يتخذ هذا الاقتراح من دستور1971 اساسا ويري الاحتفاظ بباب سيادة القانون كما هي خاصة نص المادة(68) التي توجب اللجوء للقاضي الطبيعي. المادة(165) من دستور71 كما هي وتضاف إليها العبارة الآتية: وتكون لها موازنة سنوية مستقلة لاتقل عن نسبة% من الموازنة العامة للدولة وتدرج فيها رقما واحدا. المادة(166) كما هي. المادة(167) يحدد القانون المحاكم بدلا عن الهيئات القضائية واختصاصاتها وينظم طريقة تشكيلها ويبين شروط وإجراءات تعيين اعضائها ويعمل علي توحيد جهات القضاء وتوحيد إجراءات رفع الدعوي ونظرها لو تعددت. م123من مشروع1954 قانون نظام القضاء الكويتي. المادة(168) القضاة الطبيعيون غير قابلين للعزل, ويتقاعدون ببلوغ سن... سنة وينظم القانون مساءلتهم تأديبيا, ويضع القواعد التي تضمن حسن اختيارهم وتكفل المساواة بين المرشحين, وينظم تدريبهم ويوجب عليهم التخصص, علي ان يكونوا جميعا في سجل اقدمية واحد حتي لو تعددت الجهات القضائية التي يعملون بها, او تنوعت تخصصاتهم, ولايصح ان يقرر لاحدهم اي مزايا مالية أو عينية ولايجوز ندبهم لغير الأعمال القضائية أو الوظائف المنصوص عليها في قانون, ولايجوز ان يترتب علي ندب القاضي في احدي الوظائف زيادة مخصصاته المالية عن قرينه بالجلسات, ولا يجوز تعيينه في اي منصب سياسي أو تنفيذي قبل مضي.. سنة من تركه الخدمة بالقضاء. المادة(169) كما هي. اعتبارا من170 فأقترح حذفه وترك الأمر لينظمه القانون تفاديا للمشاكل والحساسيات بما في ذلك المحكمة الدستورية علما بأن كل هذه الهيئات نشأت في ظل دستور1923 ومابعده ولم يرد في اي منها ذكر لشيء مما ورد في هذه النصوص. اقترح مجاملة القضاء العسكري, ان تضاف المادة التالية تحت رقم170: ينظم القانون القضاء العسكري ليختص بالجرائم التي يرتكبها العسكريون والعاملون بالقوات المسلحة اخلالا بمقتضيات عملهم, وكذلك التي يرتكبها غيرهم متي شكلت اعتداء علي الاسرار والممتلكات والمنشآت العسكرية ويطعن علي أحكامه طبقا للقواعد العامة المقررة للطعن علي الاحكام الجنائية. المقصود من هذه الاقتراحات معالجة اثار تدخل السلطة لتمييز بعض القضاة علي بعض لتؤثر بذلك علي احكامهم, ولم نر محلا لذكر الهيئات القضائية أو المؤسسات القضائية في الدستور فأصل القضاء وهو المحاكم الأهلية ومحاكم الاستئناف ومحكمة النقض ومجلس القضاء الأعلي لم يرد له ذكر وحرص دستور1971 علي ان يذكر كل ماهو استثناء لتثبيته. ولقد شهدنا نزاعا حقيقيا علي الاختصاصات وتكرارا مملا للتحقيق بين الادارات القانونية والنيابة الادارية ثم النيابة العامة, وكذلك بين تمثيل الحكومة في العقود والفقات وابداء الفتوي في الدواوين بين هيئة قضايا الدولة ومجلس الدولة ولا احسب ان وقت اللجنة التأسيسية يتسع للاقتراب من هذه المشكلات واعني ان نسقط من الدستور ذكرها وعلي العموم فملحق التجربة التي أوحت لي بهذه المقترحات قد تصلح مذكرة ايضاحية لمن اراد الاطلاع. بسم الله الرحمن الرحيم عن مؤتمر العدالة الأول القاضي الطبيعي ووحدة القضاء حين صدر القانون462 لسنة1955 بإلغاء المحاكم الشرعية اراد المشرع ان يبشر المصريين بان هذا القانون ماهو إلا خطوة في سبيل تحقق وحدة القضاء فقال في مذكرته الايضاحية ان سيادة الدولة لاتكتمل إلا إذا خضع سكانها لجهة قضائية واحدة بصرف النظر عن نوع المسائل التي تتناولها خصوماتهم او القوانين التي تطبق عليها فجهات القضاء لاينبغي ان تتعدد