دعوى عاجلة جديدة تطالب بوقف تنفيذ قرار جمهوري بشأن اتفاقية جزيرتي تيران وصنافير    سعر الذهب اليوم الأحد 4 مايو 2025 في مصر.. استقرار بعد الانخفاض    مختص بالقوانين الاقتصادية: أي قانون يلغي عقود الإيجار القديمة خلال 5 سنوات "غير دستوري"    الأرصاد تكشف طقس الساعات المقبلة: أمطار وعودة الأجواء الباردة    تنفيذاً لقرار مجلس الوزراء.. تحرير 148 مخالفة عدم غلق المحلات في مواعيدها    مينا مسعود يحضر العرض المسرحي في يوم وليلة ويشيد به    الإفتاء توضح: هذا هو التوقيت الصحيح لاحتساب منتصف الليل في مناسك الحج لضمان صحة الأعمال    عشان دعوتك تتقبل.. اعرف ساعة الاستجابة في يوم الجمعة    جيش الاحتلال الإسرائيلي يؤكد فشله في اعتراض صاروخ اليمن وسقوطه بمحيط مطار تل أبيب    شاهد عيان على جسارة شعب يصون مقدراته بالسلاح والتنمية.. قناة السويس فى حماية المصريين    مد فعاليات مبادرة كلنا واحد لمدة شهر اعتبارا 1 مايو    سعر الدولار الأمريكي أمام الجنيه المصري الأحد 4-5- 2025    اللهم اجعله اختطافًا (خالدًا) وخطفة (سعد) على النقابة (2-3)    الكوابيس القديمة تعود بثياب جديدة! كيف صاغ ترامب ولايته الثانية على أنقاض الديمقراطية الأمريكية    هجوم كشمير أشعل الوضع الهند وباكستان الدولتان النوويتان صراع يتجه نحو نقطة الغليان    الوجهان اللذان يقفان وراء النظام العالمى المتغير هل ترامب هو جورباتشوف الجديد!    رئيس وزراء أستراليا المنتخب: الشعب صوت لصالح الوحدة بدلا من الانقسام    واصفًا الإمارات ب"الدويلة" الراعية للفوضى والمرتزقة"…التلفزيون الجزائري : "عيال زايد" أدوات رخيصة بيد الصهيونية العالمية يسوّقون الخراب    بغير أن تُسيل دمًا    درس هوليوودي في الإدارة الكروية    تمثال ل«صلاح» في ليفربول!!    وجه رسالة قوية لنتنياهو.. القسام تنشر فيديو لأسير إسرائيلي يكشف تعرضه للقصف مرتين    رابطة الأندية تعلن عقوبات الجولة الثالثة من مرحلة حسم الدوري    عاجل.. الزمالك يرفض عقوبات رابطة الأندية    لجنة حكماء لإنقاذ مهنة الحكيم    من لايك على «فيسبوك» ل«قرار مصيرى».. ال SNA بصمة رقمية تنتهك خصوصيتنا «المكشوفة»    إحالة الفنانة رندا البحيري للمحاكمة بتهمة السب والتشهير ب طليقها    بسبب وجبة «لبن رايب».. إصابة جدة وأحفادها ال 3 بحالة تسمم في الأقصر    والدتها سلمته للشرطة.. ضبط مُسن تحرش بفتاة 9 سنوات من ذوي الهمم داخل قطار «أشمون - رمسيس»    روز اليوسف تنشر فصولًا من «دعاة عصر مبارك» ل«وائل لطفى» يوسف البدرى وزير الحسبة ! "الحلقة 3"    بعد ختام الدورة الحادية عشرة: مهرجان الإسكندرية للفيلم القصير.. وشعار «النضال من أجل الاستمرار»    سرقوا رائحة النعناع الطازج    أهرامات العالم!    عبدالناصر حين يصبح «تريند»!    