تقييم مخاطر بيئة العمل والتدريب على إدارة الأزمات والكوارث في ملتقى ب أسيوط    مواجهة مشكلات التنمر والتحرش والعنف في المدارس بجدول أعمال الشيوخ غدا    «الموز والتفاح ب30 جنيهًا».. أسعار الفاكهة في أسواق الإسكندرية اليوم السبت 21 يونيو 2025    آخر تطورات سعر الدولار أمام الجنيه في البنوك المصرية    خطوط بورسعيد تسجل أعلى تأخيرات على مستوى السكك الحديدية    قتلى وإصابات بالآلاف، أحدث إحصاء لضحايا الهجمات الإسرائيلية على إيران    قاض أمريكي يأمر بالإفراج عن الطالب الفلسطيني محمود خليل بعد اعتقاله 3 أشهر    القمة أرجنتينية، ترتيب المجموعة الخامسة في مونديال الأندية قبل الجولة الثانية    ديمبلي يزف بشرى سارة لباريس سان جيرمان قبل مواجهة سياتل ساوندرز    النيابة تصرح بدفن جثث ضحايا عقارات حدائق القبة المنهارة وتستدعي مسئولي الحي    السيطرة على حريق بمخزن كرتون في بنها دون خسائر بشرية    ترقبوا.. نتيجة الشهادة الإعدادية في محافظة الشرقية برقم الجلوس وطريقة الاستعلام فور ظهورها    كواليس مقتل طبيب مخ وأعصاب شهير داخل شقته بطنطا.. العثورعلى جثة الضحية مكبل اليدين والنيابة تكشف تفاصيل جديدة    ربة منزل تقفز برضيعتها من الطابق الأول بسبب مشادة كلامية مع شقيق زوجها بسوهاج    إعلام إيراني: مقتل 15 ضابطا وجنديا من قوات الدفاع الجوي منذ بدء الحرب مع إسرائيل    قبل فتح باب الترشح.. اعرف المستندات المطلوبة للترشح لانتخابات مجلس النواب    انطلاق امتحان الكيمياء لطلاب الثانوية الأزهرية الشعبة العلمية بكفر الشيخ    طفلة تفقد حياتها إثر سقوطها من عقار فى الجيزة    عبد العاطي: التبادل التجاري بين مصر وتركيا بلغ 9 مليارات دولار عام 2024    أنشطة معهد الأورام في اليوم العالمي للتوعية بأمراض الدم    دفعة جديدة من أطباء المعاهد التعليمية تصل مستشفى الشيخ زويد المركزي    انقطاع المياه اليوم ل12 ساعة عن هذه المناطق    تعرف على مصروفات المدارس لجميع المراحل بالعام الدراسي الجديد 2025/2026    بوتين يلتقي أمين عام منظمة «أوبك»    أسعار الحديد والأسمنت اليوم السبت 21-6-2025 بعد تجاوز الطن 37 ألف جنيه    آسر ياسين.. سفاح السينما والدراما    موعد مباراة إنتر ميلان ضد أوراوا ريد دياموندز في كأس العالم للأندية    «الكتاب الإلكتروني».. المتهم الأول في أزمة القراءة    بسبب الإصابة.. استبعاد حسن كادش من معسكر المنتخب السعودي في الكأس الذهبية    سلاح ذو حدين| وراء كل فتنة.. «سوشيال ميديا»    الخريطة الكاملة ل الإجازات الرسمية المتبقية في مصر 2025 بعد إجازة رأس السنة الهجرية    طريقة عمل البليلة باللبن في خطوات بسيطة    جيش الاحتلال يعتدي ضربا على 6 فلسطينيين بينهم سيدة في الضفة    مؤمن سليمان يقود الشرطة للتتويج بالدوري العراقي    ترامب عبر "تروث": سد النهضة الإثيوبي تم تمويله بغباء من الولايات المتحدة    روبي تتألق في إطلالة مبهرة قبل صعود حفل افتتاح موازين    ترامب عن سد النهضة: بُني بتمويل غبي من الولايات المتحدة    نائب الرئيس الأمريكى: الوقت بدأ ينفد أمام الحلول الدبلوماسية بشأن إيران    حكم صيام رأس السنة الهجرية.. دار الإفتاء توضح    «الصدمة الأولى كانت كريم وابنه».. «أحمد» يروي ما حدث في شارع الموت بمنطقة حدائق القبة    كروفورد عن نزال القرن: "في 13 سبتمبر سأخرج منتصرا"    «وحش ويستحق الانتقاد».. إسلام الشاطر يشن هجومًا لاذعًا على محمد هاني    رغم فوائدها الصحية.. ما هي أبرز الأسباب التي تمنع الولادة الطبيعية؟    