بتعدد التشريعات, فكمال نظام الدولة يقتضي وحدة الجهة القضائية وان طبقت تشريعات متعددة, كما اقتضي وجود سلطة تشريعية واحدة تقوم علي سن التشريعات وحكومة واحدة تقوم علي تنفيذها. كان هذا ما استقر عليه رأي المصريين وما سجله نوبار باشا في تقريره المرفوع إلي الخديو اسماعيل سنة1867 واصفا حال مصر إذ تمزقت سلطة الفصل في الخصومات بين جهات متعددة وكان أمله هو انشاء قضاء موحد يختص بالفصل في كل الخصومات بين المصريين أو الأجانب ايا كان نوع المنازعة مدنية أو جنائية أو شرعية, لو اقتضي الأمر الاستعانة بقضاة اجانب ولكن لم يتحقق حلمه واقتصر الأمر علي مجرد انشاء المحاكم المختلطة سنة1875 لتختص فقط بقضايا الاجانب لتحقق لهم دون المصريين وحدة الإجراءات ومنع التنازع والتعارض, واستقرار تنفيذ الأحكام. أما بخصوص المصريين فقد وقف الأمر عند انشاء المحاكم الأهلية لعلها تسير علي درب المحاكم المختلطة ولكن بقيت مسائل الاحوال الشخصية موزعة بين المحاكم الشرعية والمجالس الملية والمجالس الحسبية ومحاكم خاصة ينشئها المحتل او الحكومة استنادا لقانون الاحكام العرفية, وبقي حلم توحيد جهات القضاء يراود المصريين فلم يرد في دستور1923 ذكر لأي من جهات القضاء فاكتفي بالنص في المادة124 علي ان القضاة مستقلون وفي المادة125 علي ان ترتيب جهات القضاء وتحديد اختصاصها يكون بقانون فلما قامت ثورة1952 وكلفت لجنة بوضع مشروع دستور1954 نصت المادة123 فيه علي ان توحد جميع جهات القضاء علي النحو الذي يقرره القانون. الظالم من ينكر فضل القضاء المختلط علي القضاء المصري, فهو الذي علمنا اصول العمل القضائي ومبادئ استقلال القضاء واسس رقابة دستورية القوانين واحكام القانون الاداري ولقد تابع القضاء الأهلي مسيرة القضاء المختلط فراقب دستورية القوانين في حكم محكمة استئناف القاهرة بهيئة نقض في الحكم الصادر في1926/1/4 المنشور بالمجموعة الرسمية لاحكام المحاكم س27 ص96 حكم محكمة النقض والابرام بتاريخ1930/12/4 المنشور بمجموعة عمر ج2 ص139 وحكم محكمة القاهرة الابتدائية في1941/5/1 المنشور بمجلة المحاماة عدد ابريل ومايو سنة1942 ص735 وهو الحكم الذي سار علي دربه حكم محكمة القضاء الاداري الشهير الصادر بتاريخ1948/2/10 والقضاء الأهلي من خلال اختصاصه بقضاء التعويض عن اعمال الإدارة هو الذي عرف القرار الإداري وبين اركانه وهو الذي ميز بين العقد الاداري والعقد الذي تحكمه قواعد القانون الخاص ومع ذلك ترددالمصريون بين إسناد ولاية إلغاء القرار الاداري إلي المحاكم وإنشاء قضاء خاص أسوة بالمتبع في فرنسا مصدرنا الرئيسي في النظم القانونية والقضائية. وقد نشأت فكرة الفصل بين القضاء الاداري والقضاء العادي من فهم خاص للفرنسيين لمبدأ الفصل بين السلطات سجله القانون الصادر بتاريخ16 أغسطس سنة1790 الذي نص في المادة13 منه علي أن الوظيفة القضائية مستقلة وستظل دائما منفصلة عن الوظيفة الادارية, ولا يمكن لقضاة بأي وجه من الوجوه أن يقوموا بعرقلة الأعمال الادارية أو أن يقوموا باستدعاء رجال الادارة للمثول أمامهم لسبب يتعلق بأداء وظائفهم الادارية وهكذا لم يكن هناك سبيل أمام الأفراد إذا ما تضرروا من قرار إداري إلا التظلم للوزير المختص فعرف ما يسمي بنظام الوزير القاضي, ثم أنشأ نابليون مجلس الدولة ليقدم للوزير الفتاوي وبفحص الشكاوي وبعرضها علي الوزير المختص, ثم بدأ تفويض هؤلاء المستشارين في الفصل في الخصومات