روسيا تتهم مجلس الأمن بالنفاق: أمريكا تكرر أكاذيب العراق وترتكب جرائمها ضد إيران    وزارة الصحة السورية: 22 قتيلًا و59 جريحًا في تفجير انتحاري استهدف كنيسة في دمشق    كأس العالم للأندية 2025.. شوط أول سلبي بين الهلال السعودي وسالزبورج    شوبير: نعد الجماهير بتقديم الأفضل أمام بورتو    محمد صلاح: أرفض تدريب الأهلي    خيمينيز خارج تدريبات أتلتيكو مدريد الجماعية قبل مواجهة بوتافوجو    جامعة جزيرة الأمير إدوارد بالقاهرة تحتفل بتخريج دفعتها الرابعة لعام 2024/2025    بعد ارتفاعه رسميًا.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 23 يونيو 2025    سعر الطماطم والبصل والخضار في الأسواق اليوم الاثنين 23 يونيو 2025    منصة إلكترونية بين مصر والأردن لضمان حماية العامل    اعتماد خطة التنشيط السياحي في مصر للعام المالي 2025-2026    وشهد شاهد من أهله .. شفيق طلبَ وساطة تل أبيب لدى واشنطن لإعلان فوزه أمام الرئيس مرسي!    جامعة مصر للمعلوماتية تكشف تفاصيل منحة ريم بهجت 2025/2026    أكسيوس عن مسؤول أمريكى: ويتكوف أكد أن واشنطن لا تزال تسعى لحل دبلوماسى    ملخص وأهداف مباراة ريال مدريد ضد باتشوكا فى كأس العالم للأندية    الخارجية الأمريكية تنصح المواطنين الأمريكيين حول العالم بتوخى الحذر    مندوب إيران بمجلس الأمن: نتنياهو مجرم الحرب المطلوب دوليا احتجز السياسة الأمريكية رهينة    سيناتور أمريكي: إدارة ترامب تكذب على الشعب الأمريكي    البطريرك الراعي يدين تفجير كنيسة مار إلياس: جريمة مؤلمة طالت الأبرياء في دمشق    «الشيوخ» ينتقد أوضاع كليات التربية.. ووزير التعليم العالى: لسنا بعيدين عن الموجود بالخارج    اعتماد نتيجة امتحانات الترم الثاني لمعاهد "رعاية" التمريضية بالأقصر.. تعرف على الأوائل    محافظ كفر الشيخ يشيد بحملات طرق الأبواب بالقرى لنشر خدمات الصحة الإنجابية    موعد افتتاح المتحف المصري الكبير    إسلام الشاطر: الأهلى محتاج 5 صفقات وديانج مختلف وغياب إمام مؤثر جدا    «لا يليق».. هاني رمزي ينتقد أداء الأهلي في كأس العالم للأندية    إشارة حكم مباراة ريال مدريد وباتشوكا تدخل التاريخ في المونديال.. فما القصة؟    تقارير: موناكو يحسم صفقة بوجبا    غرق طفلين أثناء الاستحمام بترعة في حوش عيسى بسبب حرارة الجو    أخبار 24 ساعة.. تحذير عاجل من الأرصاد بسبب ارتفاع نسب الرطوبة    شكاوى من صعوبة «عربى» الثانوية.. وحالات إغماء بين الطلاب    تفاصيل القبض علي المتهم بقتل زوجته بعلقة موت في الدقهلية    رئاسة حى غرب المنصورة تواصل حملاتها المكبرة لرفع الإشغالات والتعديات على حرم الطريق    استعدوا لمنخفض الهند «عملاق الصيف».. بيان مهم بشأن حالة الطقس اليوم (تفاصيل)    إصابة 6 أشخاص خلال مشاجرة ب الأسلحة البيضاء في المنوفية    مصرع