في ظل فضائح وكوارث حكومة الانقلاب .. مجند يحاول الانتحار فى معبد فيله احتجاجا على طقوس عبادة الشمس    الرئيس السيسى ينتصر لعمال مصر    أول مايو يخلد ذكرى «ضحايا ساحة هيماركيت» عيد العمال احتفاء عالمى بنضال الشقيانين    أثارت الجدل.. فتاة ترفع الأذان من مسجد قلعة صلاح الدين    كلام ترامب    وزير الصحة يوقع مذكرة تفاهم مع نظريه السعودي للتعاون في عدد من المجالات الصحية الهامة لمواطني البلدين    تصاعد جديد ضد قانون المسئولية الطبية ..صيدليات الجيزة تطالب بعدم مساءلة الصيدلي في حالة صرف دواء بديل    الأهلي سيتعاقد مع جوميز ويعلن في هذا التوقيت.. نجم الزمالك السابق يكشف    إنتر ميلان يواصل مطاردة نابولي بالفوز على فيرونا بالكالتشيو    كامل الوزير: هجمة من المصانع الصينية والتركية على مصر.. وإنشاء مدينتين للنسيج في الفيوم والمنيا    حقيقة خروج المتهم في قضية ياسين من السجن بسبب حالته الصحية    الفريق كامل الوزير: فروع بلبن مفتوحة وشغالة بكل الدول العربية إحنا في مصر هنقفلها    كامل الوزير: البنية التحتية شرايين حياة الدولة.. والناس فهمت أهمية استثمار 2 تريليون جنيه    50 موسيقيًا يجتمعون في احتفالية اليوم العالمي للجاز على مسرح تياترو    كامل الوزير: 80% من مشروعات البنية التحتية انتهت.. والعالم كله ينظر لنا الآن    حزب الله يدين الاعتداء الإسرائيلي على سوريا    الشرطة الألمانية تلاحق مشاركي حفل زفاف رقصوا على الطريق السريع بتهمة تعطيل السير    الأوقاف تحذر من وهم أمان السجائر الإلكترونية: سُمّ مغلف بنكهة مانجا    " قلب سليم " ..شعر / منصور عياد    «إدمان السوشيال ميديا .. آفة العصر».. الأوقاف تصدر العدد السابع من مجلة وقاية    مصرع شخص وإصابة 6 في انقلاب سيارة على الطريق الصحراوي بأسوان    تمهيدا للرحيل.. نجم الأهلي يفاجئ الإدارة برسالة حاسمة    فحص 700 حالة ضمن قافلتين طبيتين بمركزي الدلنجات وأبو المطامير في البحيرة    الصحة: العقبة الأكبر لمنظومة التبرع بالأعضاء بعد الوفاة ضعف الوعي ونقص عدد المتبرعين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وحدة الأمة.. سر قوتها
نشر في مصر الجديدة يوم 07 - 06 - 2012


فضيلة المرشد العام لجماعة "الإخوان المسلمون"
رسالة من: أ. د. محمد بديع
المرشد العام للإخوان المسلمين
الحمد لله حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه، والصلاة والسلام على إمامنا وقدوتنا سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم، وبعد..
فما تمر به الأمة الآن من تحديات جسام تهدد مكتسباتها بل ومستقبلها ومستقبل أجيالها لعشرات السنين؛ يوجب علينا أن نتوقف لمراجعة أنفسنا جميعًا لتصحيح المسار ومواجهة هذه التحديات والانتصار لإرادة الشعوب وإعلاء قدرها وقيمتها.
تحديات كبرى
ولعل من أهم وأبرز تلك التحديات محاولة زبانية النظم الفاسدة السابقة العودة إلى مسرح الأحداث من جديد، منفقةً الملايين من مالها المكتسب بطرق يعرفها القاصي والداني، من تربُّح بطرق غير شرعية أو نهب منظَّم لمقدَّرات الشعب الكادحة.