القليلة الأهمية ثم تطور الأمر إلي الخصومات المحددة وهذا هو ما استلهمته مصر في قانون مجلس الدولة112 لسنة1946 اسوة بعدد من الدول التي خضعت لنفوذ فرنسا. لكن معظم دول العالم مالت إلي إخضاع الادارة للقضاء الموحد وبنت قرارها هذا علي أسباب منها أولا: أن هذا أقرب إلي احترام مبدأ المشروعية, إذ تتساوي الدولة أو الادارة مع الأفراد. ثانيا: أن هذا أيسر علي المتقاضين لأنه يكفل اللجوء إلي المحاكم العامة المنتشرة في البلاد. ثالثا: أن هذا من شأنه أن يؤدي إلي وحدة إجراءات رفع الدعوي والطعن علي أحكامها والقواعد الحاكمة له. رابعا: أن هذا يمنع التنازع بين جهات القضاء المختلطة ويعزز مكانة السلطة القضائية في مواجهة السلطتين الأخريين. خامسا: وهو الأهم ويمنع السلطة من التمييز بين القضاة. ولذلك أجمعت كلمة روادنا الأوائل علي ضرورة العمل علي توحيد القضاء والاجراءات التي تتبع أمامها مع أهمية احترام التخصص والحرص عليه بل والسعي إلي خلق تجانس بين كل المشتغلين بالقانون وشئون العدالة وكان مما نقلوه إلينا أن هذه هي وصية السنهوري مؤسس مجلس الدولة وصانع مجده فقد حرص علي أن ينص في المادة124 من مشروع دستور1954 الذي رأس لجنته علي أن توحد جميع جهات القضاء علي النحو الذي يقرره القانون كما سجل رأيه في المذكرة الإيضاحية للمرسوم الأميري19 لسنة1959 بتنظيم القضاء في الكويت فقال ما نصه أن من أهم مقومات النظام القضائي أن تتوحد جهات القضاء وأن يكون هذا القضاء الموحد منظما علي وجه تتبين معه وضوح أن يكون هذا القضاء الموحد منظما علي وجه تتبين معه في وضوح معالم المحكمة علي اختلاف درجاتها ودوائرها وأن يعرف المتقاضون التشريعات التي تطبقها المحكمة والاجراءات التي تتبعها في نظر القضايا التي تعرض عليها. معظم الناس يجهلون أن التنظيم السري للقضاة كان يخضع للإشراف المباشر للرئيس أنور السادات وقت أن كان نائبا لرئيس الجمهورية ولقد دلت أوراق التنظيم السري للقضاة علي ذلك فقد كان كل ما يشغل الدولة هو تمرد القضاء العادي والنيابة العامة علي الخضوع لتوجيهاتها في الوقت الذي كانت قد سيطرت علي مجلس الدولة وألحقته بوزارة العدل مع النيابة الإدارية, وقضايا الحكومة وتمت السيطرة علي نقابة المحامين باشتراط أن تكون عضوية الاتحاد الاشتراكي شرطا لترشيح مجلس النقابة والسماح بقيد حملة ليسانس الحقوق في المؤسسات وشركات القطاع العام في نقابة المحامين وتحمل جهات عملهم الرسوم, ووعدهم بالتعيين في القضاء لعلهم يكونون أساس قيادة وكيف لا وقانون النقابة ينص علي أن هدفها هو تعبئة قوي اعضاء النقابة وتنظيم جهودهم لتطوير الفكر القانوني وخدمة التحول الاشتراكي ورغم أن فلسفة الحكم كانت تقوم علي إيجاد الخلافات في داخل كل جماعة وتجزئة كل مؤسسة إلي فئات إلا أنها لم تغفل عن أن يجمع هذه الجماعات المتناحرة في النهاية مقود تمسك هي بزمامه فليجتمع القضاء وغيرهم في الاتحاد الاشتراكي في مظلة أمانة اتحاد القوانين ولتكن هناك محكمة عليا تعلو فوق كل المحاكم هي ليست من السلطة القضائية بل فوقها تراقب دستورية القوانين وتصدر تفسيرات ملزمة للمحاكم وتفض التنازع بل كلفت بمراجعة الأحكام ينفرد الحاكم باختيار أعضائها ورئيسها بغير قيد ولقد اختار الرئيس السادات تشكيلها الأول من أعضاء التنظيم السري ولابد من إصدار قانون المجلس الأعلي للهيئات القضائية فلا تستقل أي هيئة بادارة شئونها ولكنها جميعا آحاد تحت