تقدم ملموس في الوضع المادي والاجتماعي.. توقعات برج العقرب اليوم 21 يونيو    منظمة حقوقية تكشف أحدث حصيلة لضحايا إيران من ضربات إسرائيل    حدث في الفن| القبض على فنانة بتهمة حيازة المخدرات ورقص منى إش إش    بالصور- خطوبة مينا أبو الدهب نجم "ولاد الشمس"    ترامب يمهل إيران أسبوعين للتوصل إلى اتفاق بشأن برنامجها النووي    القنوات الناقلة مباشر لمباراة بايرن ضد بوكا جونيورز في كأس العالم للأندية.. والمعلق    جيش الاحتلال: اعتراض طائرة مسيرة فى شمال إسرائيل تم إطلاقها من إيران    بعد زيادته رسميًا.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم السبت 21 يونيو 2025    الدفاعات الجوية الإيرانية تعترض صواريخ إسرائيلية فوق مدينة مشهد (فيديو)    "أعملك إيه حيرتنى".. جمهور استوديو "معكم" يتفاعل مع نجل حسن الأسمر "فيديو"    منها المساعدة في فقدان الوزن.. لماذا يجب اعتماد جوزة الطيب في نظامك الغذائي؟    خطيب الجامع الأزهر: الإيمان الصادق والوحدة سبيل عزة الأمة الإسلامية وريادتها    أسرار استجابة دعاء يوم الجمعة وساعة الإجابة.. هذه أفضل السنن    حسن الخاتمه.. مسن يتوفي في صلاة الفجر بالمحلة الكبرى    الإسلام والانتماء.. كيف يجتمع حب الدين والوطن؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الدين والسياسة
نشر في الشروق الجديد يوم 01 - 05 - 2011

يندر فى مصر أن يثار نقاش عام حول الأفكار الليبرالية أو أن تعقد مقارنات بينها وبين الأفكار المستلهمة للمرجعية الدينية دون أن تستدعى قضية موقف الليبراليين من الدين ودور الدين فى السياسة.
واللافت للنظر أن الاستدعاء هذا عادة ما يكون بصيغ سلبية واتهامية تنطلق من خرافة أن الليبرالية فى المجمل تعادى الدين، وذلك على الرغم من الحضور اللافت للدين فى الحياة العامة ودوره فى السياسة فى الكثير من الدول والمجتمعات التى تطبق الليبرالية شرقا وغربا، جنوبا وشمالا.
ففى مناظرة الأربعاء الماضى التى جمعت بين الأستاذ صبحى صالح، عضو مكتب إرشاد جماعة الإخوان المسلمين، وبينى واستضافتها مشكورة كلية الحقوق بجامعة الإسكندرية كان السؤال الأول الذى وجهته إدارة المناظرة لنا هو عن رؤيتنا للعلاقة بين الدين والسياسة.
وفى حين لم يفاجئ الأستاذ صالح الحضور عندما أكد مستندا لموقف جماعة الإخوان على رفض الفصل بين الدين والدولة وكون إشكالية الفصل غير مطروحة من الأساس فى السياق الإسلامى، وقع قولى بأننى أيضا واستنادا إلى قناعاتى الليبرالية أرفض الفصل بين الدين والدولة وأعتبر الحديث عن حتمية الفصل بينهما أمرا مغلوطا لدى الحاضرين فى منزلة أخرى.
منزلة، وكما دللت مئات الأسئلة المكتوبة التى تلقيتها أثناء المناظرة، جمعت بين الكثير من عدم التصديق والتشكيك والتحفظ والقليل من القبول.
والحقيقة أن ما استقر من أفكار ليبرالية، وعلى الرغم من كل ما كيل لها فى مصر خلال العقود والسنوات الماضية من اتهامات زائفة تعلقت بوصمها برفض الدين ومحاربتها لدوره تماما كاتهامها بسطحية شديدة بتعظيمها للحريات الفردية دون أدنى اعتبار للصالح العام، لا تنطلق من حتمية الفصل بين الدين والدولة ولا ترى فى حضور الدين فى الحياة العامة عاملا معيقا للحرية وللديمقراطية لا بد من إزالته.
بل المؤكد هو أن الليبرالية تستبدل التساؤل عن كيفية الفصل بين الدين والدولة بسؤال آخر هو كيف ينبغى تنظيم العلاقة بين الدين والسياسة، وليس الدولة فقط، على نحو يضمن الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان.
