات الوقت يقلل من الحديث عن القضايا الخارجية والدولية وقضايا الاقتصاد والضرائب والطاقة النووية وحقوق الأنسان ومشاكل النقابات بقدر الإمكان الا اذا فرضت طبيعة المستمعين ذلك كأن يكون الحديث إلي مستمعين في جامعة أو جمعية أو في ندوة متخصصة أو برنامج في إحدي وسائل الأعلام أو في تقرير صحفي أو مناظرة مع آخرين. أما رابع الأمور فهو أن يجيد المرشح الكلام بما بات يعرف بإسم' حديث النخبة' وأن يكون الحديث إلي الناس به بعض الكلمات البراقة والمحببة إلي قلوب المستمعين مثل كلمات الأمل والتفاؤل والحلم وتعبير خطة للمستقبل فهذه كلمات لها فعل السحر وأجاد استخدامها سياسيون عظام وأحرزوا بها نجاحات لافتة, ولا يستخدم ألفاظا لا يوافق علي مدلولها الجميع ككلمات الشفافية والواسطة والمحسوبية.. إلخ. أما النصيحة الخامسة فهي ضرورة الأهتمام بالمظهر.. والمظهر هنا المقصود به الشكل العام بلغة العصر والشباب, فالمظهر الجاد والجاف قد لا يكون مثاليا هذه الأيام.. فالشكل التقليدي الكلاسيكي ذو السيجار والمنديل كما كان يفضله سياسي مرموق مثل تشرشل في بريطانيا وكان أحد اسباب فوزه باكتساح منذ عقود لا يمكن تطبيقه الآن وحل محله المظهر الرياضي والوجه الباسم وقد التفت الي ذلك سياسيون بارزون منهم توني بلير والرئيس الأمريكي السابق بيل كلينتون الذي كانت استسامته وحسن منظره من العوامل القوية في نجاحة.. بل ان اشخاصا منفرين مثل بن لادن استغلوا هذه الصفة أحسن استغلال وكان مساعدوهم مفتونين بهم لمظهرهم الرياضي وممارستهم لكرة القدم والكرة الطائرة وسباق الخيول. ويرصد الصحفي والمذيع البريطاني جوناثان ميتلاند ظاهرة تصفيف الشعر و علاقته بالانتخابات في كتابه' لمن تصوت؟'. حيث كتب يقول إن مظهر المرشح صار من أهم العناصر التي يهتم بها الناخبون في الانتخابات. وقال' إنس التعليم والاقتصاد والصحة والمواصلات, وفكر في الشعر والأسنان والبشرة'. وفي استطلاع للرأي شمل800 ألف ناخب, قال60% منهم إنهم يهتمون بمظهر المرشح أكثر من أي عامل آخر. ومن الطريف مثلا أنه لم يأت إلي رئاسة الوزراء البريطانية ذو شارب منذ هارولد ماكميلان في الستينيات, ولم يأت ملتح منذ دافيد لويد جورج الذي ترك المنصب عام.1992 ولكن يجب الحذر حيث أن المظهر الرياضي والملبس الشبابي لا يغني ابدا عن مظاهر محددة مطلوبة مثل الجدية وإظهار الأهتمام.. فياسر عرفات مثلا لم يكن رياضي المظهر أو شخصية شبابية لكنه كان جادا ويحمل قضية يؤمن بها وله ما يعرف بالكاريزما والقبول وهي صفة ملهمة تغطي علي أي قصور مظهري أو أي صفة اخري, ولكن لا يجب أن يغني المظهر علي ان يكون للمرشح برنامج واضح, ففي إنتخابات مجلسي الشوري والشعب القادمة يريد الناخب ان يسمع برنامجا عن رصف طرق بعينها تقع في زمام دائرته أو إنشاء كوبري يحل مشكلة مرورية ما أو زيادة كمية المياه إلي حقول أهالي الدائرة, أو خطة واضحة لفتح مدرسة ثانوية أو التحدث بأمل عن إنشاء جامعة في المناطق المؤهلة لذلك كشمال سيناء واسوان.. الخ.. وكفاءة الدعاية الانتخابية ووجود حمله ناجحة يشترك فيها العديد من الأنصار والمؤيدين والحزب نفسه ضرورة قصوي. وقد فطن الحزب الوطني الي ذلك حيث حدد لمرشحيه برامج محددة يتقدمون بها الي الناخبين هي أصلا من برامج ودراسات أمانة السياسات أي انها ليست وعودا خيالية ولكنها من ضمن الخطط التي سيقوم الحزب بمناقشتها مع الحكومة وبالتالي فهي قابلة للتنفيذ ومصادر تمويلها واضحة والجدول الزمني لها تمت المصادقة عليه. إن إجادة الأدوات السابقة هي أول طريق النجاح الذي سيصل اليه المرشح حتما مادام مرشحا ملتزما..... وكعضو في الحزب الذي أختارهم دون غيرهم والتزم زملاؤهم بذلك اقول لهم بكل ثقة... مبروك مقدما. عضو أمانة المهنيين بالحزب الوطني الديمقراطي عضو لجنة حقوق الإنسان.