بنك جديد طالبت نقابة الأطباء أخيرا بأن ينضم إلى البنوك العالمية، بهدف علاج الأمراض المستعصية، وربما يكون بديلا مقبولا لزراعة الأعضاء فيما بعد. وتعتمد ودائع بنك «الخلايا الجذعية»، على الحبل السرى، والأجنة الصغيرة المجهضة.. وخلايا الإنسان نفسه، إلا أن رصيد هذا البنك والاستثمار فيه يصطدم بعدد من الاشكالات الشرعية والأخلاقية.. إذا تم تفاديها سيكون من البنوك الأكثر نفعا للمجتمع. والخلايا الجذعية كما تقول الدكتورة هدى شاهين، أستاذ الهندسة الوراثية بجامعة الأزهر، هى الخلايا الأساسية الأولى التى يتكون منها الجنين وبالتالى جميع الخلايا والأنسجة المختلفة، وهى تتحول فيما بعد إلى خلايا قلب أو كبد أو جلد أو دماغ..الخ، وهى خلايا غير مكتملة الانقسام، قادرة تحت ظروف مناسبة على تكوين خلية بالغة من أى عضو من أعضاء الجسم، أى أنها نظام «إصلاح وتجديد» للجسم. وتقول: إن العلماء يسعون إلى أن تكون هذه الخلايا علاجا ناجعا للأمراض، من خلال الاستفادة من قدرة هذه الخلايا غير المتخصصة على التطور إلى أنواع عدة من الأنسجة التى أنهكها المرض أو أهلكها، وبدون إثارة مشكلات أخلاقية. وتشير الدكتورة هدى إلى ان الخلايا الجذعية نوعان: خلايا جذعية جنينية تستخرج من الأجنة نفسها، وخلايا جذعية بالغة تستخرج من مختلف خلايا الجسم، مثل النخاع العظمى والرئة والقلب والعضلات وغيرها. ويقول الدكتور جمال أبوالسرور،استاذ أمراض النساء ومدير مركز الدراسات السكانية، إن الخلايا الجذعية تتكون فى الجنين حديث التكوين، الذى يبلغ من العمر أربعة أيام إلى ستة أيام منذ التلقيح، حيث تتكون الكرة الجرثومية (الأريمة)، التى تتكون بدورها من كتلة خلايا خارجية تكون المشيمة والأغشية التى يرتبط بها الجنين بالرحم، وكتلة خلايا داخلية، وهى التى يخلق الله منها جميع خلايا الجنين.. والتى تعرف باسم الخلايا الجذعية. ومع تخصص هذه الخلايا الموجودة فى الكتلة الداخلية وتقدم عمر الجنين تقل الخلايا الجذعية.. ولكنها لا تندثر وإنما تبقى فى الجنين وفى المولود، وفى الإنسان البالغ.. ولكنها تتناقص تدريجيا بتقدم عمر الجنين والمولود والطفل والبالغ.. ففى الإنسان البالغ توجد خلية جذعية من كل مائة ألف خلية من خلايا الدم، وفى نخاع العظام توجد خلية من كل عشرة آلاف خلية.. ويوضح سرور أن الخلايا الجذعية الجنينية تتضاعف بشكل أفضل من الخلايا البالغة، لكنها تثير إشكاليات أخلاقية فى العلاج، لأنها تتضمن تدمير الأجنة المستخدمة، وإسقاط او اجهاض الحمل منذ بدايته.. ويضيف أن الخلايا الجذعية إذا ما تم الاهتمام بها ستكون ثورة فى عالم زراعة الأعضاء، فهى تستخدم عن طريق معالجتها فى ظروف معينة ودفعها للنمو بشكل عضو حيوى معين أو إصلاح أى أنسجة أخرى.. وأشار إلى أن استخدامها أدى إلى تقدم ملموس فى علاج بعض الأمراض السرطانية، حيث تنقض الخلايا الجذعية على السرطانية.. خاصة فى البدايات الأولى للمرض.. وأشار إلى أن العديد من الدول أنشأت بنوكا لهذه الخلايا. أما الدكتور محمد رأفت عثمان، عضو مجمع البحوث الإسلامية،فيقول: إنه لا مانع شرعا من إنشاء بنك للخلايا الجذعية لكن بشروط معينة حتى تكون ودائعه حلال ورصيده مطابق للمواصفات الشرعية.. خاصة أن هذا البنك يتطلب الإجهاز على الجنين الذى لم يكمل عمره الأيام العشرة.. ويضيف أنه يتم الحصول على هذه الخلايا من عدة مصادر وهى الجنين الصغير فى مرحلة الكرة الجرثومية (البلاستولا)، وتعتبر اللقائح الفائضة من تجارب أطفال الأنابيب هى المصدر الرئيسى، كما يمكن أن يتم تلقيح بويضة من متبرعة وحيوان منوى من متبرع للحصول عليها وتنميتها إلى مرحلة البلاستولا، ثم استخراج الخلايا الجذعية منها. كما يمكن الحصول عليها من الأجنة المجهضة فى مرحلة من مراحل الحمل، والمشيمة أو الحبل السرى، ومن الأطفال والبالغين، والاستنساخ العلاجى، بأخذ خلية جسدية من إنسان بالغ، واستخراج نواتها ودمجها فى بويضة مفرغة من نواتها، بهدف الوصول إلى مرحلة البلاستولا، ثم الحصول منها على الخلايا الجذعية. ويضيف عثمان أنه يجوز الحصول على الخلايا الجذعية وتنميتها واستخدامها بهدف العلاج أو لإجراء الأبحاث العلمية المباحة، إذا كان مصدرها مباحا، ومنها: البالغون إذا أذنوا، ولم يكن فى ذلك ضرر عليهم، والأطفال إذا أذن أولياؤهم، لمصلحة شرعية، وبدون ضرر، والمشيمة أو الحبل السرى، بإذن الوالدين، والجنين السقط تلقائيا يجيزه الشرع، وبإذن الوالدين، وبقايا تجارب أطفال الأنابيب مع موافقة الوالدين.. ويحرم أخذ هذه الخلايا فى حال تعمد إسقاط الجنين.