أمام القوي السياسية المعارضة اختياران لا ثالث لهما فيما يتعلق بانتخابات مجلس النواب المقبلة, أولهما الفوز بأغلبية المقاعد وهي المهمة المستحيلة أمام تربيطات التيار الإسلامي, وثانيهما الانتحار السياسي لأن القبول بالأقلية البرلمانية يعني القيام بدور المحلل في برلمان تمت دسترته مسبقا بشكل احترافي ضد الحل وعدم الدستورية. ومن الصعوبة أن أميل إلي تأييد دعوات مقاطعة الانتخابات; فعدم المشاركة سلبية بلا حدود و محصلتها كفريق كرة القدم الذي يريد الاعتراض علي حكم المباراة فيلعب دون حارس مرمي ومن غير خطة وبلا هدف, ويري أن المشاركة تكون في صالحه ولكن من أجل المشاركة فقط حتي ولو جاء الفريق في ذيل قائمة المسابقة. ويصبح من الإنصاف أن أشير إلي أن حجج بعض رموز المعارضة في مقاطعة انتخابات مجلس النواب تستحق التوقف خصوصا من يرونها عملا من أعمال الخداع وأنها ستبتعد قولا وفعلا وواقعا عما قاله الرئيس محمد مرسي في دعوة الناخبين لاستكمال عملية التحول الديمقراطي المضطربة في مصر, وأن المقاطعة سوف تكشف الديمقراطية الزائفة التي تم التمهيد لها بدستور تمت تسويته بليل وعمليات استقطاب غير مسبوقة باسم الدين وتربيطات غير مشروعة تعتمد علي الوصول إلي الأغلبية بأي طريقة سواء بأصوات الناخبين أو تشجيع الحكومة الحالية التي يقال إنها لن تدخر جهدا في تشجيع كل ما يصب في صالح المتحكمين في مناصب الدولة وتوزيع تركة الوزارات, وفرض كل شيء بالدستور وبالقانون أو بغيرهما. وبعيدا عن الرهان علي موقف الشعب من مقاطعة الانتخابات أو عدمها, يصبح ضروريا القول إن قوي المعارضة ذاتها وخاصة جبهة الإنقاذ تعاني ارتباكا ملحوظا لن يؤهلها لا للدفاع عن دعوتها للمقاطعة في حالة استمرار الموقف الرافض لخوض الانتخابات, ولا حشد الجماهير للتصويت لصالحها إذا ما طرأ تغيير علي موقفها وهو أمر وارد; لأن قوي المعارضة لم تضع خريطة بديلة لتحركاتها باستثناء بعض المواقف المتباينة التي تتحدث عن ضرورة إسقاط النظام تارة, والدعوة لحل الحكومة أخري, والتصعيد بالعصيان المدني ثالثة, والاتفاق مع تيار الاستقلال باللجوء للمحاكم الدولية رابعة, والسعي لوقف الانتخابات التي يعتبرونها باطلة بحجة أنها تقوم علي دستور باطل وتجري بقانون وافق عليه مجلس الشوري الذي تم تحصينه زورا ضد الحل. وأري أنه لا بديل عن التوافق علي تعامل ديمقراطي مع الانتخابات المقبلة, بضمانات حقيقية من الرئاسة بالنزاهة والشفافية, وتحرك قانوني يحمي المعركة من رشاوي الزيت والسكر والتأثير علي الناخبين بالمنابر وأبواب الجنة والنار, وأن تتحسس المعارضة أماكنها في الشارع السياسي فهم ما يزالون بعيدين عنه وأن يعلنوا التحدي لتحقيق المهمة المستحيلة أوتجنب الانتحار السياسي.