عامل إثر سقوطه من أعلى محطة مياه في سوهاج    مندوب إيران بمجلس الأمن: أمريكا الوحيدة تاريخيا من استخدمت أسلحة نووية    خطوبة خالد سامى العدل فى أجواء عائلية.. صورة    أهم الأخبار الفنية على مدار الساعة.. هانى شاكر يُحيى ذكرى وفاة ابنته.. لقاء سويدان تعلن ارتباطها.. وُلدت مشهورا يفوز بجائزة لجنة تحكيم مهرجان الرباط للفيلم الكوميدى.. يارا اللبنانية تنعى ضحايا كنيسة مار إلياس    حقوقي: الراقصات يقدمن محتوى خادش لزيادة أجورهن في الحفلات    لا تسمح لأحد بفرض رأيه عليك.. حظ برج الدلو اليوم 23 يونيو    18 يوليو.. هاني شاكر يلتقي جمهوره على مسرح البالون في حفل غنائي جديد    «المهرجان الختامى لفرق الأقاليم» يواصل فعاليات دورته السابعة والأربعين    صنّاع وأبطال «لام شمسية»: الرقابة لم تتدخل فى العمل    تقديم الخدمات الطبية ل1338 مواطناً فى قافلة مجانية بدسوق في كفر الشيخ    بالأرقام.. ممثل «الصحة العالمية» في مصر: 50% من حالات السرطان يمكن الوقاية منها    وداعًا لأرق الصيف.. 4 أعشاب تقضي على الأرق وتهدئ الأعصاب    حلم أنقذ حياتها.. نيللي كريم تكشف عن تفاصيل إصابتها بورم بعد تشخيص طبي خاطيء    بحضور وزير التعليم العالي.. تفاصيل الجلسة العامة لمجلس الشيوخ اليوم| صور    هل يُغسل المتوفى المصاب بالحروق أم له رخصة شرعية بعدم تغسيله؟.. الإفتاء تجيب    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : كأنك تقول ان هناك طريق "غير جاد"    محافظ كفر الشيخ يتابع سوق اليوم الواحد للسلع الغذائية بمدينة سيدي غازى    مصرع عامل في تجدد خصومة ثأرية بين عائلتين بقنا    مزاح برلماني بسبب عبارة "مستقبل وطن"    الأزهر للفتوى: الغش في الامتحانات سلوك محرم يهدر الحقوق ويهدم تكافؤ الفرص    عميد قصر العيني يعلن إصدار مجلة متخصصة في طب الكوارث    محمد علي مهاجمًا محمد حسان بسبب إقامته عزاء لوالدته: تراجع عما أفتيت به الناس في الماضي    رئيس "الشيوخ" يحيل تقارير اللجان النوعية إلى الحكومة -تفاصيل    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاحد 22-6-2025 في محافظة قنا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هل يمكن أن تتوحد الشعوب؟
بقلم‏:‏ د‏.‏ محمود عباس عبد الواحد

ربما يكون السؤال مألوفا ومطروحا علي المتهمين بالسياسة العالمية والداخلية‏,‏ ولكن قد يبدو الجواب عنه غريبا وغير مألوف‏,‏ولهذا لاتعجب إذا طالعتك في مستهل هذا المقال بالحديث عن العواطف
