أثارت أبحاث الخلايا الجذعية خلافا كبيرا بين علماء الطب والدين حتي استقر الرأي الشرعي علي جواز العلاج بها, مما فتح مجالا كبيرا أمام الاطباء في جميع المحالات والتخصصات. ومن أهم رجالات الدين الذين قتلوا قضية جواز العلاج بالخلايا الجذعية بحثا الدكتور محمد رأفت عثمان أستاذ الفقه المقارن بكلية الشريعة والقانون بالقاهرة وعميد كليتي الشريعة والقانون بطنطا والقاهرة وعضو مجمع البحوث الإسلامية وعضو مجمع فقهاء الشريعة بأمريكا وعضو هيئة كبار العلماء. التقيناه.. حاورناه.. وهذه هي المحصلة. * ما هي الخلايا الجذعية؟ ** الخلايا الجذعية أو كما تسمي أيضا خلايا المنشأ, هي خلايا تنشأ ساعة تلقيح البويضة بالحيوان المنوي, وهي خلايا ستة وأربعين كروموزوما, عبارة عن ثلاثة وعشرين زوجا, اثنان وعشرون منها متماثلة في الذكر والأنثي, وأما الزوج الثالث والعشرون فيختلف في الذكر عن الأنثي, وهو الذي علي أساسه يتحدد نوع المولود من حيث الذكورة والأنوثة, فهو في الأنثي يشتمل علي كروموزومي(XX) وأما في الذكر فيشتمل علي كروموزوم(X) وعلي كروموزوم(Y) فإذا لقحت البويضة بحيوان منوي يحتوي علي كروموزوم(X) كان المولود أنثي, وأما إذا لقحت البويضة بحيوان منوي يحتوي علي كروموزوم(Y) فإن المولود يكون ذكرا *ما أهم المميزات التي ساعدت علي استخدامها في العلاج؟! ** تتميز الخلايا الجذعية بأنها غير متخصصة, أي أنها تستطيع تجديد نفسها بنفسها لمدة طويلة عن طريق إنقسامها كما تستطيع الخلايا الجذعية في ظروف معينة أن تتحول إلي خلايا متخصصة وذلك كالخلايا العضلة أو القلبية أو الجلدية كوسيلة أودعها الله عز وجل لاستبدالها بالخلايا الميتة أو إصلاح الخلل في هذه الخلايا طوال مدة الحياة * كيف سمح علماء الدين الإسلامي بأخذ الخلايا الجذعية من الأجنة وتعريضها للموت؟ ** ان تسميتها أجنة ليست تسمية حقيقية وإنما ذلك علي سبيل المجاز لأنها لم توجد في الرحم وتعلق بجداره وإنما مازالت ترقد في الاطباق البلاستيكية العلمية في المعامل بل يري بعض فقهاء أئمة المذاهب الإسلامية المشتهرة وهو الإمام الشافعي رضي الله عنه أن الحمل مع كونه موجودا في رحم أمه لا يطلق عليه إطلاقا حقيقيا اسم الجنين إلا بعد مرحلتي العلقة والمضغة. * أليس في إجراء التجارب علي الخلايا الجذعية امتهان لكرامة الإنسان؟ ** كرم الله عز وجل الإنسان وبين ذلك في قوله تبارك وتعالي( ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم علي كثير ممن خلقنا تفضيلا) وعند توضيح علماء الإسلام لمعني تكريم الله للإنسان كانت اجتهاداتهم تدور حول الشئ الذي كرمه الله به فمنهم من يري أن تكريم الله لبني أدم هو أن رتب لهم الكون وخلق كل ما تحمله الأرض لهم, كما بين ذلك في قوله تبارك وتعالي( هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعا) ولا يوجد غير الإنسان من سخر له الله كل ما في الأرض من حيوان ونبات ومن العلماء من يري أن الإنسان كرمه الله بالعلم والعقل ومنهم من يري أنه مكرم بالتمييز. * كيف يمكن الحصول علي الخلايا الجذعية من الأجنة البشرية؟ **الخلايا الجذعية المأخوذة من الأجنة البشرية يحصل عليها من الأجنة الفائضة أو ما يطلق عليه أطفال الأنابيب وأيضا الأجنة المحضرة خصيصا لهذا الغرض وذلك بأن تؤخذ بويضات من متبرعة تم تخصيبها بحيوانات منوية من متبرع وكذلك الأجنة المجهضة, ودم المشيمة أو الحبل السري * كيف يمكن الحصول علي الخلايا الجذعية من غير الأجنة؟ يمكن الحصول عليها من خلايا البالغين والأطفال ولكن العلماء يرون أن الخلايا الجذعية قليلة في البالغين بل ونادرة ومن الصعب العثور عليها والتحكم فيها وهناك تشكيك من بعض الباحثين في قدرتها علي التشكيل وتكوين خطوط عديدة من الخلايا المطلوبة. * هل يجوز أخذ خلايا جذعية من الأطفال؟ ** الخلايا الجذعية تكون كما بين العلماء أكثر في الأطفال من البالغين ونري أنه يجوز أخذها منهم ونشترط في جواز ذلك أن يكون بناء علي إذن من ولي أمر الطفل وذلك لأن الطفل ليس أهلا للإذن لا في أي أمر من أموره الخاصة به ولا في أي أمر من الأمور التي تخص غيره فينوب ولي الأمر عنه وإذن الولي في هذه الحالة قد يكون غير مقبول وذلك لأن الخلايا الجذعية إذا أخذت من نقي العظام مثلا فإن ذلك يشكل نوعا من الأذي علي الطفل وبعض المخاطر ولكن ما يحدث حاليا من أخذ نقي العظام من طفل ليزرع في أخيه الذي يعاني من سرطان الدم هو أمر شائع لا اعتراض عليه وجميع الدول تكتفي بأن يؤخذ الإذن من ولي أمر الطفل وذلك لأن نقي العظام من الطفل السليم إذا كان مطابقا لفصيلة أخيه المريض فإنه يؤدي إلي إنقاذ حياته وفي نفس الوقت لا يشكل أي خطر حقيقي علي الطفل السليم وأما الحصول علي الخلايا الجذعية بوسائل أكثر خطورة فلا يكون جائزا حتي لو كان ذلك لإنقاذ طفل غيره وذلك لأن إذن الولي مشروط بما كان العمل لا يؤدي إلي الإضرار بالطفل وأيضا فإن القاعدة الشرعية هي أن الضرر لايزال بضرر مساو له وإنما يكون جائزا لو كانت تتم بضرر أقل منه. * ما الموقف الفقهي من العلاج بالخلايا الجذعية ** لا نجد مانعا شرعيا من أخذ الخلايا الجذعية من البالغين ويشترط في إباحة ذلك أن يكون هناك ما يؤكد أن هذه الطريقة لا تؤدي إلي الإضرار بالشخص الذي أخذت منه الخلايا الجذعية فالنصوص صريحة في القرآن الكريم وحديث رسول الله صلي الله عليه وسلم بمنع الإنسان من أن يضر نفسه أو يضر غيره قال عز وجل( ولا تلقوا بأيديكم إلي التهلكة) وقال تعالي( ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما) وقال الرسول الكريم لاضرر ولاضرار كما يشترط ألا يتم الحصول علي هذه الخلايا من البالغين إلا بعد صريح الإذن منهم. * ما الضوابط الأخلاقية في استمرار البحوث علي الخلايا الجذعية الجنينية خاصة وأنها تعتمد علي ضمائر الباحثين بالدرجة الأولي؟ ** أن تؤخذ موافقة كتابية من والدي الجنين بهدف الحصول علي الخلايا الجذعية من جنينهما وقد تم الحصول عليها من أجنة الإخصاب الطبي المساعد وليست من الحمل الطبيعي وأن تكون الخلايا الجذعية جاءت من أجنة فائضة وليست مطلوبة لعمليات الإخصاب الطبي المساعد مع مراعاة ألا يكون المتبرعون بالأجنة يرمون إلي الكسب المادي من وراء ذلك * ما هي التوصيات التي توصي بها عند انتشار العلاج بالخلايا الجذعية في الدول الإسلامية؟ ** أقيمت ندوة عالمية حول الخلايا الجذعية والتي أقامتها المنظمة الإسلامية للعلوم الطبية بالكويت ومنظمة اليونسكو ومجمع الفقه الإسلامي بالقاهرة والتي أوصت الدول الإسلامية بضرورة إنشاء لجان وطنية للإشراف علي إجراء الأبحاث والعلاج في مجال الخلايا الجذعية, والمنظمة الإسلامية للعلوم الطبية بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية بإصدار ميثاق خاص للأبحاث والعلاج باسم الميثاق الإسلامي للممارسات الجيدة لاستخدام الخلايا الجذعية البشرية ووضع بروتوكول علي نسق( الممارسة الجيدة للتصنيع) لإنشاء بيوت للحيوانات في حالة إقرار استخدام الخلايا الجذعية الجنينية الحيوانية وتشجيع إنشاء وقف إسلامي لاستخدامه في تمويل الأبحاث العلمية, وضرورة ربط مراكز الأبحاث بالدول الإسلامية بشبكة اتصال للتكامل والتعاون وتبادل المعلومات مع بعضها البعض.