رئاسة رئيس الجمهورية أو وزير العدل أو رئيس المحكمة العليا هذه, وكل ذلك بقصد إحكام السيطرة علي القضاء والقضاة وهو ما كشفت عنه صراحة المذكرات الإيضاحية لقوانين المذبحة, فتقول المذكرة لقرار رئيس الجمهورية بالقانون82 لسنة1969 بشأن المجلس الأعلي للهيئات القضائية, تدعو ضرورات الاصلاح القضائي إلي اعادة تنظيم الاجهزة العليا في الهيئات القضائية سواء بالنسبة للعمل القضائي أو بالنسبة لادارة شئون الهيئات القضائية, فبالنسبة للعمل القضائي كان الاتجاه لإنشاء المحكمة العليا لتعمل علي كفالة تطبيق موحد للقانون بالنسبة للكافة بما يتفق مع أهداف الشعب وآماله التي رسمتها مبادئ الميثاق وأحكام الدستور, وبالنسبة لادارة شئون الهيئات القضائية فقد استقر الرأي علي إنشاء المجلس الأعلي للهيئات القضائية ليتولي الإشراف علي جميع الهيئات القضائية والتنسيق بينها بدلا من العديد من المجالس والتشكيلات التي تتولي هذه المهام. رغم حلم المصريين بوحدة جهات القضاء, ووعد المشرع بمناسبة إلغاء القضاء المختلط وإلغاء المحاكم الشرعية أن يحقق وحدة القضاء إلا أن أوراق التنظيم السري وغيره والواقع العملي يقطع بأن إرادة السلطة التنفيذية كانت تتجه دوما إلي تفتيت القضاء وليس مجرد تجزئته وتمييع مدلول مصطلح القاضي الطبيعي وكل ذلك بقصد احتواء السلطة القضائية وإخضاعها وهكذا تفتت جهات القضاء في مصر محاكم للحراسات وللشعب والثورة والغدر والقيم والأحزاب ومحاكم اقتصادية ومحاكم للأسرة ومحاكم لأمن الدولة وأخري للطواريء وثالثة لجرائم الإرهاب وكل بتشكيل وإجراءات وكل يختلف بحسب القانون الذي يطبقه وكل له مقياسه الخاص به للفعل الواحد حتي إن المستشار طارق البشري يبين في حكمه المشهور أن بوسع السلطة التنفيذية أن تحيل المتهم بارتكاب الفعل الواحد إلي ست محاكم جنايات. ولما صدر دستور1971 صدر متأثرا بفكر هذا التنظيم وفلسفته فنص المادة170 علي أن يسهم الشعب في إقامة العدالة وفي171 علي محاكم أمن الدولة, و172 علي مجلس الدولة وفي173 علي مجلس الهيئات القضائية ليجعل لها ممثلا خاصا ونص علي المدعي العام الاشتراكي وعلي القضاء العسكري فباتت تجزئة جهات القضاء جزءا من البناء الدستوري رغم أنها أنشئت في وقت سابق علي صدوره ولم يرد لها ذكر في الدساتير السابقة. وفي مؤتمر العدالة الأول اجتمعت كوكبة من أساطين الفكر القانوني يندر أن تجتمع في زمان ومكان واحد ليحثوا علي السعي لتوحيد جهات القضاء بل التنسيق مع كل الجهات المعنية بالقانون وشئون العدالة وتعلمنا منهم أن الفضل يرجع إلي القضاء في نهضة المحاماة التي ردت الدين للقضاة بعد ذلك أضعافا مضاعفة وأن كلية الحقوق كانت تابعة لوزارة العدل حتي سنة1923 وأن أصل المشكلة هو الاستبداد الذي يحول القانون ذاته والمحاكم إلي أدوات في السيطرة علي الشعوب بدلا من أن تكون ضمانا لحقوق الأفراد وحرياتهم ومن هنا يسعي إلي توزيع سلطة القضاء بين جهات متعددة يميز العاملين في هذه الجهة علي غيرها أو يظهر المودة للبعض دون البعض أو يخلق تنازعا في الاختصاصات وتتعدد المقاييس والمكاييل أو ينفرد بحهة كما حدث في مجلس الدولة حين سيطر عليه طوال المدة من1955 حتي استعاد حريته بعد سنة1972 بل إن فكرة ثنائية القضاء في فرنسا هي وليدة الفكر الإمبراطوري لنابليون. وفي أثناء الإعداد لمؤتمر العدالة وعبر جلساته حاولت أمانة المؤتمر أن تطرح للمداولة حلم توحيد القضاء وتوحيد إجراءات