كانت نجمة لا تتحدث مع أحد.. هي دائما في حالة صمت.. لا تتكلم إلا من خلال حوارها.. أمام الكاميرا مع الممثل الذي أمامها.. الكل يعرف عنها هذه الحالة.. لا أحد يستطيع أن يقتحم عليها صمتها.. فهي تجلس في ركن بعيد في البلاتوه الذي تم فيه التصوير.. ولا تتحرك منه إلا عند قيامها لتؤدي دورها المطلوب في الفيلم. أنا شخصيا.. بعيد كل البعد عن محاولة اقتحام أي زميلة إلا إذا جاءت وتحدثت هي معي.. ليس من باب التكبر أو النجومية.. ولكنها عادتي في الحقيقة.. فكنا نحن الاثنين نملأ البلاتوه صمتا.. وبعد أن ننتهي من اداء المشهد.. وتمثيله.. ينصرف كل منا إلي حجرته الخاصة.. في الاستوديو. كان اللقاء الوحيد بيننا أمام الكاميرا.. وحتي عند البروفة الخاصة بالمشهد لم نكن نلتقي بجد في الاداء.. ولكن دائما عن بعد.. ولم تلتق أعيننا إلا عند تصوير المشهد ودوران الكاميرات.. علي الرغم من أحداث الفيلم كانت تتطلب أن تكون علاقتنا قريبة من بعض حيث أننا المفروض بطلا الفيلم اللذان يحب كل منا الآخر.. وكان لا يحدث اللقاء المشوب بالعاطفة إلا أمام الكاميرا.. وكانت هي رائعة في اظهار عواطفها أمام الكاميرا وكنت لا أستطيع أن أمنع نفسي أنا الآخر من تقديم أقوي درجات الاندماج والإبداع الفني أمامها في المشاهد العاطفية.. ثم بعد نهاية المشهد.. ينتهي كل شيء.. وكان المخرج يعلم تماما أنني انفذ رغباته الفنية وحرصي الدائم علي عدم الخروج عن النص.. خصوصا مع هذه النجمة الجميلة.. وأ سلوبها الخاص بالبعد عن الناس.. والكل في الاستوديو يحقق لها هذا الطلب.. وهذا الجو الذي تعيشه وأنا شخصيا أحب الوحدة.. ولا اشترك في حفلات الزملاء الراقية الرائعة.. والتي ادعا لها دائما.. وأهرب من الضجيج.. وكان لي مكان معروف بهدوئه.. علي شاطئ بحر مرسي مطروح وكنت دائما أذهب إلي هذا المكان.. حيث الجزء البعيد.. المطل علي منطقة الصخور التي يطلق عليها حمام كليوباترا.. والتي يقال أن كليوباترا كانت تمارس تحت هذه الصخور في مياهها السباحة بعيدا عن الناس وكنت أنا أيضا.. أعيش تأملاتي الخاصة في هذا المكان وناظرا إلي مياه البحر الهادئة أحيانا.. والهادرة أحيانا.. وجلست علي الشاطئ المحبب إلي وكان القمر بدرا.. يلقي بضوئه الفضي الهادئ علي صفحة المياه الهادئة جدا.. وكأنها الزئبق الفضي الجميل.. وكان السكون رائعا يغلفه ضي القمر.. وأنا ناظرا إلي عمق البحر.. فجأة انشقت المياه الهادئة.. وانطلقت من داخلها رائعة الجمال.. وكأنها جنية البحر.. وظهرت حتي نصفها الأعلي ووقفت عن بعد أمامي.. والمياه تنساب من شعرها علي جسدها المغطي بالمايوه الأبيض الذي يزيد المكان نورا مع نور القمر.. وينعكس ضوء القمر علي مياه البحر بلون الزئبق.. وبعض الموج يحيط بها بدوائر ثائرة.. ثم أخذت تتقدم إلي بثقة وتقترب من الشاطئ الذي أجلس فيه.. وزاد قربها مني.. ووقفت مذهولا.. من نظرات عينيها المذهلة.. وابتسامتها.. وصمت المكان.. وكانت المفاجأة المذهلة. وإلي العدد.. القادم رابط دائم :