قلت أمس إن ما حدث أمام مكتب الإرشاد هو بروفة لحرب أهلية, حيث لأول مرة يلتقي الإخوان والمعارضة وجها لوجه في معركة مباشرة بالأسلحة, ولا أظن أن مشهدا كهذا يمكن أن يمر دون أن تكون له تداعياته السياسية والاقتصادية الكارثية, وأخطر ما في الأمر, ما يترتب من تداعيات سلبية علي الاقتصاد المصري الذي يشهد انتكاسات متتالية, كان آخرها ما صدر عن مؤسسة موديز انثستورز من تخفيض جديد للدين السيادي للعملة الأجنبية لمصر, وهو ما يعني أن مصر اقتربت درجة جديدة نحو التعثر, وهو يعني أيضا أن الأوضاع السياسية في مصر غير مستقرة وتضعها في قائمة الدول القلقة. ومن المؤكد أن موقعة المقطم سوف تدفع بالاقتصاد المصري إلي الأسوأ في التقييمات الدولية التي ستصدر خلال الفترة المقبلة من مؤسسات دولية متخصصة في التقييم الاقتصادي. مصر أصبحت بعد تقييم موديز الجديد علي نفس مستوي تصنيف كوبا والاكوادور وتسبق قبرص بدرجة واحدة فقط, بينما لا يفصلها عن اليونان التي أعلنت تعثرها سوي درجتين فقط. كل هذه المؤشرات تؤكد أن مصر تسير بسرعة نحو هاوية اقتصادية سوف تحرق الأخضر واليابس, بينما راحت النخبة تسكب المزيد من الزيت علي النار, وتدفع بالبلاد إلي دوامة العنف والاقتتال. في المقابل, لا أظن أن حكومة مرتعشة كتلك التي تدير شئون البلاد تستطيع أن تقدم حلولا تنتشل الاقتصاد المصري من أزمته, ولا أظن أيضا أن نظاما أعطي ظهره لكل المعارضين ويراهن علي اليأس والإحباط, قادر علي إخراج البلاد من مستنقع الأزمة الاقتصادية الطاحنة. مصر تخرج من أزمتها وتتعافي من ضائقتها من خلال حكومة فنية تمتلك الرؤية وتتحلي بالبصيرة في إدارة الملف الاقتصادي, حكومة تنظر إلي المستقبل ولا تسخر كل وقتها للنتش في الماضي وملاحقة رجال الأعمال والحجز علي أموالهم ومنعهم من السفر. مصر تخرج من أزمتها حينما يؤمن النظام بأن له شركاء في الوطن لهم أسهم متساوية في البلاد, أما سياسة الإقصاء والاستبعاد والاستحواذ, فلن تجلب الاستقرار ولن توفر للاقتصاد المصري فرص الخروج من هذا المأزق الذي يهدد الجميع. ما أحوجنا اليوم إلي فعل وطني مسئول ينتشل البلاد من دوامة العنف والحرب الأهلية التي باتت أقرب من أي وقت مضي. [email protected] رابط دائم :