اللجوء إليه أو حتي إيجاد تقارب بين المؤسسات المشتغلة بشئون العدالة فاكتشفنا أن توحيد جهات القضاء أصعب من توحيد الدول العربية فقد أدت التجزئة إلي خلق عروش ورئاسات تقاوم فكرة التوحيد كما نشأت امتيازات من حيث الترقية والمرتبات والانتدابات كما نشأت حساسيات وحزازات وتفاوت في الرؤي بين الشباب والشيوخ شباب النيابة الإدارية يرغبون في الاندماج في النيابة العامة وشيوخها يطالبون بأن يختصوا بالفصل في الدعوي التأديبية خصما من مجلس الدولة. وقضايا الحكومة تري أن تكون المطالبة باسترداد اختصاصهم بالفتوي والتشريع وتمثيل الدولة في العقود والمناقصات وتحويلهم إلي قضاء وأعضاء النيابة المدنية ثم جاء إلي أمانة المؤتمر ممثلون عن الإدارات القانونية في الحكومة وفي شركات القطاع يشكون الظلم الواقع بهم فهم أولي بعمل قضايا الحكومة والنيابة الإدارية واكتشفنا في النهاية أن مجرد محاولة التعرف علي آثار ما أصاب القضاء من جراء تجزئته سيستغرق وقتا وجهدا يبعدنا عن هدف المؤتمر الرئيسي وهو حل مشكلات العدالة بما يحقق للمواطنين حماية حقوقهم وحرياتهم بغير عنت وانتهينا إلي مجرد التنبيه إلي المشكلة مع محاولة وضع علاج لفتيت المحاكم علي حقوق المواطنين فالقضاء العسكري يختص بدعاوي المرتبات والأجور حتي لو كان النزاع إداريا لأن الدستور في نص في المادة183 منه علي أن( ينظم القانون القضاء العسكري ويبين اختصاصاته في حدود المبادئ الواردة بالدستور) فقصر هذا الاختصاص علي القضايا الجنائية تخصيص بغير مخصص, وحتي لو كان القضاة غير مجازين في الحقوق, وحتي لو كان أعضاء المحكمة لا يتمتعون بالحيدة والاستقلال ذلك أن المقصود بالقاضي الطبيعي المنصوص عليه في المادة68 من الدستور هو القاضي الذي يحدده المشرع أيا كانت مواصفاته, وقد أطلق الدستور في المادة167 سلطة تحديد الهيئات القضائية فلا بأس أن تشكل محاكم أمن الدولة أو محاكم القيم علي النحو الذي يريد... وأن يسند إليها الاختصاص ببعض الدعاوي المدنية والإدارية( أحكام الدستورية1/2/1992 ق3 س8, العليا7/2/1976 ق4 س4, والدستورية21/6/1986 ق40,39 س5 وغيرها) ولأن الأولوية دائما كانت حل مشكلات المواطنين بتسيير سبل حصولهم علي العدل اكتفينا بأن نشير إلي المشكلة التي عجزنا عن حلها وأصدرنا التوصية الآتية. توحيد جهات القضاء, وفق سياسة تشريعية سليمة باعتباره النتيجة الحتمية التي يفرضها مبدأ القضاء الطبيعي ومناط ذلك المبدأ أمران أولهما أن يكون القضاء محددا وفق قواعد قانونية مجردة في وقت سابق علي نشوء الدعوي, بما مؤداه أن يعد قضاء استثنائيا, كل قضاء ينشأ في وقت لاحق علي نشوء النزاع أو ارتكاب الجريمة, لكي ينظر في دعوي أو دعاوي معينة بالذات, وثانيهما أن تتوافر فيه الضمانات الدستورية والقانونية وفي مقدمتها قضاة إخصائيون في العمل القضائي ومتفرغون له, متوافرة فيهم شروط الاستقلال وعدم القابلية للعزل, متحققة لهم مقتضيات الحيدة والموضوعية باعتبارهم حماة الحقوق والحريات. وبمناسبة وضع الدستور سئلت فرددت ما حدث في مؤتمر العدالة الأول, ونصحت من حدثني أن يتجنب واضعو الدستور ذكر اسم للجهات أو الهيئات القضائية حتي لا يفرضوا علي المؤسسة القضائية أن تكون مجزأة وفي نفس الوقت ألا يحاولوا دمجها فيسبب هذا خلافات لا أول لها ولا آخر وأن نترك الأمر لحوار مستقل يأتي بعد الدستور وانطلاقا من هذه الرؤية كانت تلك الشهادة وهذه المقترحات أمانة تؤدي.