طالما أن ما يحدث في الشارع المصري لا يشغل بال الرئيس ولا الحكومة اللذين يريان كل شئ علي ما يرام وأن النهضة قادمة لا محالة فإنه بوسعهما أن ينظرا إلي ما يصدر من تقارير دولية حول الوضع المصري بعين الاهتمام خاصة وأن كثيرا من بلدان العالم تري تحذيرات تلك التقارير بمثابة جرس إنذار وليس مجرد اتهامات. أقول ذلك بعد التقرير الذي أصدره معهد بروكنجز الأمريكي حول الوضع في مصر وحذر فيه من استمرار التدهور التدريجي في الاقتصاد في ظل غياب برنامج جدي لاستقراره كليا, واستمرار انخفاض النمو وارتفاع معدلات البطالة والتضخم ورصده لصور متباينة من ارتفاع أنماط. والخطورة أن هذا الوضع الاقتصادي وما يرتبط به من شعور شعبي بوطأة ارتفاع الأسعار ونقص بعض المواد الضرورية المستوردة يجعل التحول الديمقراطي بعد ثورة25 يناير في خطر في ظل سياسات الاستقطاب التي تطوق كل تحرك لدرجة أنه من الصعب رؤية أي إصلاحات اقتصادية جادة يمكن تطبيقها لافتقاد التحرك السياسي للحلول الوسط حول بعض القضايا الشائكة. ولم يأت التقرير الأمريكي بجديد وهو يشير إلي أن الشارع السياسي المصري تسيطر عليه أصوات متشابكة من التذمر يمكن سماعها في جميع أنحاء مصر, ومن كافة التيارات السياسية للدرجة التي جعلت البعض ذعلي غير صوابذ يميل إلي نوع من الحنين إلي العهد الاستبدادي الذي ثاروا علي لأركانه ونظامه ورموزه حتي خلعوه إلي غير رجعة, جمع توكيلات لسحب الثقة من نظام حالي يرون أنه فشل في تلبية أهداف ثورتهم في العيش والحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية, وهذا الأمر الواضح ليس مجرد رؤي أو آراء وإنما حقائق تؤكدها استطلاعات محلية وعالمية تكاد تجزم بأن أكثر من70% من المصريين غير راضين عن الطريقة التي يتم تحريك الاقتصاد بها بينهم33% يشعرون بأن هناك حاجة إلي قائد قوي لحل مشكلات البلاد, و49% منهم يعتقدون أن الاقتصاد القوي أكثر أهمية من الديمقراطية الرشيدة. الملفت للنظر أن النظام وهو يحاول احتواء كارثية الموقف الاقتصادي وضبابية الحالة السياسية يري نفسه بين شقي رحي, فإما الاستمرار في وضع القرفصاء السياسية والاقتصادية التي يلتزم فيها بقواعد المكر الثلاث( لا أري لا أسمع لا أتكلم) تاركا المهمة للجانه الألكترونية وميليشياته السياسية وأصوات الموالين لسياساته, وإما التوجه نحو إصلاحات قد يكون بعضها بضغوط خارجية وساعتها سيضطر للرؤية والسمع والتكلم بفعل ما سوف يواجهه من واحتجاجات وتزايد الرفض الشعبي. ولا خروج من هذا المأزق إلا بتوافق وطني لا يعرف الاستقطاب ولا المصالح الشخصية ولا الحوارات الوطنية السرية أو المؤتمرات الرئاسية الموجهة; لأن مصر في حاجة ماسة الآن إلي من يفكر فيها كدولة وليس كجماعة أو فصيل سياسي لأن السقوط ذ حتما- سوف يجعلنا ندفع ثمن أخطاء وخطايا هذا الفصيل العنيد والمتكبر والأناني! رابط دائم :