هناك إجماع بين كل الدول الديمقراطية وغير الديمقراطية علي أن نزاهة الانتخابات لا تتحقق إلا في ظل مناخ سياسي يتيح الفرصة أمام المواطن لممارسة حقه في التغيير من خلال الصندوق الانتخابي. من هنا تأتي أهمية إعلان رئيس الجمهورية وتأكيده مرتين علي نزاهة الانتخابات. لكن السؤال: علي من تقع مسئولية تنفيذ توجيهات الرئيس؟.. وكيف تتحقق النزاهة علي أرض الواقع؟.. بطبيعة الحال.. نحن لا نتحدث عن انتخابات مجلس الشوري الوشيكة, فهي في الواقع شأن داخلي للحزب الوطني, وتجديد نصفي لأعضائه المنتخبين والمعينين المعارضين منهم والمؤيدين, الدستور نفسه قرر عدم إجراء انتخابات الشوري في حالة التزكية, فضلا عن أن مرشح الحزب الحاكم فيها يعلن فوزه بمجرد ترشيحه وقبل إجرائها. انتخابات مجلس الشعب هي المحك, وهي المرآة العاكسة للنزاهة أو عدم النزاهة.. كما أنها وهو الأهم المقدمة الأولي للانتخابات الرئاسية التي تجري في مصر بانتخاب الرئيس وليس بالاستفتاء عليه.. انتخابات مجلس الشعب تتميز بأنها الانتخابات الوحيدة التي لا يستطيع الحزب الوطني أن يوقف زحف أعضائه من الترشح لها والإقبال عليها, ورغم تهديدات الحزب بفصل أعضائه غير الملتزمين, إلا أنه فصل أحادي لا يعترف به المرشح المفصول لأنه بمجرد نجاحه يعلن عودته تلقائيا للحزب. ولا أعتقد أن هناك من يجادل بأن هناك إقبالا كبيرا واندفاعا عظيما من رجال الأعمال علي الترشح لمجلس الشعب, بعد أن زاد إيمانهم بأن الحصانة, ماهي ألا مشروع استثماري رابح يحقق الوجاهة والقوة والنفوذ والحصول علي الامتيازات والتسهيلات وتحقيق مصالح خاصة شخصية وعائلية بأساليب مشروعة أحيانا, وغير مشروعة في أغلب الأحيان.. ونحن نسأل: هل تصدق النبوءة.. ويصبح البرلمان القادم هو برلمان رجال الأعمال؟.. ويبقي السؤال الصعب: ما هو المطلوب من الحزب الحاكم وسط كل هذه المتغيرات لتنفيذ توجيهات الرئيس بتحقيق النزاهة للانتخابات؟.. دعونا نكون واقعيين نحن لا نطلب من الحزب الوطني تعديل الدستور المعدل والمستقر.. كما لا نطلب إلغاء قانون الطوارئ, وأيضا لا نطالب الحزب بإنشاء مفوضية للانتخابات تحل محل وزارة الداخلية فقط.. نطلب من الحزب أن يعيد النظر في قراره الاستراتيجي بالحصول علي الأغلبية الساحقة الماحقة.. يكفيه نسبة ثلثي أعضاء المجلس, وهو النصاب القانوني الذي يمكن الحزب من تمرير أي شيء لمصلحته.. ويجب استثناء الفلاحين والعمال من غير رجال الأعمال من دفع رسوم الترشيح للمجمع الانتخابي لضمان تحقيق نسبة ال50% عمال وفلاحين الذين أكد الرئيس ضرورة استمرارها.. كما يجب استبعاد نواب السب والشتم ونواب الرصاص وكل من تحوم حولهم الشبهات, وعدم ترشيح الوزراء لمجلس الشعب, مع فتح باب الأمل في اختيار وزراء من بين النواب الذين فازوا بجدارة في الانتخابات. المهمة صعبة وثقيلة.. والمسئولية تمسك برقبة الحزب الحاكم وحده الذي يواجه اختبارا قاسيا سوف يحسب له أو عليه. ملحوظة * يبدو أن الجينات السياسية للوزير محمود محيي الدين كانت السر وراء إصداره كتاب يحكي قصة سيد جلال نائب باب الشعرية بصفته أحد رواد الاستثمار الذي ألغي البغاء عام47 وقدم قانون من أين لك هذا, وبرغم أنه كان من أغني الأغنياء ألا أن ثروته لم تكن نقودا تودع بالبنوك أوعقارات تقام عليها ناطحات سحاب, فقد حدد لنفسه ولاولاده5% فقط من أرباح شركاته والباقي يوزع علي الفقراء.. واقترح علي الوزير أن يهدي الكتاب الي كل رجال الأعمال اليوم.. ليتهم وأنا أشك يتعلمون!!