لا شك أن العولمة خلقت عالما مترابطا ولكنها لم تنجح في تقليل وتيرة العنف والنزعة العسكرية خاصة لدي الدول الكبري بل أنها ساعدت علي زيادتها واتساعها من خلال الشركات المتعددة الجنسية. يأخذنا الكتاب إلي صفقات الغرف الخلفية التي تخفي الشهية المهمة لألة الربح لدول أدمنت النزعة العسكرية لتصبح من أكبر مصاصي الدماء الاقتصادية في عصرنا الحالي! ففي القرن العشرين وحده اشتعلت نحو250 حرب ولقي نحو160 مليون شخص حتفهم بسبب تلك الحروب, ونتيجة لذلك أصبح يعيش نحو2 بليون شخص علي2 دولار في اليوم كما يتوفي شخص علي الاقل من جراء المجاعة كل3.6 دقائق كما يتوفي طفل من الملاريا كل30 ثانية كما تتوفي امرأة واحدة أثناء الولادة كل دقيقة! يدق كتاب( اقتصاديات القتل.. كيف أشعل الغرب الحروب والفقر في العالم النامي) للمؤلف فيجاي ميهتا ناقوس الخطر ويشرح مدي قوة النخبة العالمية في ظل العولمة وكيف ساعد ذلك علي استمرار حلقة مفرغة من العنف المميت حول العالم يفضح المؤلف في هذا العمل الرائد كيف تعرقل الدول الكبري بشكل روتيني محاولات التنمية السلمية من قبل الدول النامية. يشرح المؤلف كيف تأمرت الولاياتالمتحدةالامريكية وأوروبا مع الحكام المستبدين الاقليميين لمنع البلدان النامية من تطوير الصناعات المتقدمة, وكيف غذت هذه الانظمة الديكتاتورية الارهاب. المؤلف يؤكد ان نهاية الحرب الباردة لم تؤد إلي عالم ينعم بالسلام والرخاء, بل انها زادت من المخاطر العسكرية حيث تنافس الدول الكبري لشن الحروب من أجل الهيمنة وفرض الامبريالية والطبقية الغربية ضد شعوب العالم النامي. يشير المؤلف إلي ان حروب حلف شمال الاطنلطي( الناتو) ضد العراق وأفغانستان تكلفت نحو3 تريليونات دولار, ومن شان الحرب المحتملة ضد ايران التي يبلغ عدد سكانها70 مليون نسمة أن تتكلف نفس المبلغ السابق. يشرح المؤلف باقتدار أسباب الازمة المالية العالمية واتساع الفجوة بين سكان الشمال والجنوب وبين الاغنياء والفقراء في جميع أنحاء العالم. يعرض الكتاب للثروة والاستقرار في دول قليلة وهي دول العالم المتقدم بالطبع والاضطرابات والعنف والفقر في معظم الدول وهي دول العالم النامي التي تتعرض بشكل منظم لاستنزاف الدول الكبري من خلال الحروب. يشير المؤلف إلي ان الاقتصاد الصيني اخرج نحو600 مليون شخص من دائرة الفقر خلال30 عاما, ويرجع المؤلف نجاح الصين في ذلك إلي ان حكومتها تعمل من أجل مصلحة البلاد وليس من أجل مصلحة الغرب. هذا التحليل يمكن ان يفيد في معرفة لماذا تقدر واشنطن علي بعض الديكتاتوريين, بينما لا تقدر علي أخرين مهما كان سجل حقوق الانسان لديها غير لائق بالنسبة للغرب الذي ينتهك حقوق في غزواته المتكررة للدول العربية والاسلامية! ويري المؤلف أن نفس الامر ينطبق علي السعودية ودول الخليج. يوضح المؤلف ان الدول التي تقع في مناطق الاضطرابات تتضور جوعا وتفتقر إلي التعليم حتي علماؤها ومثقفوها يفرون إلي الغرب ومن ثم تفر الاستثمارات ايضا من تلك الدول. ففي عصر العولمة ظهرت الشركات المتعددة الجنسيات الغربية التي تعمل في تجارة السلاح والتي تستطيع الترويج لاقتصاد السلاح والحروب في الدول النامية. يقول المؤلف أن الأمن البشري لن يوجد الا من خلال استراتيجية لنزع السلاح ووضع اطار قانوني دولي لذلك يشدد المؤلف علي ان حكومات وبرلمانات العالم ينبغي ان تتبني سياسات وتشريعات لاحداث التوازن في التجارة العالمية لاحلال السلام ودرء الحروب. ويتساءل المؤلف لماذا تبيع واشنطن الاسلحة لاعدائها؟ وأين تعلم العراقيون زرع القنابل علي جوانب الطرق؟ وهي أسئلة تفضح الممارسات الغربية لاستمرار العنف في الدول النامية حتي تظل سوقا متسعة لاسلحتها حتي بعد انسحابها من تلك الدول! في مقدمة الكتاب علقت شخصيات دولية بارزة علي اهميته, حيث قال فريد ريكو مايور المدير العام السابق لليونسكو أن كل يوم يضاف4 بليونات دولار الي ميزانيات الدفاع العسكرية بينما يتوفي نحو70 ألف شخص من الجوع. وتعلق ميريد ماغواير الناشطة الايرلندية الخاصلة علي جائزة نوبل للسلام قائلة: نحن نعيش في عالم غني ومع ذلك يقع المزيد من الناس يوميا في مصيدة الفقر,ويواجهون صعوبات حقيقية ونحن نعلم كيف يمكن حل تلك المشاكل وذلك من خلال حشد الموارد البشرية والمالية لمواجهة اعداء حقيقيين للانسانية وهي الفقر والبطالة والمشكلات البيئية, ولذا يحاول الكتاب وضع حلول حقيقية لما يواجهه العالم من مشكلات. وقال ريتشارد فولك مقرر الاممالمتحدة المعني بحقوق الانسان في الاراضي الفلسطينية: ان اقتصاديات القتل يربط ببراعة بين تفاقم الازمة الاقتصادية التي تواجه الغرب مع الديناميات العسكرية التي تعيث في الارض فسادا ويري أرون غاندي حفيد الزعيم الهندي الراحل المهاتما غاندي ان هذا الكتاب يجب ان يقرأه جميع طالبي السلام في العالم لانه يسلط الضوء في الوقت المناسب علي الدور الذي تلعبه الحكومات الغربية في ادامة الصراع في جميع أنحاء العالم من أجل الترويج لاسلحتها. ويقول توني ابن النائب البريطاني السابق ورئيس تحالف اوقفوا الحرب في لندن أن هذا الكتاب يعد غاية في الاهمية خاصة ان العالم مقبل علي مرحلة جديدة, فمع ارتفاع عدد السكان لن يكون لدينا مايكفي من الماء والغذاء والنفط للبقاء علي قيد الحياة, ولذا فمن الاحري أن نتعاون لمواجهة مشكلاتنا ونقدم حلولا للمجاعة ونوقف ألة الحرب والانفاق العسكري الجنوني, ويري دينيس هاليداي الامين العام المساعد للامم المتحدة من(1994 1198) والمنسق السابق للبرنامج الانساني للأمم المتحدة في العراق أن قرءاة هذا الكتاب تعد ضرورة بالنسبة للشباب في الشمال والجنوب علي حد سواء, فيجب ان يطالب الجميع بتغيير جذري في ادارة الموارد العالمية والاستجابة لاحتياجات الانسان العالمي في الرفاهية حيث يعرض الكتاب للدور المفسد للدول الخمس التي تمتلك حق الفيتو في مجلس الامن ودورها المستمر في دعم الفقر في العالم النامي. ويصيف هاليداي نأمل أن تتغير صورة الانسان الشمالي المستمرة منذ عقود بأنه نموذج للاستغلال الوحشي والاستخدام الصارخ للحروب ليتحول الي انسان يدعم الرفاهية الاجتماعية والاقتصادية وتكافؤ الفرص في جميع دول العالم! ومع كل هذا يري مؤلف الكتاب أنه من الممكن ايجاد عالم مختلف علي اساس سياسات نزع السلاح والتنمية المستدامة. ولتحقيق ذلك يدعو المؤلف القوي الغربية لاعادة هيكلة اقتصاداتها بعيدا عن الاعتماد علي المجمع الصناعي العسكري واقتصاديات الحروب حتي يصبح القرن الحادي والعشرين عصر القوة الناعمة من أجل مستقبل أكثر سلاما ورفاهة لجميع دول العالم.