وخصوصا عاطفة البغض والخوف فهي من أكثر العواطف التي يمكن إثارتها بسهولة بين الناس‏,‏ وليست كذلك عاطفة الحب أو الشعور بالأمن‏,‏فأنت تملك الآن أن تحرك في الألوف المؤلفة أو في شعب بأكمله شعورا بالكراهية والخوف‏,‏ ولكن من الصعب عليك أن تحرك في أفراد أو عشرات شعورا بالحب أو الأمن‏,‏ومعني هذا أن عاطفة البغض أو الخوف مستعدة دائما للانطلاق إلي الهدف كالجيوش المدربة علي حب الغزو والعدوان‏,‏ فهي لاتهدأ إلا إذا وجدت لها عدوا تفرغ فيه شحنتها الغاضبة وتنشغل به عن الآخرين‏,‏فإن لم تجد لها عدوا خارجيا يشغلها بالكره له والخوف منه نفست عن نفسها بين أبناء الشعب والوطن الواحد‏.‏
ولهذا يقول الفيلسوف الإنجليزي جودمن الصعب عليك أن توحد الشعوب إلا إذا صرفت عاطفة البغض والخوف الكامنة في النفوس إلي عدو من جيش أو عالم آخر كأن تخترع لهم مثلا عدوا من عالم القمر أو المريخ فعندها يجتمعون علي كرهه وعداوته والحذر منه‏,‏ هل يتعاونون علي حربه وإعداد العدة له فلا تبقي فيهم بقية من عاطفة غاضبة أو خائفة يمكن أن تنفس عن نفسها داخليا وكلام الفيلسوف جود يذكرنا بما غاب عنا من وقائع التاريخ وتجارب البشر‏,‏ فالشعوب التي واجهت عدوانا خارجيا نسيت خلافاتها واتجهت بكل طاقاتها الغاضبة الي عدوها الخارجي‏.‏
وأعتقد أن التجارب المصرية مازالت ماثلة في الأذهان ابتداء من مقاومة الاحتلال الفرنسي والبريطاني وانتهاء بالعدوان الثلاثي عام‏1956‏ م والنكسة التي ابتليت بها البلاد عام‏1967‏ م فكانت كارثة حركت في الشعب المصري علي اختلاف طوائفه وأحزابه شعورا بالعار وشعورا أشد بالغضب علي إسرائيل‏,‏ ولكنه شعور خالطه غير قليل من الحذر في مواجهة عدو ماكر لاينبغي أن نستهين بقوته‏,‏بل يجب أن نستعد لحربه لإزالة آثار العدوان‏,‏وظلت مصر ستة أعوام تبتلع جراحها وتتجمع حول أحزانها بكل شحنات الغضب علي عدو احتل أرضها واستهزأ بجيشها لغفلة قواده‏.‏
وفي سنوات الحزن والغضب ذابت كل خلافاتنا وتحملنا جميعا مرارة الصبر علي نقص المواد الغذائية من غير شكوي أو مظاهرة وكأن الشعب كله كان في مأتم حزين لاتشغله البطون ولا المصالح الخاصة عن عدوه‏.‏
وعلي قدر ما وحدت بيننا المصيبة كان توحدنا حول انتصارنا في أكتوبر‏1973‏ م أشد وأكبر‏.‏
وأعرف كما يعرف الجميع أن فرحتنا بهزيمة عدونا قد جمعت قلوبنا علي هوي واحد وارتفعت معنويات الشعب المصري كله ليضع إسرائيل في موقفها المناسب من العداوة والحذر منها‏.‏
ولكننا نعرف كذلك بأن هذا الأمر لم يدم طويلا إذ فطنت إسرائيل إلي أن هزيمتها قد وحدت صفوفنا‏,‏ وأن شعورنا بعداوتها والحذر منها قد يعرضها في مقبلات الأيام لغضب شعب عرف عدوه فنسي خلافاته وعداواته الداخلية فعملت بكل وسائلها وحلفائها علي أن تطمس فينا كل شعور بالعداوة والغضب ليحل مكانه شعور بالصداقة والرضا وهي تعلم تماما أن هذا التحول السياسي سيمزق وحدتنا الداخلية والعربية إذا لم يعد لنا عدو نجتمع علي عداوته وهذا ما حدث فعلا في مصر خلال ثلاثين عاما شغلنا بأنفسنا وتفجرت بيننا عداوات وخصومات وأفرغنا كل شحنات الغضب والحذر فيما بيننا وأصبحنا شيعا وأحزابا لانلتقي عند غاية ولانتفق علي وسيلة‏,‏ وأغلب