تسعة آلاف يورو، أى أقل من 65 ألف جنيه، كافية لعلاج كل شىء، من السكر إلى الزهايمر، ومن أمراض القلب لجلطات المخ. مركز «إكس سيل» X Cell Center الطبى بألمانيا يقول فى إعلاناته إنه قادر على علاج عدد من الأمراض بدرجة نجاح وتحسن تفوق أى دواء أو جراحة من خلال العلاج باستخدام الخلايا الجذعية. المستشفى الشهير بمدينة ديسلدورف الألمانية أعلن عن عمليات ثورية بأسعار بخسة نسبيا لعلاج مختلف أنواع الأمراض، مثل الفشل الكلوى والتوحد وهشاشة العظام وغيرها، ونشر عشرات الشهادات لمرضى يعلنون عن التحسن الكبير الذى قد شهدوه بعد جلسات علاج قصيرة. «خلال أيام قليلة من تلقيح البويضة البشرية تتكون الخلايا الجذعية، التى هى مجموعة من الخلايا المتشابهة التى تتخصص كل مجموعة منها فى التطور لعضو من أعضاء الجسد، من عظام وأعصاب وهكذا، يعنى هذه الخلايا ممكن تتحول لأى نوع من الخلايا المتخصصة»، والحديث للدكتور أكرم أبوزيد، أستاذ علم الوراثة بجامعة قناة السويس. بدأت أبحاث دراسة طبيعة الخلايا الجذعية فى الستينيات، ليتبعها سلسلة من الأبحاث حول استخدامها فى العلاج، لتدخل هذه الأطباق حيز التجريب والتطبيق على البشر مع بدايات الألفية. «الخلايا الجذعية ممكن تتشكل وتتحول لأى خلية تانية»، كما يقول د. أكرم، بمعنى أن الخلايا الجذعية المزروعة فى الكبد تتحول إلى خلايا كبدية تعالج ما به من تليف، «وإن زرعت فى البنكرياس، تعوض ما به من خلايا ميتة مما يساعد على علاج مرض السكر، والأمر نفسه فى المخ والقلب». هذه الطريقة الثورية فى العلاج شهدت الكثير من الهجوم على مدى أخلاقياتها، والسبب فى ذلك ليس نتائجها الرائعة بالطبع، ولكن فى كيفية الحصول على هذه الخلايا. أفضل مصدر للحصول على خلايا جذعية نشيطة قادرة على التكاثر السريع هو الأجنة المجهضة التى يقل عمرها عن 4 أشهر وقت الإجهاض، «وده طبعا فتح باب للتجارة فى الأرحام. يدوا فلوس للأمهات علشان تحمل وتجهض نفسها للحصول على الخلايا الجذعية بغرض الأبحاث»، وهو ما أثار مشكلة أخلاقية مؤرقة حول شرعية هذه العملية، وإن كان إجهاض هذه الأجنة دون ضرورة ملحة جريمة. يتذكر د. أكرم حين كان يدرس بالسويد عام 2005 كيف حاول العلماء الالتفاف حول هذه المشكلة. بعض الأطباء والباحثين كانوا يجدون أمهات يخططن للإجهاض، بسبب أدوية الخصوبة المخصصة فى الأساس لعلاج العقم. «لما امرأة طبيعية تاخد دوا خصوبة، ده بينشط عملية التلقيح بحيث إنه بيزود فرصة إنجاب توءم»، وحين تحمل المرأة فى توءم، يقوم العلماء بإجهاض جنين للحصول على الخلايا الجذعية وترك الآخر لينمو ويولد. «طبعا أى عملية إجهاض أو إخصاب بغرض الحصول على خلايا جذعية هى حرام دينيا»، فى رأى الدكتور أكرم أبوزيد، الذى يتطابق مع فتوى المجمع الفقهى لرابطة العالم الإسلامى عام 2003 حول العلاج بالخلايا الجذعية. لكن العلم الحديث طور من أساليب استخلاص الخلايا الجذعية، فيمكن أن يتم استخلاصها من الحبل السرى والمشيمة دون إضرار بالجنين. ثم توصل العلماء مؤخرا إلى أسلوب حديث يمكنهم من استخلاص الخلايا الجذعية من جسد الشخص البالغ، فداخل كل إنسان بعض الخلايا الجذعية التى تظل على حالتها الأولى دون أن تتحول أو تتطور إلى خلايا متخصصة. هذا بالضبط ما تقوم به مستشفى «اكس سنتر»، التى تقوم بجمع الخلايا الجذعية من نخاع المريض ثم تزرعها فى مكان الإصابة. يوضح د. أكرم أن أهمية العلاج بالخلايا الجذعية تزيد مع الأمراض العصبية، مثل الزهايمر ومرض باركنسون، «لأن الخلايا العصبية لا تتجدد على الإطلاق، بعكس باقى خلايا الجسم التى تجدد نفسها بنفسها أصلا». ويذكرنا د. أبوزيد بأن أبحاث الخلايا الجذعية فى جامعة عين شمس تعتمد على الحصول على الخلايا من المشيمة، وتركز على علاج أمراض الكبد والسكر لأنها الأكثر انتشارا فى البلد، «أما الأمراض العصبية فهى الأصعب، وتعتمد على أبحاث معقدة لا أحد يدرسها فى مصر على حد علمى».