كان يجلس وحيدا أمام البحر. في وقت الغروب وعند يبدأ قرص الشمس في المغيب.. والمكان الذي يجلس فيه.. كنت أنا أيضا أذهب اليه.. لأن الجو الخاص بالمكان.. وسحر الصخور العالية التي يحتويها. ومياه البحر في هذه المنطقة.. صامتة تسمع همسات من يزورها. ويطلق لنفسه العنان.. في حديثه الصامت.. مع هذه الأمواج الصامتة. والتي أحيانا تتحرك الي الجالس أمامها لترد عليه بصوت تلاطمها الهاديء مع باقي الأمواج المتلاطمة وكأنها تسابق بعضها بعضا.. علي أمل اللقاء.. مع هذا الجالس الصامت ليدور بينهما حوار الصمت الرائع الذي يريح قلب الجالس.. ويحيي أمل القاء الأمواج المستحيل بلقاء صمت الجالس أمامها. حرصت أن لاأزعج هذا الشخص الجالس الذي أعرفه جيدا.. هذا الصامت المبدع في عالم السينما.. وتعامل مع شباب السينما.. الذين أصبحوا نجوما بعد الأفلام التي قدموها. مع هذا المخرج الصامت الطيب المبدع ابن مصر أحمد السبعاوي.. وقفت صامتا أرقبه.. وفجأة سمعت صوته ينادينا.. تعال.. ياصديقي.. فأنا أسمعك وأراك رغم صمتك. وحرصك علي أن تزعجني بوجودك, كما تتخيل بل علي العكس فأنا سعيد جدا بلقائك.. واستغربت من المفاجأة. وتقدمت الي حيث يجلس. وجلست بجواره.. قال لاتستغرب فالمخرج يشعر بكل ماحوله.. حتي لو كان خلفه أو بعيدا.. المخرجون وأنا منهم.. يلمس بوجدانه ويعيش الفراغ الذي يحيط به ويحس بأي كان.. كان موجودا في هذا الفراغ!! وجلست.. وبدأت رحلة الذكريات معه.. رحلته مع الشباب الذين أصبحوا نجوما.. قدم4 أفلام لعادل امام هي علي سبيل المثال, عنتر شايل سيفه.. المتسول. انا اللي قتلت الحنش. رمضان فوق البركان.. وانطلق عادل.. الأخرس لمحمود ياسين بيت القاضي لنور الشريف.. الورثة لعزت العلايلي.. وتمضي الأيام لفريد شوقي.. زوجة محرمة سهير رمزي الصاغة.. فيفي عبده. وفيلم السلخانة الذي قدمته معه أنا ومديحة كامل.. عادل أدهم وسمير صبري ومحمد رضا.. ليلي حمادة. نجوي فؤاد صلاح نظمي ومجموعة كبيرة من الوجوه سيد زيان حسن حسين أحمد عدوية وغيرهم. نظر الي وأنا أذكره بنماذج من أفلامه.. وقال لي أتذكر أنني الوحيد الذي استطعت أن أجعلك تصبغ شعرك باللون الأسود.. قلت نعم وكنت تتباهي بأنك جعلتني أصبغ شعري.. وكنت أقوم بدور عمر الهباش.. الجزار القوي البطل في المدبح قال وتذكر عندما حصل عادل أدهم علي جائزة عن دوره ووقف عندما تسلم الجائزة وقال.. أن الذي يستحق هذه الجائزة هو عمر الهباش الذي هو أنت.. وأخذ يبحث عنك في الحفل ولم يجدك.. قلت له.. لاأنسي.. فعادل أدهم من أعز أصدقائي طوال رحلتي الفنية معه.. من أول فيلم المذنبون لسعيد مرزوق.. وحتي رحيله هو ونجوم الزمن الجميل فعلا.. وعمالقة زمانهم حتي الآن. وقلت له.. وأذكر أيضا أنك كنت مساعد مخرج لمدة25 عاما مع عمالقة الاخراج.. وأنك قدمت للسينما120 فيلما ومجموعة من المسلسلات.. ولم تحصل علي تكريم واجب لمشوارك السينمائي الكبير.. هل تحزن لعدم تكريمك ؟. فأشار الي البحر. وقال تكريمي حصلت عليه من الجمهور ومن أمثالك من الأصدقاء.. وأشار الي أمواج بحر حمام كليوباترا الذي يجلس أمامه في مرسي مطروح والأمواج تتحرك الي المكان الذي يجلس فيه.. وكأنها تصفق له ورد عليها بكلمة.. شكرا.. انظر معي فالأمواج تكرمني.. دائما عندما أزورها ويدور بيننا. حديث الصمت!! وتكلم المخرج أحمد السبعاوي!