دارت العجلة وسيبدأ السباق نحو مجلس نواب خلال أيام.. واتوقع أن تشارك أطياف سياسية واسعة وستخف دعوات المقاطعة وسيتجاوزها المنطق والوقت.. وسيحاول كل فصيل بذل أقصي جهده ليعظم تمثيله النيابي وحضوره السياسي وأخشي أن يستدعي التنافس مفردات المعارك وكلمات الخصومة غير المبررة.. مع أن النظرة العقلانية الهادئة في برامج الأحزاب والطيف السياسي تكشف عن تشابه كبير في المضمون والتوجهات فقد استلهمت أكثر الأحزاب شعارات الثورة وصاغتها في برامجها وظهرت حتي في اسمائها.. واختصارا فالكل يتحدث عن: 1( عدالة اجتماعية جعلت اليمين يتنازل عن الرأسمالية المحتكرة لصالح التوازن الاجتماعي وتضييق الفجوة بين الطبقات وجعلت أقصي اليسار يتنازل عن أفكاره التقليدية عن سيطرة الدولة علي أدوات الإنتاج واحتكار المسار الاقتصادي وتهميش النشاط الخاص. 2( والجميع يؤكد الحريات العامة و تداول السلطة وآليات الديمقراطية وحريات الأفراد ونشاطهم السياسي وضمانات سقف عال من الحرية الصحفية والإعلامية. 3( واقترب الجميع من الإطار الإسلامي والمرجعية الوسطية دون تشدد مرفوض أو تفريط منبوذ واحترام الجميع الثقافة الإسلامية المتسامحة المستقرة في عقل ووجدان المصريين والتي تستوعب الاقليات وتؤمن بشراكتهم الكاملة في الوطن. إذا.. ثلاثة محاور تقترب منها برامج الأحزاب ويضع كل فصيل عليها بصمته وتميزه فيعلو صوته في اتجاه ويخفت ليفسح للآخرين في جانب آخر.. وتجد الأحزاب تخلط هذه المحاور في اسمائها( الحرية والعدالة.. الديمقراطي الاجتماعي.. الاشتراكي الديمقراطي) وبدلا من التقارب بين أصحاب البرامج المتشابهة نلاحظ تعدد الأحزاب في المسافة السياسية الواحدة.. وأبرز مثال أحزاب الوطن والنور والراية والأصالة والفضيلة في المرجعيات الإسلامية وأحزاب الدستور والعدل والمصري الديمقراطي وكلها محسوبة علي يسار الوسط وأحزاب الكرامة والناصري والتحالف الشعبي والتجمع وكلها محسوبة علي اليسار والتيارات القومية.. وأحزاب الوفد والمؤتمر وغد الثورة والمصريين الأحرار من الطيف الليبرالي. وهذه علامة سلبية تشير إلي قدر من الالتفاف حول الأشخاص والثقة بهم والنزوع إلي الفردية والذات علي حساب انضاج تيارات وتحالفات متشابهة تستلزم قدرا من التضحية والتنازل ولكن لا بأس فنضج الحالة السياسية سيدفع بالتأكيد في الاتجاه الصحيح. وهذه المحاور الواضحة تندمج بسهولة مع الواقع بفضائه العربي والإسلامي كما انها لا تتعارض مع ما استقر عليه من سياسات ومصالح عالمية لذا فليست هناك مصادمة أولية أو خصومة مبدئية مع دولة تستلهم هذه الأهداف.. إلا ما يصنف تحت شعار كراهية استقرار الدولة المصرية.. وتقدمها نحو نموذجها المنشود. وفي دائرة العلاقات الخارجية.. نلحظ أن التفاوت بين الأحزاب والفصائل أقل وضوحا فالكل يتحدث عن علاقات مفتوحة مع الجميع قائمة علي المصالح المتبادلة والحرص علي سيادة وطنية مصرية كاملة علي القرار والتوجه فلا أحد سيشعل حربا أو يقطع علاقات أو يقوم بخطوة فجائية لا تحتملها سنن التدرج وقو اعد التطور.. وحتي في مجال التجارب السابقة واحتذاء النماذج الناجحة نجد المثال محصورا بين ثلاث إلي أربع دول مثل تركيا وماليزيا والبرازيل وكوريا الجنوبية. وعلي هذا فمساحة التقاطع والتقارب بين البرامج والتوجهات كبيرة.. وأرجو أن تمر مرحلة الانتخابات وتنافسها دون مزيد من الشقاق و الاستقطاب وأن نعظم رصيد العقل و المنطق والمحتوي وان نتجاوز عن الشخصنة والممارسات السطحية علي أمل أن يجمعنا مشروع وطني مصري يشارك فيه الجميع ونتحمل اعباءه واخفاقاته وينسب للجميع تقدمه ونجاحه. رابط دائم :