ظهرت47 منطقة عشوائية بمدن محافظة الغربية الثماني خلال السنوات47 الماضية مما جعلها عبارة عن قنبلة موقوتة تقترب من الانفجار, وهي مناطق محرومة من المرافق والخدمات الأساسية, بها أناس لا يعرفون الحياة الآدمية حيث ينتشر بين سكانها, الفقر والبطالة والانحراف والجريمة والإدمان, وغيرها من المشكلات التي أصبحت خصائص عامة مميزة لهذه المناطق التي جعلها تفرز العديد من المشكلات التي تؤرق المجتمع, وتؤثر سلبيا علي أمنه واستقراره, بل أصبحت بؤرا لتكاثر المجرمين والخارجين علي القانون, خاصة أن هذه المناطق يعيش فيها نحو مليون و500 ألف نسمة, وعلي الرغم من أنهم موضع اتهام دائما إلا أنهم ضحايا الواقع الأليم والفساد الذي تفشي واستفحل نتيجة انعدام الضمائر وتجاهل الدولة لهم. ووفقا لتقرير الجهاز المركزي والإحصاء الصادر عام2006 ومركز معلومات المحافظة, يوجد بمدينة طنطا9 مناطق عشوائية بها227 ألفا و453 نسمة, وفي المحلة الكبري8 مناطق يعيش فيها359 ألف نسمة, وفي مدينة كفر الزيات3 مناطق بها1293 نسمة, بالإضافة إلي سمنود التي يوجد بها3 مناطق أيضا يعيش فيها16 ألفا و675 نسمة, وبسيون4 مناطق بها8520 نسمة, كما يوجد بمدينة قطور منطقتان عشوائيتان يعيش بهما3468 نسمة, وفي السنطة منطقة واحدة بها3060 نسمة بإجمالي47 منطقة عشوائية علي مستوي المحافظة يعيش فيها693 ألفا و557نسمة. وبالرغم من أن التقرير يشير إلي أنه تم تطوير19 منطقة عشوائية من ال47 منطقة, خلال السنوات العشر الماضية, فإن الواقع يؤكد أن هذا التطوير الذي رصده التقرير يظل حبرا علي ورق, حيث مازالت هذه المناطق تعج بالعشوائية والمشكلات المترتبة عليها, ففي مدينة طنطا( العاصمة) مناطق مثل ندلية, والسلخانة, وتل الحدادين, والكفور القبلية, وكذلك في مدينة المحلة الكبري, مثل مناطق سوق الجمعة, وسوق اللبن, وأبو دراع, والرجبي, ومحلة البرج وصندفا, والششتاوي, والجمهورية, ومحيي سعد المجاورة لشركة مصر للغزل والنسيج, مما يجعل هذه المناطق وغيرها تشكل خطرا داهما علي استقرار المدينة العمالية, وتحديدا منطقة سوق الجمعة بمدينة المحلة الكبري, أو كما يطلق عليهم سكان قبور حسن البدوي فقد أجبرتهم الظروف والفقر علي الاقامة داخل هذه العشش منذ30 عاما علي امتداد المقابر وعلي جثث الموتي بعد أن إستخدموا في بنائها كل شيء متهالك من أوراق الكارتون وعلب الصفيح لتجلب لهم في النهاية كل ألم وعذاب. وفي جولة الأهرام المسائي داخل هذه المساكن رصدنا افتقادها لأي عامل من عوامل الآدمية والعيش وعند مقابلتنا لسكان العشش أجمعوا علي مطلب واحد وهو عيشة كريمة وستر أبنائهم وعوراتهم فقط, مؤكدين أنهم ومن معهم من نساء وفتيات يقضون حوائجهم في الخلاء, في وقت انفقت فيه المدينة الكثير من الاموال علي الأرصفة فقط وقالوا انهم تلقوا مؤخرا إنذارا بهدم عششهم وذلك استمرارا لعملية تجميل المدينة وإزالة العشوائيات بها, لافتين إلي أنهم ليسوا رافضين لذلك ولكن تساءلوا: أين البديل؟ موضحين أن المسئولين بالمحافظة أكدوا لهم أن الحكومة ستوفر لهم البديل ولكن عليهم أولا سرعة سداد ألف جنيه مقابل ملء استمارة البيانات والانتظار حتي نتيجة القرعة. وقالت واضحة سالم من سكان العشش إن زوجها توفي وترك لها7 أطفال لتربيتهم وسط تلك الصعوبات وأضافت: أتجرع مع أبنائي مرارة العيش ومعاناة الفقر التي لم ترحمنا, وأحلم بأن يصبح بيتي يفي بأدني متطلبات الحياة والعيشة الكريمة. وأوضح رضا فاروق من سكان المنطقة أن الاسر تسكن في العراء فوضعهم المأساوي لا يستجدي اهتمام المسئولين. ومن جانبه اكد المستشار محمد عبد القادر محافظ الغربية أنه عقد اتفاقية للتعاون مع صندوق تطوير العشوائيات بالقاهرة حيث تم وضع خطة شاملة لتنفيذ مشروع تطوير منطقة كندلية بمنطقة طنطا ونقلها نقلة حضارية متميزة بتكلفة50 مليون جنيه وذلك في إطار تطوير المناطق العشوائية علي مستوي الجمهورية بعد أن قام صندوق تطوير العشوائيات بتحديد معايير تصنيف المناطق إلي مناطق غير أمنة وغير مخططة بما يتفق مع المعاهدات العالمية. وشدد المحافظ علي أن سياسات التطوير تضمن جميع حقوق السكان وتراعي ظروفهم المعيشية وبصفة خاصة توفير فرص العمل كما انه جرت اكثر من محاولة من قبل الدولة لتطوير بعض هذه المناطق, إلا أنها قوبلت برفض سكان بعض المناطق لهذا التطوير الذي لا يوفر لأهلها من العربجية مكانا آمنا( حظائر) لمبيت دوابهم من الأحصنة, وكذلك عربات الكارو التي يعيشون منها, بالإضافة إلي قيام عدد من قاطني هذه المناطق بتحديث أو إحلال وتجديد بيوتهم والارتفاع ببنائها إلي5 أو6 أدوار, الأمر الذي يستتبع تعويضا عادلا, لا يتمثل بالتأكيد في وحدة سكنية ستوفرها لهم المحافظة, حيث إن التكلفة الفعلية تتجاوز مئات الآلاف من الجنيهات, ومن ثم فإن أصحاب هذه البيوت لن يتركوها من أجل بضع مئات من الجنيهات! وخاصة بعدما انتشرت اعمال البلطجة والسرقة والنهب في مناطق السكن بينما أكدت منال شاهين مديرة عام وحدة متابعة مشروعات تطوير المناطق العشوائية بالقاهرة أنه تم اختيار الغربية ضمن14 محافظة, لتدشين برنامج تطوير الأحياء العشوائية وتوفير المرافق والخدمات في الأماكن المحرومة, والتي تمثل قنبلة موقوتة في وجه المجتمع وتفرز الكثير من الشواهد الإجرامية والسلوكية, موضحة أن التطوير كان ضروريا لتهيئة مجتمع صالح يتمتع فيه جميع المواطنين بالمواطنة والمعيشة المناسبة ومرافق وخدمات جيدة.