إن محاولة البعض إعادة إنتاج النظم السابقة هو محاولة يائسة وحلاوة روح لمن يشعر أنه يدخل معركته الخاسرة الأخيرة، فيدفع بكل ما يملك ليحافظ على ما نهبه أو استولى عليه أو تربَّح منه، وهو يعلم أن الشعب بعمومه يرفضه تمامًا، ولكنه يقاوم ويبذل ليحافظ على وجوده ووجود الجوِّ الفاسد والموبوء الذي تربَّى فيه وترعرع؛ ولم يمارس غيره ولا يعرف حتى كيف يمارس غيره؛ ففي مثل هذه الأجواء يجد نفسه ويحقق مكاسبه.
وفات على هؤلاء أن الشعوب أوعى وأذكى من أن تُخدع أو تُشترى بعرض زائل، فقد عرفت الشعوب طريقها للحرية وذاقت حلاوتها واستردَّت كرامتها بعد عهود من الذل والهوان على يدهم ويد أسيادهم؛ قادة النظم المخلوعة السابقة.
ونحن إذ نرى تكاتف أهل الفساد والظلم والطغيان ومحاولتهم لمّ شملهم لاستعادة أدوارهم السابقة.. يجب علينا جميعًا كمواطنين شرفاء ثُرنا ضد الظلم والطغيان وارتقى منا شهداء أبرار وسالت دماء طاهرة أن نتوحَّد ونتكاتف ونتعاون لمواجهة هذه الطغمة الفاسدة ومجابهتها؛ حيث تحاول بكل قوة وشراسة إعادة استنساخ نُظم سقطت بإرادة الشعوب الحرة الأبية.
إن القضية الآن ليست قضية فصيل أو حزب أو جماعة أو نتيجة انتخابات، ولكنها قضية وطن ومستقبل أمة وأمل ثورة؛ فلن نستطيع مواجهة تلك التهديدات الحثيثة والمتواصلة من المنتفعين من النظم السابقة إلا بوحدتنا وتماسكنا وترابطنا، وليكن اعتصامنا بحبل الله ووحدتنا هو شعار المرحلة لنعبر ببلادنا وأمتنا نحو المستقبل المنشود (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنْ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ) (آل عمران: 103).
إن المرحلة الحالية التي تحياها أمتنا لا تحتاج الترف الفكري والسجالات العقيمة ولا إلى اجترار الماضي واستحضار أخطاء كل فصيل للتشفِّي والانتصار للرؤى الشخصية، ولكنها تحتاج للدراسة واستخراج العبر والدروس المستفادة والانطلاق نحو المستقبل بأطروحات عملية توحد ولا تفرق، تبني ولا تهدم، تشحذ الهمم ولا تثبط، تعلي الصالح العام لا المصالح الشخصية والحزبية الضيقة.. (وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُواْ إِنَّ اللّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ) (الأنفال).
إن مساحة التوافق بين كل القوى والتيارات السياسية والفكرية كبيرة وكبيرة جدًّا، ولا ينبغي في هذه اللحظات الفارقة من تاريخ أمتنا أن نترك المتفق عليه ونبحث عن المختلف فيه ونعظِّمه ونعطِّل به المسيرة.. لِنعِ جميعًا أننا أمام مخاطر حقيقية لسرقة ثورتنا وإضاعة مكتسباتنا وتهديد حقيقي لمستقبل أبنائنا؛ فإن لم نتوحد الآن فمتى نتوحد، وإن لم نتكاتف الآن فمتى إذن؟!
إن الثورة مهددة ومصر الحرة مهددة والذي يتهددها عدوٌّ للجميع ولا بد أن نتكاتف ضده فهو يريد سرقة كل سكان واتحاد ملاك مصر، بل وحرق المبنى بمن فيه، فهل نفيق وندرك الخطر.
فالفشل قرين التنازع، والتنازع يصنع الإخفاق، وتكاتف القوى الثورية واتحادها يقطع الطريق على أتباع النظم الفاسدة التي تترنَّح من استرداد قوتها مرةً أخرى أو محاولة الإجهاز على البقية الباقية في الثورة.
