«ما زالت المظاهرات سلمية وتفتقد الزخم الشعبى، لكن الافتقار لإصلاح حقيقى سيثير الاستياء» بهذه الكلمات وصفت صحيفة الجارديان الوضع فى الأردن التى يحاول نظامها النجاة من أمواج الربيع العربى العاتية بأقل التنازلات الممكنة. فنظام الملك عبدالله يحاول المراوغة بإصلاحات تبدو ديمقراطية، بينما طلب القادة الأردنيون من الإدارة الأمريكية والاتحاد الأوروبى الكف عن الدعوة إلى مزيد من الإصلاح، باعتبار أن ما تم من إصلاحات سياسية واقتصادية حتى الآن كافٍ «ولا حاجة لطلب المزيد»، حسبما كشف مصدر دبلوماسى غربى لوكالة يو بى آى الأمريكية أول من أمس. وقال المحلل السياسى سليمان خطاب ل«الوطن»: «ما زالت الإصلاحات بحاجة إلى ترجمة على أرض الواقع، فهى لم تخرج عن الإطار النظرى». ويعيش رئيس الوزراء الجديد حافظ الطراونة، أصعب أوقاته فى ظل استمرار الاحتجاجات التى تتجدد بالقرب من مقر رئاسة الوزراء، حيث يسمع أصوات المحتجين من خلف نافذة مكتبه تندد به وبالفساد وارتفاع الأسعار ومعاهدة السلام مع إسرائيل. فطراونة والشرطة التى تطوق المحتجين فى كل مرة يتجمعون فيها لا يبدو عليهم أى قلق، مئات من الأردنيين يحتجون ضد النظام منذ 18 شهراً ولم يطرأ عليهم زيادة. سوريا تنزف ومصر تواجه أول انتخابات رئاسية بعد الثورة فى الوقت الذى تلعب فيه النخبة الأردنية الكراسى الموسيقية، حسبما قال معارضون أردنيون للجارديان. ويقول أحد نشطاء المجتمع المدنى للجارديان: «ما زالت المعارضة غير قادرة على الحشد، والسلطات تتجاهل الاحتجاجات، ولن تقترن احتجاجاتنا بالمواجهات العنيفة مع الأمن إلا مع بلوغنا نقطة اللاعودة، وأعتقد أننا سنبلغها». رسمياً، يبدو الوضع مختلفاً، فقيادات النظام ترى فى تشكيل لجنة مستقلة للانتخابات وتحديد موعد الانتخابات البرلمانية بحلول نهاية العام إصلاحات كافية إلى حد وصفهم إياها ب«النموذج الأردنى للتغيير». وجاء الملك بالطراونة من دكة احتياط النخبة الحاكمة لإنجاز ذلك التغيير. وعلى الجانب الآخر، يبدو الوضع الاقتصادى المتأزم فتيل إشعال للغضب الشعبى فى بلد يعيش على المعونات من الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبى والسعودية، ويعيش جزء كبير من سكانه تحت خط الفقر. «تصريحات الطراونة أول من أمس عن نية حكومته زيادة الأسعار ورفع الدعم عن بعض السلع ستؤجج مشاعر الاحتجاج لدى الشعب الذى يعانى من ظروف اقتصادية طاحنة» بحسب سلطان خطاب. وتابع خطاب: «الحكومة الجديدة بين المطرقة والسندان، تواجه ارتفاعاً كبيراً فى الدين العام، وعجز الموازنة يجعل الدولة على حافة الإفلاس، فى الوقت الذى يضغط فيه الشارع من أجل تحسين الظروف الاقتصادية». وأضاف: «الهيئات الدولية المانحه تضع شروطاً لمنح قروض للأردن من بينها رفع الدعم، وهذا سيرفضه قطاع عريض من المجتمع».