الظن أننا استبدلنا عداوتنا الداخلية بعداوتنا لإسرائيل فأصبحنا لانغضب إلا علي أنفسنا ولانحذر ولانرتاب إلا فيما كرهناه من أبناء الوطن لأن عواطفنا الغاضبة لم يبق فيها شيء يتجه الي عدو خارجي فعشنا أكثر من ثلاثين عاما ونحن نخدع أنفسنا بالسلام مع عدو لايعرف السلام‏,‏ وزيفنا مواقفنا السياسية في لحظة الانتصار بمبادرة سلام خنقت أنفاسنا وكانت في ظهورنا كمخالب القط حتي فقدنا السيطرة علي سيناء التي حاربنا من أجلها‏.‏
ويبدو أن العالم الغربي كان أكثر فهما لضرورة أن يكون هناك عدو خارجي يجتمعون علي عداوته ويتناصرون علي حربه‏,‏ فقد أعانهم هذا كثيرا علي أن يقيموا فيما بينهم أحلافا وتكتلات دولية من شأنها أن تعمل علي تحقيق مصالح الدول ولكنها تعتمد في قيامها وقوتها علي الشعور بالحذر من الآخرين‏,‏ وربما لم تسلم هذه الأحلاف والتكتلات من عواطف الغضب التي تزيدها تمسكا في مواجهة المخالفين وخصوصا في اسيا وأفريقيا‏,‏ وأعتقد أن الحرص علي أسباب القوة في مجال الصراع الدولي كان حافزا قويا وباعثا مهما لإقامة الأحلاف في التاريخ البشري رغم مابين الدول المتحالفة من خلافات مذهبية وسياسية‏,‏ وما زلنا نذكر حلف وارسو وحلف الأطلنطي فقد نشأ الحلفان في أجواء الصراع والشعور بالعداوة‏,‏ ثم ظهر الاتحاد الأوروبي حديثا ليؤكد أن هذه الشعوب لاتخدع نفسها بشعارات السلام وإن خدعت بها غيرها فهي صادقة في واقعها ومع احتمالات أي خطر ينتظر في مقبلات الأعوام‏.‏
فهم ينظرون دائما إلي الغد بحساب عقلي دقيق لايعرف الغفلة عن مصادر الخطر في عدو خارجي معروف أو متوقع‏.‏
ولهذا تنجح عندهم سياسة التكتلات بينما تصاب بالفشل عندنا في أكثر الأحوال وخصوصا في هذا العصر‏,‏إذ تسعي كل دولة إلي أن تجعل من عدوها صديقا إيثارا للسلامة وارتيابا في جيرانها من العرب‏,‏ ولهذا يصعب أن تتوحد الشعوب العربية كما يقول ابن خلدون لوجود الأنفة والكبرياء ولغلبة الشعور بالخوف والحذر لاختلاف النظم وكيف يلتقي هؤلاء في حلف أو تكتل وهم لايشعرون أن لهم عدوا خارجيا يجتمعون علي عداوته وإنما يخشي بعضهم بعضا وأن أظهروا خلاف مايبطنون‏.‏
ولاتزال تجربة الوحدة بين مصر وسوريا شاهدة علي صدق المقال‏.‏
فأذا أرادت الشعوب العربية أن تتوحد فلتعرف أولا من عدوها؟ ومن أين يأتيها الخطر في مقبلات الأيام؟ فإن فعلت فقد حققت لنفسها سببا قويا لتوحدها في مواجهة عدو خارجي وإلا احتاجت الي عدو مخترع يعيش في المريخ أو القمر كما يقول جود‏:‏ فليت شعوبنا لاتنتظر طويلا قبل أن تفيق من عداواتها الداخلية وانقساماتها البغيضة حتي لاتفاجأ بصدمات عنيفة لم تحسب لها حسابا فتفقد القدرة علي الغضب لأرض أو عرض أو كرامة فاحتفظوا بغضبكم لعدوكم ولاتستهلكوه في خراب أوطانكم وسفك دمائكم‏.‏

رابط دائم :


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.