فالعلاقة الطبيعية بين من يحملون مسئولية نهضة الأمة هي المشاركة الجادَّة في بناء صرح جديد من التفاهم والتشاور والوفاق والتعاون، لا يعرف الشقاق أو الافتراق أو التخاصم، ومن ثمَّ فهو بعيد عن الفشل والوهن والاستكانة والضعف في كل المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والعلمية والثقافية والرياضية والفنية، وغيرها من مجالات نهضة الأمة.
الوحدة في الإسلام
لقد اهتمَّ الإسلام بالوحدة وجعلها من أهم مقاصده ومن أولى الأسس التي تقام عليها نهضات الأمم ورقيها وقيامها بدورها الرسالي، ونحن في أمسِّ الحاجة إليها الآن، لا سيما في واقعنا المعاصر؛ لانتشال الأمة من وهدتها، وإنقاذها من أزمتها، في محاولة للمِّ الشمل، ورأب الصدع، وإعادة الأمة إلى وحدتها وقوتها، ولقد ورد موضوع الوحدة كثيرًا في القرآن الكريم، سواء كان ذلك نصًّا بالاسم أم بالمعنى.
فقد شرع لها الإسلام ما يوجدها ويوجبها ويزكِّيها، وحدَّد لها ما يقويها، وبيَّن لها ما يتعهَّدها وينمِّيها، كما حرَّم كل شيء يأتي عليها أو ينقضها أو يوهنها أو يضعفها، أو يعمل على أن تتنكَّب الأمة صراط القوة، وطريق العزة، وسبيل الوحدة.
فقد أمرنا الله في القرآن أمرًا صريحًا أن نتحد، وكما يقول الأصوليون فالأمر يفيد الوجوب: (وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ)، كما نهانا عن الفرقة بوضوح وجلاء كما في قوله تعالى: (وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُواْ إِنَّ اللّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ) (الأنفال: 46)، وقال: (وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ تَفَرَّقُواْ وَاخْتَلَفُواْ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْبَيِّنَاتُ)، بل جعل القرآن الوحدة صنو الإيمان، والفرقة أخت الكفر في قوله تعالى (يَرُدُّوكُم بَعْدَ إيمَانِكُمْ كَافِرِينَ) قال المفسرون: بعد وحدتكم متفرقين.
من أسباب الخلاف
ولقد وردت في القرآن الكريم آيات عديدة توضح أسباب التنكُّب عن طريق الوحدة، والوقوع في براثن الفرقة والخلاف لنحذرها ونتجنبها، ومنها:
· نزغ الشيطان واتباعه.. (وَقُل لِّعِبَادِي يَقُولُواْ الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلإِنْسَانِ عَدُوًّا مُّبِينًا) (الإسراء: 53).
· الجدال بغير علم.. لأنه يبثُّ التعصب، ويزرع للكراهية والبغضاء.. (وَمِنَ النَّاسِ مَن يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا هُدًى وَلَا كِتَابٍ مُّنِيرٍ) (الحج: 8)، (وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً) (الإسراء: 36).
· التنازع والشقاق.. (وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ) (الأنفال: 46).
· إثارة الخصم.. لأنها تؤدي إلى الكبر والعناد، وتهدد المجتمع بأمراض اجتماعية خطيرة.. قال تعالى: (وَلاَ تَسُبُّواْ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللّهِ فَيَسُبُّواْ اللّهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ كَذَلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِم مَّرْجِعُهُمْ فَيُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ) (الأنعام: 108).
من أسباب الوحدة
لقد رسم لنا القرآن الكريم معالم الوحدة وبين الطريق إليها، بصورة واضحة وجلية؛ لتيسر الأمر لنا بحسن اتباعها والسير عليها، ومنها:
· طاعة الله ورسوله: (قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِن تَوَلَّوا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُم مَّا حُمِّلْتُمْ وَإِن تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ) (النور: 54)، ولا شك أن من معاني الهدايةِ: الهداية إلى طريق الوحدة والتمسك بها، وقال سبحانه: (إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَن يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) (النور: 51).
