أماني طفلة صغيرة في منتهي الرقة والجمال, تجذب ببراءتها إليها كل من يشاهدها كأنها ملاك. نشأت أماني بين والديها اللذين كانا يغمرانها بحبهما, ويشملانها بعطفهما ورعايتها.. لم يكن يخطر علي بال الطفلة الصغيرة, التي لم يتجاوز عمرها عشر سنوات, مايخفيه لها القدر, وأنها ستكون في يوم من الأيام, يتيمة الأبوين, فبعد إتمامها عامها التاسع, فقدت والدتها في حادث طريق في أثناء اصطحاب والديها لها للتنزه. وبعد الحادث بشهور, شعر والدها شعبان(35 سنة ميكانيكي) بأن زوجته تركت له مسئولية كبيرة تجاه ابنته, وذلك من إعداد طعام وغسل ملابسها وتجهيزها للمدرسة, وهو مالم يستطع تحمله بمفرده. انتقلت أماني للإقامة مع عمها, بعد أن أصبحت رعايتها تشكل عائقا لوالدها, الذي لم يتحمل فراق ابنته لأيام, وذهب إلي منزل شقيقه وأحضر ابنته وانقطع عن عمله فترة من الزمن, مكث خلالها في المنزل يرعي فلذة كبده, حتي نصحه أقاربه بالزواج من فتاة ترعاها, في أثناء وجوده في عمله. وبدأ شعبان رحلة البحث عن زوجة.. وماهي إلا أيام قليلة, حتي أخبرته إحدي جاراته بوجود فتاة تدعي إيمان25 سنة علي قدر كبير من الجمال, من مدينة المحلة الكبري, وتقيم مع أسرتها بمنطقة الطوابق بالهرم. ولم يكذب شعبان خبرا, حيث تقدم علي الفور لخطبتها بعد أن اشترط عليها رعايتها لإبنته, ووافقت علي شرطه. وفي وقت قصير جرت مراسم الزواج, بعد أن وفر لها كل ماطلبته ليتم الزفاف وسط مباركة الأهل والأصدقاء.. ولكن بعد زواجهما بأيام, اكتشف شعبان مفاجأة وقعت علي رأسه كالصاعقة, فقد اتضح أن عائلة الزوجة عتيدة الإجرام, فوالدتها مطلوب التنفيذ عليها في قضايا متنوعة, وشقيقها فوزي مسجل خطر, وشقيقتها هاربة من حكم مؤبد لاتهامها بقتل زوجها في مدينة المحلة الكبري. ولأنه أدرك أن الفأس وقعت بالرأس لم يستطع فعل شئ, ورضي علي مضض بالأمر الواقع, وكان يوميا قبل خروجه لعمله يوصي إيمان بضرورة الاهتمام بابنته. وقبل مرور عام علي الزواج, أنجبت طفلا فبدأت معاملتها تتغير تجاه ابنته, فكانت تمنعها من الذهاب للمدرسة, وتتعدي عليها بالضرب, وتحرض والدها علي تعنيفها, وتجعلها تقوم بمهام المنزل, بينما تجلس هي تداعب طفلها. وفي أحد الأيام, شعر شعبان بإرهاق, فترك عمله في ورشة الميكانيكا التي يعمل بها وعاد إلي المنزل ليستريح, وفي تلك الأثناء فوجئ بجلوس ابنته في ركن منعزل بالمنزل, مهمومة مكسورة الخاطر, بعد أن ذبلت ملامحها وتبدلت بحيث أصبحت لاتحمل براءة الطفولة الجميلة التي تختفي وتتلاشي أمامها الاحزان, لهول ما تلاقيه من صنوف العذاب علي يد زوجة أب قلبها لايعرف الرحمة ولا الشفقة, بطفلة ضعيفة مقهورة لاحول ولا قوة لها. وعندما سألها عن سبب جلوسها هكذا, بكت وقالت له: أبلة إيمان هي التي طلبت مني ذلك, ومنعت عني الطعام والذهاب إلي المدرسة.. فجن جنونه وانهال علي زوجته بالضرب, وهددها بأنها مالم تحسن معاملة ابنته, فإنه سيطلقها في الحال. أسرعت إيمان للاتصال بشقيقها فوزي المسجل الخطر, وأخبرته بتعدي زوجها عليها بالضرب بسبب ابنته, فحضر علي الفور وأمر شعبان بلهجة حادة, برد مبلغ ألف جنيه كان قد اقترضه منه, لدفع غرامة مرورية لدراجته النارية. وطلب منه شعبان أن يمهله أياما فقط, غير أنه رفض, وحدثت بينهما مشادة كلامية اعتدي خلالها فوزي وشقيقته إيمان عليه بالضرب بمطواة وآلة حادة, وسط صرخات ابنته أماني حتي لفظ أنفاسه الأخيرة, ولاذ المتهمان بالفرار تاركين الطفلة تنتحب بجوار جثة أبيها. وكان اللواء عبدالموجود لطفي مساعد أول الوزير لأمن الجيزة, قد تلقي إخطارا من اللواء محمد الشرقاوي مدير الادارة العامة للمباحث, بورود بلاغ بنشوب مشاجرة ومتوفي بشارع محمد خلف بالطوابق فيصل, فانتقل اللواء محمود فاروق مدير مباحث الجيزة والعميد جمعة توفيق رئيس مباحث قطاع الغرب. تبين من الفحص العثور علي جثة شعبان34 سنة ميكانيكي مصابا بطعنة نافذة بالصدر وجرح بالرأس, وكشفت تحريات المقدم محمد عبدالواحد رئيس مباحث الهرم أن زوجة المتوفي وشقيقها وراء اركاب الجريمة, وبسؤال أماني ابنة المتوفي, قررت أن زوجة أبيها وشقيقها تعديا علي والدها بالضرب, ما أدي إلي وفاته. محمود ربعي رابط دائم :