●●●
تنظيم العلاقة بين الدين والسياسة فى مصر يعنى أولا أن يستند الدستور القادم، وهو الخيط القانونى الناظم للعلاقة بين الدولة والمجتمع والمواطنين والوثيقة الأساس المعبرة عن هويتنا، إلى المبادئ والقيم والأخلاق المستمدة من المرجعيات الدينية بشرط ألا يقتصر الاستناد هذا على مرجعية دينية واحدة دون غيرها، وعلى أن لا يحول دون الانفتاح على مرجعيات قانونية وضعية. فمصر ليست بلد المرجعية الدينية الواحدة، بل يتعايش ويتداخل بها وفى حضارتها وثقافتها وأعرافها الإسلام والمسيحية واليهودية. لمصر أيضا تراث طويل من الانفتاح على المرجعيات القانونية الوضعية وتوظيفها للدفاع عن ذات المبادئ والقيم السامية التى تقدسها الشرائع السماوية كالخير والحرية والعدالة والمساواة والجمال.
●●●
تنظيم العلاقة بين الدين والسياسة فى مصر يعنى ثانيا، ومع التسليم بدور المرجعيات الدينية فى الدستور والقوانين، أن المرجعية النهائية للحياة العامة والسياسة ومناط تحديد حقوق وواجبات المواطنين هى المرجعية المنصوص عليها فى الدستور. فإن نص الدستور على حق كل مواطنة مصرية ومواطن مصرى وبعد استيفاء شروط معينة فى الترشح للمناصب العامة بما فيها رئاسة الجمهورية، فلا يجوز على الإطلاق أن باسم مرجعية دينية ما أو باسم اجتهاد دينى ما أن ينتقص من هذا الحق أو يخضع لشروط إضافية غير منصوص عليها فى الدستور.
للوضوح التام، الالتزام بالمرجعية الدستورية كمرجعية نهائية يعنى أن من حق المصرى غير المسلم والمصرية غير المسلمة أن يرشحا نفسيهما لرئاسة الجمهورية ولرئاسة الوزراء ولغير ذلك من المناصب العامة دون انتقاص من حقوقهما ودون شروط إضافية.
●●●
تنظيم العلاقة بين الدين والسياسة ثالثا يعنى أن الدولة بسلطاتها ومؤسساتها وأجهزتها وفى قوانينها وممارساتها هى كيان حيادى يضمن مواطنة الحقوق والحريات المتساوية ولا يميز بين المواطنين وفقا لانتماءاتهم الدينية. حضور المرجعيات الدينية فى الدستور والقوانين وإمكانية استلهامها فى السياسات والممارسات ليس لهما أن يتحولا إلى مصدر للتمييز بين المصرية المسلمة والمصرية المسيحية، بين المصرى المسلم والمصرى غير المسلم.
●●●
تنظيم العلاقة بين الدين والسياسة رابعا يعنى أن التعبير العلنى والمنظم عن أفكار ورؤى وبرامج سياسية تستلهم المرجعية الدينية مسموح به شريطة ألا يسمح لشخص أو جماعة أو حزب بادعاء حق احتكار الحديث باسم الدين فى السياسة وعلى أن تتحول السياسة بصراعاتها وتداولها وتنافسها وتقلباتها إلى ساحة المقدس (أى أنه لا تديين للسياسة). ففى مناظرة الأربعاء الماضى لم يمثل الأستاذ صبحى صالح رؤية الدين فى السياسة ولم يكن له أن يدعى أنه يتحدث باسم الإسلام أو الرؤية الإسلامية، فهو عبر عن رؤية جماعة الإخوان كفصيل يستلهم المرجعية الإسلامية من بين فصائل عدة تتنافس على ترجمة المرجعية هذه فى الشأن السياسى والمجتمعى العام من خلال سياسات وممارسات وإجراءات مقترحة تحتمل الخطأ قبل الصواب وأبدا لا ينبغى أن ترفع إلى مصاف المقدس بخلط بينها وبين المرجعية الدينية التى تستلهمها.
●●●
تنظيم العلاقة بين الدين والسياسة خامسا يعنى أن على الأشخاص والجماعات والأحزاب المستلهمة للمرجعية الدينية فى السياسة أن يلتزموا بقبول حضور آخرين ينطلقون فى عملهم السياسى من مرجعيات وضعية غير دينية.
فلا إقصاء باسم الدين، ولا أفضلية لسياسات وممارسات تستلهم المرجعية الدينية على غيرها إلا بمعيار تحقيقها للصالح العام ورضاء المواطنين عنها. لا أفضلية للافتة الاقتصاد الإسلامى على لافتة اقتصاد السوق الليبرالية إلا بمعايير التنمية والرخاء والتقدم والعدالة التوزيعية والحياة الكريمة لكل المواطنين، ولا أفضلية لمبادئ دستورية مستمدة من شرائع سماوية على مبادئ وضعية إلا بما تضمنه من حقوق وحريات المواطنين دون تمييز وبما لا يتعارض مع الصالح المجتمعى العام.
امنحوا الأفكار الليبرالية فرصة للخروج من مصيدة اتهامها بمعاداة الدين وبإطلاقها الحريات دون ضوابط.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.