· التحاكم إلى القرآن والسنة: (فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً) (النساء: 59)، وقال: (وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِن شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبِّي عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ) (الشورى: 10)؛ لأن التحاكم إلى الحكم العدل يعصم من الديل وهو حكم الهوى، أو التحاكم إلى الموازين والأعراف الباطلة الظالمة؛ لذا كان تحذير رب العزة لنبيه داود الذي أعطاه الحكم والنبوة (يَا دَاوُودُ إنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الأَرْضِ فَاحْكُم بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ ولا تَتَّبِعِ الهَوَى فَيُضِلَّكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ إنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ) (ص: 26).
· الدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة: (ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ) (النحل: 125)، وقال: (يُؤتِي الْحِكْمَةَ مَن يَشَاءُ وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ الأَلْبَابِ) (البقرة: 269)، فمن الدعوة بالحكمة تقدير الأمور تقديرًا حسنًا، فيراعى فقه الأولويات، والموعظة الحسنة لترقيق القلوب، فالحكمة للعقل والموعظة للقلب، وهذا من شأنه أن يحقق الوحدة.
· التحدث بالأحسن وليس الحسن فقط.. فإن كان هناك خياران للكلام: حسن وأحسن، وجب على المسلم أن يتخير الأحسن ويترك الحسن، ولا يخفى ما في هذا من عمل على الوحدة ونبذ للفرقة، وإغلاق الأبواب في وجه الشيطان (وَقُل لِّعِبَادِي يَقُولُواْ الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلإِنْسَانِ عَدُوّاً مُّبِينًا) (الإسراء: 53).
· الجدال بالتي هي أحسن، خاصةً مع المخالفين، حتى في العقيدة (وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنزِلَ إِلَيْنَا وَأُنزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ) (العنكبوت: 46).
· التثبُّت والتحقُّق من الادِّعاءات والأخبار.. فعدم التبين يؤدي إلى اتهام الآخرين بغير حق؛ ما يؤدي إلى حالة من البلبلة والفتنة في المجتمع.. (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ) (الحجرات: 6).
· الإصلاح بين المختلفين والمتخاصمين.. لما فيه من تقوية نسيج المجتمع (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) (الحجرات: 10)،.
· الإعراض عن اللغو.. ففضول الكلام وكثرته تؤدي إلى الوقوع في الأخطاء الأخلاقية والاجتماعية.. (وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ لَا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ) (القصص: 55).
· العفو والترفع والإعراض عن الجاهلين.. (خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ) (الأعراف: 199)، وقال: (وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا) (الفرقان: 63).
· دفع السيئة بالتي هي أحسن في الفعل بعد اخترنا التي هي أحسن في القول: (ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَصِفُونَ) (المؤمنون: 96)، وقال: (وَلاَ تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ) (فصلت: 34).
هكذا رسم لنا الإسلام طريق تحصين المجتمع من الانشقاقات الداخلية، وبيَّن لنا أن أحد أهم عناصر بناء الجبهة الداخلية وحدتنا وتراصّنا واتباعنا للصالح العام والبعد عن كلِّ ما من شأنه أن يعكِّر صفو العلاقات الإنسانية بين أفراد المجتمع؛ فكيف لمجتمع متناحر متنابذ أن يبني مجده ويقيم نهضته ويرتقي بمستقبله.
تأبى العصيّ إذا اجتمعن تكسرا وإذا افترقن تكسرت أحادا
فلنتحمَّل جميعًا أفرادًا ومؤسساتٍ، هيئات وأحزابًا، مسلمين ومسيحيين، شبابًا وشيوخًا، مسئوليتنا التاريخية لبناء بلادنا ونهضتها والحفاظ على مكتسبات ثوراتنا، فالتاريخ لن يرحم المقصِّرين منا، وعدالة السماء بالمرصاد للقتلة والمفسدين، وإن هربوا من عدالة الأرض (ولا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ)
وصلِّ اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم..
والله أكبر ولله الحمد


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.